مجتمع

رضا: هذه النصائح ستساعد المغاربة في اكتساب المناعة ضد كورونا

دكتور الأمراض العقلية والنفسية بمستشفى ابن رشد

حاورته: خولة اجعيفري

كيف تقرأ تعامل المواطنين أو الناس عموما مع فيروس كورونا المستجد؟

بالنسبة للمواطنين المغاربة، يمكن أن نقسمهم على فئتين، الأولى تأخذ الأمور بجدية، وبدأت في الإلتزام بالاحتياطات منذ بداية المشكل، وزادت في منسوب احتياطاتها مع المستجدات الأخيرة، أما الفئة الثانية من المواطنين فهي تستهتر بالموضوع بشكل من السخرية أو التهوين، بحيث لم يفهموا بعد خطورة وجدية الوضع وسرعة انتشار الفيروس، والفئتين معا يمكن أن نقول أن الفاصل بينهما هو درجة الوعي الذي يلعب دور كبير ثم دور التحسيس أيضا الذي تلعب فيه مواقع التواصل الاجتماعي دورا هاما وبصفة أقل الإعلام، لذلك يجب تحقيق التوازن من خلال استثمار مواقع التواصل الاجتماعي التي تقبل عليها الفئتين بشكل كبير، من أجل لعب دور التحسيس والتوعية بطرق سهلة ومبسطة لنقرب لهم حقيقة الوضع ليفهموا.

مع توالي المستجدات كيف يسع المواطنين اليوم الحفاظ على توازنهم النفسي والثبات في التعامل مع الوباء؟

أول شيء هو الالتزام بالتوصيات ونصائح وزارة الصحة والتعامل بجدية مع الموضوع، فإذا التزمنا ها عن طريق البقاء في البيت وتجنب الخروج إلا للضرورة القصوى، مع النظافة وغسل اليدين بشكل جيد، هنا يمكن أن نضعف احتمال الإصابة بالفيروس وبالتالي مباشرة التوتر يخفت، وأود الإشارة إلى أن الخوف هو أمر عادي وحمائي، فإذا الإنسان خاف بنسبة معينة سيزيد في الالتزام بالنصائح وتوصيات وزارة الصحة، وسيتعامل بجدية مع الوضع ومباشرة التوتر سينقص، وهنا يجب أن نفهم أن الخوف هو الذي يمكن الإنسان من الحياة.

كيف ذلك؟

يعني إما أن يقاوم الخطر أو يهرب منه، وفي حالتنا الفيروس لا يمكن أن نهرب منه ولكن يسعنا مقاومته وهذه المقاومة تتم عن طريق اتباع النصائح الحمائية، والخوف أشدد على أنه عادي، لكن لا يجب أن يتجاوز الحد.

في إطار الخوف دائما، لاحظنا كيف أن الخوف، أصاب الناس بنوع من “هستيريا” التهافت على المواد الغذائية كيف يمكن للإنسان ضبط انفعالاته برشد واعتدال إلى حين تخطي الأزمة؟

المشكل الذي وقع، هو أنه وبعد تنامي موجة الفيروس ببلدنا وفي نفس الوقت تكاثر الاشاعات والأخبار المغلوطة التي تم ترويجها، الإنسان بطبعة “ينفعل” على حسب عاطفته، وبالتالي يمكن فهم سلوك مجموعة المواطنين التي انفعلت بهذه الطريقة العفوية على هذا الأساس، ولم تستطع التحكم على تصرفاتها، وهذه المجموعة للأسف أثرت على مجموعة أخرى وهذا ما يمكن تسميته “l’effet de masse” أو كرة الثلج التي تبدأ صغيرة تم تكبر، الانسان يتعامى ثم يسير بـ «mode de fonctionnement»، في إطار التقليد ومادام الأخرون يقتنون بلهفة المواد الغذائية اذن وأنا يتتم علي ذلك، وهذا يدخل في المجتمع والناس تتحدث عنه وبالتالي يؤثر، وفعلا توجد فئة تأثرت وأخرى لم تتأثر وهي الفئة التي تعرف جيدا أن الوضع سحابة صيف عابرة سنتجاوزها، وأن بلدنا يتوفر على خزان كبير من المؤونة الغذائية ما سيحول دون أن نقع في الحاجة

تقاطرت الإشاعات والأخبار المغلوطة بشكل كبير مؤخرا، كيف من الممكن أن تؤثر في الصحة النفسية للمواطنين وسلوكلتهم؟ وكيف يجب التعامل مع هذا الوضع؟

سؤال وجيه، أول شيء يجب أن نعلم بأنه على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي نجد الكثير من الإشاعات والفيديوهات المفبركة التي تروج، وفي كل مرة أحدهم يكتب أخبارا لا أساس لها، وهذا ما يزيد بشكل مباشر في منسوب التوتر والخوف لدى الإنسان، لهذا على المواطنين اليوم أن ينتبهوا للمعلومات التي يصادفونها فليست كلها صحيحة، وأن يتابع المصادر الموثوقة والتي أوردتها وزارة الصحة بما فيها صفحتها التي تضم العدد الحقيقي لعدد الاصابات وأن يلتمس بالحفاظ على العادات الوقائية كي لا يكون جزءا من هذا العدد، وثاني شيء، هو أن الإنسان من المفروض عليه أن لا يبقى متابعا فقط لما يحدث على التلفاز ويبحث عن الأخبار والمعلومات بخصوص الفيروس لأن هذا يزيد من منسوب التوتر والخوف وهذا يؤثر على الصحة النفسية للأباء والأبناء والعائلة ويزرع الهلع، ومن الممكن أن يؤثر على صحته الجسدية أيضا

على ذكر الصحة الجسدية، تقول إحدى الدراسات العلمية أن الخوف يضعف المناعة البشرية، ما صحة الأمر علما أن هذا الوباء يستهدف أساسا ضعاف المناعة، ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها بهذا الخصوص؟

ما تقولينه صحيح والمعلومة التي اطلعت عليها صحيحة، ارتفاع منسوب الهلع والتوتر يؤثر بشكل مخيف على مناعة الانسان، نظرا لأنه يؤدي إلى الافراز الكبير لمادة “الكورتيزون”، يعني أول ما يمكن أن يمارسه الإنسان لتجنب ذلك هو ممارسة الرياضة في بيته، من خلال تخصيص ثلث ساعة أو نصفها، للرياضة ويوجد برامج خاصة، ثم استهلاك الفيتامين “سي” بكثرة، وعندما أقول استهلاكه لا يعني أن اقتني كمية مضاعفة من الصيدليات، لكن أن يأخذ مثلا الحامض، وفيروس “كورونا” موجود لكن هذا لا يمنع أن نخرج إلى الشرفة ونبقى تحت الشمس، ونسحب الهواء النقي، وهذه الأمور الثلاثة التي ذكرتها ممكن أن ترفع من مناعة الإنسان وتخفض التوتر.

ماهي نصيحتك للمواطنين بخصوص إدارة الانفعالات؟

الإنسان يجب أن يعرف أن طبيعته تحت الهلع والخوف تجعله يأخذ قرارات سريعة وعاطفية، وأساسها مبني على الخوف والإحساس بالخطر، وعندما نأخذ هذا القرار لا يكون مبني على أسس صحيحة أو أفكار صحيحة، وبالتالي ردات فعله تكون خاطئة، والمشكل إذا بقيت ردات فعله تتكرر ستكون بالنسبة إليه عادة، يعني في كل مرة يخاف يكثر من ردات الفعل الغير الصحيحة، وهنا يلعب الإعلام الدور الكبير في الطمأنة، والعائلة، وأن يستشير وأن لا يتبع الآخرين ممن أصيبوا بنوبات الهلع والخوف، ولا يجب أن يؤثر هذا على الناس يجب أن يطمئنوا، وأن يجاروا هذا النمط بشكل عادي، ويعتبروا تصرف الناس ونوباتهم ما هو إلا ردة فعل عادية.

كيف تنصح المواطنين باستثمار وقتهم في البيت خلال الـ14 يوما المقبلة؟

يجب أولا أن نتفاهم على أنه خلال هذه 14 يوما نحن أمام امتحان، لتغيير نمط حياتنا جميعا وذلك من خلال التخلي على نظام البيت الذي كنا نعيش عليه منذ سنوات، الان وحاليا يجب أن نعي بأنه حان التغيير، ومن أولى النصائح التي يجب أن ننبه عليها المواطنين، هو أن لا يبقوا بمناماتهم عند الاستيقاظ، يجب أن يتخلوا عن فكرة أننا فقط في البيت ويجب أن نبقى بملابس النوم، يجب أن يقسموا الوجبات إلى ثلاثة أو أربعة في اليوم تجنبا للأكل طيلة اليوم، وثاني شيء هو أن من سيعملون في البيت يجب أن يخصصوا وقتا محددا للعمل وباقي الوقت استثماره مع أطفالهم في الدراسة، ثم الرياضة، وسيكون محببا ممارسة الرياضة عند العائلة بأكملها، لأن الرياضة للأسف في مجتمعنا نجدها صعبة ولا ننضبط عليها، وهنا من الأحسن أن نستغل الفرصة ونقوم بتمارين جماعية لنص ساعة في اليوم ستكون كافية للمناعة، ثم الاسترخاء ورياضة التأمل بدورها تلعب دورا مهمة في اكتساب المناعة، وهذه الطرق تبدد الضغط النفسي والتوتر، وتساعد أيضا في أن يتحدث كل واحد منا مع نفسه وأن يتواصل معها ويمكن أن نقوم بها بعد الصلاة أو صباحا، أو بعد أن ينام الأطفال، ثم “البريكولاج” من يحب الانشطة من هذا النوع، ومن اللازم ملاعبة الأطفال ومشاركتهم في أنشطة لمساعدتهم بتبديد التوتر والخوف الذي يعيشونه بدورهم، ويحاولوا أن يتجنبوا الأخبار الرائجة، وكثرتها عن الفيروس، وذلك لمحاربة اللاتحرك الذاتي لأنها تؤدي إلى الاكتئاب، لأن الانسان عندما تسحبه من بيئته وتنقله إلى نمط جديد إذا لم يتأقلم سيكتئب ونحن وجب أن نتجاوز هذه المرحلة دون أن يكتئب المواطنون.

ماذا بخصوص الأطفال كيف يسع الأبوين تفسير هذا الوباء للأطفال والتعامل معهم بخصوص الوباء؟

سهلة، يجب تبسيط الأمور للأطفال، ويجب أن يشرحوا لهم أنه يوجد فيروس وجب الوقاية منه بطريقة صحية، أكيد سيسألون ماهو؟ وفي هذه الحالة وجب أن نشرح لهم أمور التي يجب اتباعها لحمايتهم، ثم يجب مساعدتهم وتحفيزهم على متابعة الدراسة، أي أنها ليست عطلة أو فرصة للعب، أن نحميهم من الهلع العائلي ويجب تجنب أن تكون مناقشة عائلية بجانب الأطفال كي لا يتأثروا، وأن نحافظ على صورة الأبوين التي تلعب دور مهم في حمايتهم لأنها صورة حماية، واذا شعر الأب بالقلق لا يجب أن يظهر بل أن يطمئن ابنه بالقول “لاتخف أنا معك” وهذا سيكون كافي بالنسبة للأطفال ليخفض هلعهم.

* عن أخبار اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *