مجتمع

بعد فيديو “العمق”.. أوامر عليا تعجل بحل مشاكل المستشفى الجامعي بمراكش

CHU Marrakech

علمت جريدة “العمق” من مصادر موثوقة، أن إدارة المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش دخلت في حالة استنفار من أجل حل مجموعة من الإشكالات التي كانت المؤسسة الصحية تتخبط فيها، والتي كانت تهدد سلامة الأطر الصحية والمرضى في ظل انتشار جائحة “كورونا” المستجد.

وأبرزت مصادر “العمق” أن إدارة المستشفى تلقت تعليمات وصفت بـ”الصارمة” من طرف الوزارة الوصية على القطاع، بناء على تعليمات “عليا”، من أجل التحرك العاجل لوضع حد للاختلالات التي من شأنها التأثير على المخطط الوطني لمواجهة انتشار فيروس “كوفيد19″، كما دخلت ولاية جهة مراكش آسفي على خط الأزمة بشكل مباشر لتتبع الوضع بالمركز الاستشفائي الجامعي.

حالة الاستنفار التي شهدها المركز الاستشفائي بالمدينة الحمراء، أسفرت عن إمداد الأطر الصحية بالتجهيزات والمستلزمات الطبية، ووسائل التعقيم والحماية، كما تم توزيع على العاملين ألبسة واقية ونظارات طبية وكمامات.

ودخلت إدارة المركز مرحلة السرعة القصوى في تجهيز مستشفى الرازي بعدد من المعدات، كما بدأت مجموعة من الأجهزة تصل إلى مستشفى ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي.

إلى ذلك، علمت جريدة “العمق” أن الإدارة شرعت في هيكلة اللجان العلمية المشرفة على تدبير أزمة “كوفيد19″، بالمستشفيات التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي، وهي النقطة التي كانت محط انتقادات نقابية للإدارة.

وعبرت أطر صحية في حديث مع جريدة “العمق”، عن ارتياحها للأجواء التي أصبحت عليها المستشفيات المخصصة لمواجهة داء “كوفيد19” ابتداء من صباحا اليوم الخميس، كما شددت على ضرورة الاستمرار على نفس النهج وعدم وقوع أي تراخي في الأيام المقبلة خصوصا وأن الوباء قد يدخل مراحل متقدمة تستدعي مستوى أكبر من اليقظة والتعبئة للتمكن من الحد من آثاره.

وأفاد المتحدثون لجريدة “العمق” أن جزء من العاملين بالمصالح المعنية بمواجهة “كوفيد19” استفادت مؤخرا من الإيواء، مطالبين بتسريع العملية لتشمل جميع العاملين بالمصالح المهددة بالفيروس المذكور، وكذا إلى “إبعاد الحسابات الهامشية” عن تدبير ملف الإيواء.

“اختلالات” بالجملة

وسبق لجريدة “العمق”، أول أمس الثلاثاء، تسليط الضوء على مجموعة من “الاختلالات” التي يعاني منها المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، حيث شدد عاملون بالمؤسسة الصحية المذكورة على أن “الأطر تشتغل “الأطر تشتغل في وضعية غير صحية”، كما اشتكوا “الزبونية والفساد في تدبير بعض الملفات.

معلومات موثوقة حصلت عليها جريدة “العمق”، أشارت إلى أن عاملين في مصالح “بعيدة” عن الإصابة بفيروس “كوفيد19” استفادوا من الإيواء في فنادق خمسة نجوم، فيما تم “حرمان” مجموعة من الأطر الصحية التي تعمل في مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة التي تعد خط التصدي الأول لانتشار فيروس “كورونا” المستجد، وفي كذلك في قسم مقاومة الصدمات بمستشفى ابن طفيل بمراكش وهو القسم المسؤول على إنعاش المرضى في وضعية خطرة بما فيهم المصابين بفيروس “كورونا”.

مصدر مطلع أفاد في حديث لجريدة “العمق”، أن الأطباء اضطروا إلى اقتناء نظارات من محلات عقاقير من أجل استخدامها للوقاية من فيروس كورونا، رغم أنها نظارات تخص مهن النجارة وما يشبهها وليس طبية، وأرجع سبب ذلك إلى “عدم توفير” الإدارة للطاقم الصحي المعدات الضرورية لذلك.

 

رمي الأطر الصحية إلى التهلكة

مراسلة من النقابة المذكورة إلى مدير المركز الاستشفائي محمد السادس، اعتبرت أن الإدارة “رمت بالأطر الصحية إلى التهلكة”، وانتقدت بشدة ما اعتبرته “العشوائية الكبيرة في تدبير الصيدلية المركزية مما تسبب في سوء توزيع المستلزمات الطبية لحماية الأطر الصحية وغيابها في بعض المستشفيات التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي بمراكش مما قد يؤدي لهلاك الأطر الصحية وذويهم”.

وأضافت المراسلة التي تتوفر “العمق” على نسخة منها، أن الإدارة “تخلت” عن أدوارها بـ”غيابها المستمر وعدم تواصلها مع الأطر الصحية في هذه الظرفية”، موضحة أن هذا “ظهر جليا في تدبير ملف السكن والنقل للأطر الصحية العاملة على جبهات المواجهة الأمامية مع الوباء”.

واتهمت المراسلة التي وجهت نسخة منها إلى كل من ولاية جهة مراكش آسفي ووزارة الصحة، إدارة المستشفى الجامعي بـ”الإرتجالية في تحديد مسارات المرضى COVID19 أو المشكوك في إصابتهم داخل مستشفيات المركز الاستشفائي الجامعي بمراكش”.

كما اعتبرت أن تدبير الموارد البشرية يشهد “فوضى” في هذه الظرفية الاستثنائية “خاصة في ما يخص الرخص المرضية والملفات الطبية التي أصبح البعض يستغلها للتهرب من العمل في هذه الظروف العصيبة التي يمر منها الوطن”.

وانتقدت الأطر الصحية في الوثيقة ذاتها “غياب التنسيق بين المديرية الجهوية والمستشفى الجامعي بمراكش حول تدبير وباء كوفيد19″، وكذا “اختيار الإدارة للحلول الترقيعية معرضة حياة المرضى و الأطر الصحية للخطر من أجل إعادة فتح بناية ابن طفيل المغلقة منذ أكثر من سنتين والاستمرار في تضييع الوقت بدل البادئ في تركيب المصعد وحل المشكل بطريقة”.

“سوء” معاملة مرضى “كورونا

ويذكر أن مقطع فيديو لمريض مصاب بفيروس “كورونا” يتلقى العلاج بمستشفى محمد السادس بمراكش، كشف “غياب الرعاية والاهتمام” بالنسبة للموضوع في الحجر الصحي بالمستشفى المذكور.

وقال صاحب الفيديو، إنه تلقى في بداية الأمر تعاملا ممتازا حينما كان في مركز صحي بحي المامونية وسط مدينة مراكش وذلك في انتظار توصل الطاقم الطبي بنتائج التحليل بشأن حالته.

وأضاف أنه بعد تأكد إصابته بالمرض، تم نقله إلى مستشفى محمد السادس، حيث انطلقت معاناته منذ وصوله إلى المستشفى، إذ تم وضعه في سرير كان مريض قد غادره لتوه وما زال يحمله أثره بما فيها نفاياته.

وأشار إلى أن معانته انطلقت منذ ذلك الحين، حيث تم منعه من الحمام ومن مغادرة غرفته، مبرزا أنهم منحوه إناء بلاستيكيا من أجل التغوط، ومنعوا عنه الماء المعدني الخاص بالشرب، معددا في الفيديو كثيرا من تفاصيل معاناته.

وختم المريض حديثه بالبكاء، حينما قال إنهم منعو عنه الإناء البلاستيكي الذي كان يتغوط فيه، وأجبروه على التغوط أمامهم عاريا في صندوق كان بغرفته، مرددا بقوله وهو يذرف الدموع: “ردوني حمار”.

إدارة المستشفى توضح وتتجاهل

وبعد الجدل الذي أثاره مقطع فيديو المذكور، خرج المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش عن صمته، واعتبر أن “بعض مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت أخبارا مغلوطة”، وقدمت الإدارة توضيحات تخص وضعية المرضى عموما وتجاهلت في توضيحها الحديث عن الفيديو المذكور.

وقالت إدارة المستشفى في بيان توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، إنها “تؤكد إدارة المركز الاستشفائي على كل المجهودات المبذولة من طرف كل العاملين و ذلك للسهر على راحة المرضى مع توفير كل الوسائل المتاحة حسب ما هو مسطر من طرف وزارة الصحة وما هو معمول به للتكفل بهده الحالات”.

وأوردت الإدارة أن “كل مريض له غرفة مجهزة وبها مرحاض داخلي والأفرشة الضرورية لتوفير سبل الراحة الممكنة علما أن كل المصالح المخصصة لاستشفاء هذه الحالات توجد بمستشفى الرازي الذي بدأ الاشتغال به سنة 2014 و يتوفر على بنية تحتية حديثة سواء من حيث الأسرة، الأغطية أو المعدات وكل المرافق الضرورية”، على حد تعبيرها.

وأضافت إدارة مستشفى مراكش أن خدمة إطعام المرضى “مفوضة لشركة متخصصة في هذا الميدان وأن الأطقم المتخصصة في علم التغذية هي التي تسهر على بلورة قائمة الوجبات حسب الحاجيات الملائمة لحالات المرضى أخدا بعين الاعتبار الجانب الصحي، وأنه يتم توزيع الوجبات في الوقت المحدد في دفتر التحملات”.

وختمت إدارة المستشفى بيانها التوضيحي، دون الحديث عن فيديو المواطن المغربي المقيم ببريطانيا الذي اشتكى الإهمال، بالتأكيد على “أن المستشفى يبذل كل الجهود المتاحة لتحسين ظروف التكفل بالمرضى مع توفير كل الوسائل لذلك، مع الحرص على توفير سبل الراحة أخدا بعين الاعتبار طبيعة المرض لمساعدتهم على اجتياز هده المحنة خاصة فيما يتعلق بالجانب النفسي لكون المريض يعاني من العزلة بمفرده داخل الغرفة و لمدة طويلة وهذا في حد ذاته يزيد من توتر المرضى”.

حقوقيون يدخلون على الخط

من جهتها، أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “تخبط” مستشفيات مراكش في “مشاكل عديدة”، وكذا “ضعف” البنيات التحتية بالمؤسسات الصحية بالمدينة الحمراء، سواء التابعة للمندوبية الجهوية للصحة أو التابعة لإدارة المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، مطالبة بالتدخل العاجل لعلاج الوضع وكذا بفتح تحقيق في مضامين الفيديوهات التي اشتكى خلالها مواطنون من معاناة في الحجر الصحي.

وأبرز فرع المنارة للجمعية الحقوقية في مراسلة إلى رئيس الحكومة ووزير الصحة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها، أن مدينة مراكش “تعرف اختلالات في المنظومة الصحية”.

كما اعتبرت أن الظرفية الحساسة التي فرضها انتشار وباء “كورونا” رفعت من “معاناة واحتجاجات الأطر الصحية ومطالبها بتمكينها من الجاجيات والمستلزمات الضرورية للقيام بمهامها”، كما حذرت المراسلة من انتشار فيروس “كوفيد19” بين الأطر الصحية معتبرة أن ذلك “سيؤدي إلى الإفلاس التام للخدمات وانهيار المستشفيات”.

وطالبت الجمعية في مراسلتها لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بالتحقيق بشكل عاجل في الأشرطة المسربة والمنشورة على نطاق والتي تتعلق بوضعية مرضين يزعمان تعرضهما لسوء والمعاملة  والإهمال أثناء التكفل بهما بالمستشفى، وكذا في انتشار “مزاعم حول الزبونية في الاستفادة من التحاليل المخبرية حول الوباء”.

كما دعت إلى الاستجابة الفورية لكل المتطلبات المتعلقة بتوفير شروط السلامة والصحة للأطر الصحية بكل المستشفيات، والرفع من درجات الوقاية بالمستشفيات، وإعطاء أهمية قصوى للعاملين مباشرة مع المصابين أو المحتمل اصابتهم بفيروس “كوفيد19”.

وشددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مراسلتها على “اعتماد أساليب الحماية والوقاية خاصة داخل أقسام المستعجلات العاملة في العلاجات والتدخلات الطبية خارج مجال كورونا، واعتماد العزل السريع للمشتبه فيهم حمل الفيروس”، وعلى ضرورة “توفير  قاعات خاصة مجهزة لاستراحة الأطر الصحية لتخفيف الضغط عنها أثناء القيام بمهامها”.

ودعت إلى توفير كل وسائل ومستلزمات التعقيم والتنظيف في مختلف المستشفيات والمرافق الصحية، وكذا لتزويد الصيدليات بالمستشفيات بكل المتطلبات والمستلزمات التي تحتاجها الأطر الصحية المزاولة لمهامها، وترشيد خدمات الصيدلية المركزية بالمركز الاستشفائي الجامعي”.

وطالبت المراسلة ذاتها، بفتح تحقيق حول “ما يروج من غياب الشفافية والوضوح حول إجراءات إيواء الأطر الصحية بعيدا عن أسرهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *