مجتمع

فيروس “كورونا” يشل حركة بائعات القهوة بساحة جامع الفنا بمراكش

وأنت بصدد التجول، في قلب ساحة جامع الفنا، القلب النابض لمدينة مراكش الحمراء، لا بد وأن يثير انتباهك قلة الحركة، وفراغ عدد “الحلقات” التي كان يلتم عليها المغاربة والأجانب من مختلف الجنسيات، فـ”كورونا” المستجد الذي لم يترك قطاعا إلا ومسه، هاهو اليوم يبسط ذراعه بالتأثير على رواج الساحة، الكل هنا بات يشتكي من تدهور الوضع، حتى صاحبات العربات الصغيرة لبيع القهوة..

“كورونا” حرماتنا من رزقنا

بابتسامة هادئة، تقدم لك كوب القهوة، في كوب بلاستيكي أبيض، وإن ما عبرت لها عن حبك للقهوة تصر على زيادتك القهوة فوق طلبك العادي، والثمن درهمين فقط، حنان سيدة في مقتبل العمر، ذات الوزرة البيضاء، تقول “كان بعض الزبناء الكثر يحبون أسلوبي وابتسامتي، ويقدم لي فوق الدرهمين، كل وجيبه، ومدى تعبيره عن حبه لقهوتي التي أحضرها بحب، وأقدمها للزبون بكل ود، الآن نعيش ركودا، الوضع تغير، وأصبح مخيفا”.

حنان، بائعة القهوة، على عربتها الصغيرة، تزيد في حديثتها، بكل هدوء، ونظرات الشغف تلمع من عينيها “أخرج من البيت بعد صلاة العصر، بعد تحضير القهوة وتنسيمها على حقها وطريقها، وأستفتح البيع، وأستمر أحيانا إلى ما بعد منتصف الليل بقليل، إذ كانت تضج الحركة بالوافدين، العاشقين لثنائية السهر الشعبي وارتشاف القهوة “، إذ يختار الزبون الحلقة المحببة إلى قلبه، ويجلس ليستمتع، من قلب ساحة جامع الفنا، القلب النابض لمراكش، فيطلب قهوة مراكشية معطرة بالأعشاب المنسمة، لتكتمل لديه المتعة، لكن الآن بفعل تفشي فيروس “كورونا” تغير الوضع كثيرا، ونقص عدد الناس الذي ينزلون للاستمتاع هنا في الساحة، كل شخص أصبح خائفا على نفسه، وأنا كل ما يرهقني هو خوفي من الفقر، وقلة الحاجة والحيلة”.

ساحة جامع الفنا في زمن “كورونا”

وأضافت حليمة في بوحها لـ”العمق” بالقول “في السابق كان أصحاب الحلقة كينافسونا مرات فأنهم كيعطيو كاس أتاي مشحر لزبائنهم المميزين، ولكن عشاق القهوة ولو تقدم ليه ما قدمت كيجي ويطلب القهوة باش يقاد المجاج، وعموما اليوم المنافس الحقيقي لنا الذي بات يأكل رزقنا، بل يحرمنا منه هي “كورونا”، يا ريث ترجع الحركة كيف كانت”.

تزيد حليمة، التي تستمر أحيانا في بيعها للحلوى والقهوة لما بعد ساعات متأخرة من الليل، بعد أن يختار الزبائن الجلوس على الكراسي البلاستيكية، في حديثها عن سر تحضير القهوة المراكشية بالقول “القهوة مصنوعة على حقها وطريقها، مكونة من قهوة مدقوقة، والقرنفل والقرفة والزنجبيل وجوز الهند، ثم كيبقا كل زبون ومزاجه، منهم من يطلبها سوداء فقط، ومنهم من يريدها ممزوجة بالحليب، والحلويات أقتنيها بثمن أقل من ثمن بيعي لها، من قبل نساء يصنعنها في المنزل”.

حليمة، واحدة من النساء المكافحات، التي اعتمدن على ذكائهن وذراعهن للحصول على لقمة عيش في ساحة جامع الفنا، التي أغلب مكوناتها من الرجال، تساءلت “في البداية كنت أسمع كلاما يروج من هنا وها، كنت أضحك على سذاجة العقول التي تصدق كل ما يقال لها، وكنت أستحضر “حجايات” ناس زمان من قبيل الغول وما سواه، ولكن القضية طلعات بصح وأكبر من تفكيرنا، “كورونا” كالوحش الذي سيطر على العالم، دولة تلوى الأخرى، ودابا بقيينا ليه غير حنا الناس الدراوش اللي أساسا حتى رزقنا كنجيبوه من بيع القهوة للدراوش”.

من جهتهم الزوار القلة جدا الذين يعدون على أطراف الأصابع، يشكون الويل والمرار، وبات الخوف مسطرا حقيقيا على تفكيرهم، فقال جمال، شاب في متوسط شبابه أن “ساحة جامع الفنا مشات مع السياح اللي كانو كيجيو، الآن لا أحد يأتي، ودابا مع تطور الوضع في المغرب، وتسارع الأحداث، وزيادة حالات الإصابة، وارتفاع قرارات منع التجمعات، بصح ولا الأمر جدي جدا، وكلشي ولا خايف على راسو، والله يحسن عوان المسترزقين من السياحة في ساحة جامع الفنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *