مجتمع

كورونا.. هل تركت الحكومة المغاربة يواجهون مصيرهم في غلاء الأسعار؟

رغم تكرار الحكومة المغربية لشعار “لن يتأثر تزويد السوق بالخضر والفواكه”، وتنزيل استراتيجية صارمة لمراقبة الأسعار، إلا أن أصحاب “خالف تُعرف” أبانوا عن انعدام إنسانيتهم، وباتوا كتجار المآسي، يتلذذون بزيادة الأسعار، للاستفادة من هذه الوضعية الاستثنائية التي يعيشها المغرب، بعد إعلان زيادة عدد المصابين بعدوى فيروس كورونا المستجد، والدخول في مرحلة الحجر الصحي الإجباري.

وراجت الكثير من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، لمواطنين تهافتوا على اقتناء المواد الغذائية، سواء في الأسواق الشعبية أو المراكز التجارية، خوفا من انعدام المواد من السوق، وخوفا من الموت جوعا، غير مبالين بالشروط الصحية التي ينبغي تطبيقها من لدن كل من الباعة والمواطنين، للحد من تفشي الجائحة، بل بادر الباعة في عدد من المناطق لخلق أسواق شعبية جديدة بديلة، بعد منع السوق الأسبوعي من قبل السلطات، كما حصل بمدينة بوزنيقة.

خوف المواطن سبب الغلاء

نجية مواطنة مغربية في مقتبل العمر، تقطن بمنزل بقلب سوق شعبي في مدينة الرباط، عبرت بغضب في حديثها مع جريدة “العمق” بأن “الخضرة كانت كتشهي بثلاثة دراهم فقط، الآن المارشي كيخلع، البصل اشتريته بـ 10 دراهم للكيلو، وهناك من يبيعها بـ 13 درهم، كما لو أن المواطنين لم يتسوقوا يوما في حياتهم، رأيت أناسا بأم عيناي تشتري الخضر بلهفة، بل بلهطة، من 10 كيلو فما فوق”.

ثم استرسلت نجية، التي تراقب وضعية الأثمنة يوميا من نافذة منزلها، “المواطنين هم السبب في هذا الغلاء، لأن خوفهم من الجوع صار أعظم من خوفهم من المرض، وتهافتهم على الأسواق، جعل البائعين يرفعون الأثمنة لتصير بعد سويعات قليلة تشتعل نارا”.

وأردفت المتحدثة نفسها بحرقة عارمة، لتدافع عن طرحها القائل بأن المواطن هو السبب في غلاء الأسعار “كان ثمن الدجاج هذه الأيام بـ 12 درهم، ولم يكن الإقبال عليه بشدة، اليوم أصبح ثمنه فجأة يتعدى 15 درهم”.

ورغم إبلاغ السلطات لمحلات البقالة بإخبار الزبائن بلائحة أثمنة المواد الغذائية، وإعلان لجنة اليقظة الاقتصادية لرقم للتبليغ عن غلاء الأثمنة، إلا أن عدد من “الحوانت” لم يلتزم بالأمر، وفق ما صرحت به المواطنة سهام، ابنة حي يعقوب المنصور بالرباط، مشيرة في سياق حديثها “حشومة هادشي اللي واقع، يكفينا الرعب الذي نعيشه جراء تفشي الفيروس، ليأتي الباعة ويصفعوننا برعب من نوع آخر، كل شيء زاد ثمنه، أنا التي لم أستجب لدعوات المواطنين للتهافث على الأسواق من أجل تخزين المواد الغذائية، أصبت برعب حين خرجت هذا الصباح، أبسط شيء ثمن الثوم وصل لـ 60 درهما للكيلو، وهذا شيء لا يعقل”.

واستمرارا في الحديث عن “مول الحانوت”، نبهت النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بالرباط، بداية الأسبوع الجاري، بأن “مادة السكر غير متوفرة لدى تجار نصف الجملة والصغار، وأن على بعض شركات الدقيق التي لا تزود التجار، بهذه المادة، وتوجه كل خدماتها نحو الأسواق الكبرى، تساهم بخلل في السوق وتداركه واجب، باعتبار “مول الحانوت” الأقرب للمواطنين وميزان قياس التوازنات”.

ودعت النقابة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، التجار بضرورة أخذ فاتورة أو بون يتضمن ثمن الشراء من الشركة لتفادي الاصطدام مع الزبناء، ومع لجان مراقبة الأسعار التابعة للقسم الاقتصادي، وضرورة أخذ بون للتزود من طرف شركات الغاز، ووقف التعامل مع كل شركة لا تقدم أي وثيقة تثبت ثمن تزود البقال بمنتوجاتها، مع إبلاغ الكتابة الإقليمية بكل التغيرات التي تطرأ على ثمن كل المواد الغذائية.

غلاء عم الأرجاء

ليست المواد الغذائية وحدها التي مسها الغلاء، وشهدت ارتفاعا صاروخيا في الأثمنة، بل كذلك مواد التنظيف والمعقمات، إذ تمكنت السلطات المحلية بإقليم سيدي سليمان، يوم الأربعاء المنصرم، من توقيف سيارة خفيفة محملة بمواد للتعقيم، تستعمل للوقاية من فيروس كورونا المستجد، عمد صاحبها إلى زيادة غير مبررة في أثمنتها.

موجه الغلاء همت أيضا وسائل النقل العمومي المتمثلة في حافلات النقل بين المدن والطاكسيات. وعن هذه الأخيرة قال موظف في القطاع العام لجريدة “العمق”: “بعد قرار السلطات بأن على الطاكسيات من الحجم الكبير أن يقلوا فقط 3 ركاب، تفاجئت هذا الصباح بأن الطاكسي يقل ستة، وحين ناقشته في الأمر قال لي، خلي الركاب تدفع عشرة دراهم للمكان ولن أتجاوز ثلاثة، وكأنه غير مبالي بقرار السلطات، وغير خائف من المرض الذي قد تصله عدواه، أو قد تصل لأحد الركاب بفعل الازدحام”.

وفي السياق ذاته، كشفت اللجنة الوزاراتية المكلفة بتتبع التموين والأسعار وعمليات مراقبة الجودة والأسعار، صباح هذا اليوم، أنه جرى مراقبة 24.205 محلا للبيع بالجملة وللتقسيط ومستودعات التخزين، خلال الفترة الممتدة من فاتح إلى 25 مارس 2020، أفضت إلى تسجيل 596 مخالفة في مجال الأسعار وجودة المواد الغذائية.

وأوضحت اللجنة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن هذه المخالفات، تضم 390 مخالفة بعدم إشهار الأثمان، و122 مخالفة متعلقة بعدم الإدلاء بالفاتورة، و40 مخالفة تمثلت في عدم احترام معايير الجودة والنظافة و33 مخالفة خاصة بالزيادة الغير المشروعة في الأسعار المقننة وثلاث مخالفات متعلقة بالادخار السري، فضلا عن 10 مخالفات مختلفة، وقد تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد المخالفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *