أدب وفنون

صلاح الطويل: يسار المغرب فقد بريقه.. والأشعري أفسد الثقافة

“صلاح الطويل” صاحب أغنية “زغروتة مغربية” هو واحد من أعمدة الأغنية الملتزمة بالمغرب، عرف الحصار والتعتيم الإعلامي في أغلب مراحل مسيرته الفنية، ورغم ذلك فقد عمل على أداء عدد من الأغاني المصنفة في خانة الفن الملتزم والمتضامن مع القضايا الإنسانية، والاجتماعية، من أهمها “البنك الدولي” “ولاد الحومة”، فضلا على أنه قام بالغناء لكن من الشاعرين أحمد مطر، وعبد الوهاب البياتي، وغيرهم.

وفي حديث مطول مع “العمق” قال صلاح الطويل إن “الوقت الذي قمت فيه بغناء “زغروتة مغربية” كنت متوقفا عن الغناء، لأنه في فترة تولي الملك محمد السادس العرش، كان من الصعب ومن العيب الغناء بطابع نقد سياسي واجتماعي، لأنه في تلك المرحلة السياسية كان هناك أمل بالتغيير الإيجابي، فتفرغت حينها لأكثر من ستة سنوات فقط للكتابة المسرحية الغنائية، والحضور في عدد من الأمسيات الثقافية، فضلا عن تأسيسي لجريدة ورقية بعنوان “الفنية” تفتح ملفات مع مسؤولين سياسيين بخصوص الفن، ومن الشخصيات المحاورة قبل صعودها لحكومة كل من عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني.

وفي دفاعه عن حضور الأغنية الملتزمة في الفضاء العمومي المغربي، أضاف صاحب “زغروتة مغربية” بأنه “لو خف بريق الأغنية الملتزمة لكنت جمعت “عودي” وابتعدت عن الساحة منذ أزيد من 36 سنة، والأغنية الملتزمة لها حضور كلما كانت الظروف تتطلب موقف فني”.

حراك 20 فبراير خدم “زغروتة مغربية”

وعن سياق الصيت الذي حققته “زغروتة مغربية” أكد الطويل أن “التاريخ الأول لحراك 20 فبراير تغير، بعد أن كتبت الصحافة آنذاك أنه يتزامن مع تأسيس “البوليساريو”، فاضطر الشباب إلى تأجيل تاريخ الخروج إلى الشارع لـ 20 فبراير، وهذا التأجيل خدم الأغنية بشكل إيجابي، لأنه اتخذت كشعار للمرحلة، فتحولت من كونها أغنية تنتقد الوضع المجتمعي وتحمل دفاعا عن عدد من المطالب الشعبية، لأغنية رمز للشعب والحراك، فتغنت بأول أمسية نضالية في الرباط بقرب ساحة البريد”.

وأضاف الطويل “الأغنية يمكن اعتبارها بمثابة وثيقة تاريخية، لأنها عملت على تأريخ مرحلة تاريخية هامة في المغرب، وهذا هو الدور الحقيقي الذي يقوم به الفن، ولا توجد أي أغنية في العالم أتت بمطالب وحققتها”، مشيرا في هذا السياق إلى عدد من الأغاني التي كانت تقدم نقدا اجتماعيا في مراحل مرت من قبيل حسين السلاوي وغنائه على أمريكا في السبعينات.

الإعلام المغربي وتشكيل الوعي

الطويل الذي قال في وقت سابق إنه سيدخل للتلفزيون يوما ما مرفوع الرأس، من دون أن يكون مجبر على دفع الرشاوى، زاد في حديثه مع “العمق” إنه “قبل سنة 2000 كان الإعلام المكتوب أقوى، ولم تكن هناك جرائد مستقلة كانت هناك جرائد المعارضة، والغريب أننا في عهد البصري كانت تُصور الأنشطة في التلفزيون، والآن كل ما في المسألة أنهم يمنعون الجمهور المغربي من المعرفة بالواقع الفعلي، ومن الوعي. الآن الإعلام الرسمي لا يمكن أن يقدم لي شيء، ولست بحاجة إليه”، وفق تعبيره.

الفنان الذي ذاع صيته أكثر مع الحراك الاجتماعي لـ20 فبراير، اعتبر أن الإنترنت قدمت له خدمة كبيرة، وقدمت دفعة قوية للإعلام المغربي عامة، “لأنه ما بعد العهد الجديد في الحكم بالمغرب، كل الأحزاب التي كانت تنتقد أصبحت في الحكومة، فأصبح بالتالي حصار أقوى على الإعلام الرسمي، رغم أنه في عهد الملك الراحل الحسن الثاني كانت هناك فرقا غنائية تنتقد الوضع وتغني للواقع الاجتماعي مثل ناس الغيوان والمشاهب ورغم ذلك كانوا يظهرون في التلفزيون”، يبرز الطويل.

وبنبرة مليئة بالخيبة من فترة سياسية عبرت مع الزمن، أضاف الطويل أن “من كانوا يقومون بمنعي بشكل حقيقي هم اليساريين الذين كنت أقوم بدعمهم، انقلبوا على الكثير من المبدعين بعد وصولهم إلى الحكومة، غير أن هناك عدد من المثقفين الذين انساقوا في خطهم الجديد وغيروا من توجهاتهم الفنية ليحصلوا على حقهم من الحكومة، وحاصروا ما سواهم”، مبرزا أنهم “حاصروني بعد ذلك حتى في العمل المسرحي، ولو كان اسمي موجودا في أي نشاط يتم محاصرته، وهؤلاء ليسوا المخزن أو السلطة، بل رفاقنا من قبل”.

20 فبراير عرت الواقع

ويؤكد الطويل في بوحه لجريدة “العمق”، أن “المفارقة الغريبة تكمن أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعملون على محاصرتي، حين أتت حركة 20 فبراير وابتعدوا عن الحكومة “نزل عليهم الذل، والمخزن ركلهم، فلم تعد لهم القدرة على الوصول إلى الجماهير مرة ثانية، وهؤلاء من بينهم شعراء وأدباء، كالجوارب لهم فترة زمنية معينة وفقط، سرعان ما يتم التخلص منهم، بعد انقضاء الحاجة”.

وأردف الطويل أنه “في الماضي كان لليسار وزن وقيمة مجتمعية ويمكن القول إن اليساريين فقط من استطاعوا الوصول إلى الحكومة عن طريق الجماهير، الآن كلهم “جامعيين وطاويين ماهوما يمين ما هوما يسار”، سيخجلون من النزول إلى الشارع، والسلطة ما عادت لها رغبة بهم، و20 فبراير قامت بتعرية الواقع، والشعارات المرفوعة الآن يحملونها نفس الأشخاص السابقين، فقط مع تغيير التسميات”.

وعن الميزات المقدمة للفن والثقافة في المغرب، ما قبل حراك عشرين فبراير وما بعده، أضاف الطويل بالقول إنه “ما قبل العهد الجديد كنت أحصل على تصريحات إقامة عدد من الأنشطة فقط باسمي الشخصي، لا أتذكر أنني قمت يوما بإظهار اسم جمعية، فكنت أحصل على الترخيص “شريطة احترام القوانين الجاري بها العمل”.

الثقافة في مغرب اليوم و”بطاقة الفنان”

وفي جوابه عن سؤال حول توفره على “بطاقة الفنان”، ضحك الطويل ملء ثغره، قائلا بنبرة ثقة: “إنني أعرف حقيقة هذه البلاد، وأعرف أن للمواطنين بطاقة “رميد” ولا يزالون يعانون في المستشفيات، و”بطاقة الفنان” لا أحتاجها، لأنني اليوم أنا رجل كبير في السن، وقمت بتأدية واجبي الفني، وعملت على إيصال صوتي إلى الناس، يكفيني احترام الناس، وأغنية “زغروتة مغربية” أخذت حقها الحقيقي من طرف الجماهير”.

وختم الطويل حديثه مع “العمق” بالقول إن “الثقافة اليوم في المغرب رديئة ومختلة، والناس المكونين لحقلها يعمهم الغباء، وفي مرحلة حكومة التناوب، وتولي محمد الأشعري لوزارة الثقافة، تم إفساد الثقافة في المغرب، لأنه حينها أتت مسألة الدعم الفني والمسرحي، وعملوا على الحد من الإبداع، والآن صفحات المثقفين مليئة بالتفاهة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *