مجتمع، مغاربة العالم

بين الموت والاختفاء .. أزمة كورونا تعمق معاناة أمهات مهاجرين مغاربة (صور)

لم تكن تعلم الحاجة صفية أن لحظات وداعها لإبنها أشرف نهاية شهر غشت الفارط كانت الأخيرة، وأنه صعد يومها لطائرة ستقله لإيطاليا، حيث سيلقى حتفه والعشرات من المهاجرين المغاربة على يد سفاح متسلسل لا يفرق بين هذا وذاك، إلا بالكثير من المناعة والقيل من الحظ.

لقاء مؤجل

بكلمات مؤثرة وبعد صمت طويل، بدأت الحاجة صفية تسرد قصة وداعها لإبنها الأصغر لجريدة “العمق” ، تقول إنها توصلت بخبر وفاته عبر اتصال هاتفي من صديقه “لم أصدق الخبر في بادئ الأمر.. لكن دموع الشاب كانت تأكيدا لا يقبل الشك”.

وتضيف المتحدثة ذاتها أنها كانت تنتظر لقاء ابنها ذو السابعة والعشرين عاما، ليقضي رفقتها شهر رمضان “كان من المقرر أن يجيء للمغرب منتصف أبريل وكنا نستعد لذلك، لكن كورونا حرمتنا منه وحرمتنا حتى من دفته والبكاء عليه.. الغربة صعبة والأصعب منها الموت وكلاهما فتكا بابني الذي كان يعاني من الربو”.

سفير المغرب بإيطاليا يوسف بلا، كان قد أعلن في السادس من أبريل الجاري وفاة 23 مهاجرا مغربيا إثر إصابتهم بفيروس كورونا المستجد، وأكد المتحدث ذاته أن الجثامين دفنت في مقابر إسلامية، وراعت طقوس الدفن المتعارف عليها في الدين الإسلامي.

أحفاد عالقون

ليس بعيدا عن الحي الذي تقطنه الحاجة صفية، وبالضبط في حي الخوادرية بمدينة خريبكة المعروفة بهجرة الكثير من شبابها لأوروبا، تعيش سعيدة مربوح نفس تفاصيل القصة، حيث ودعت ابنتها رشيدة عبر اتصال بالفيديو “اتصلت بنا قبل نقلها للمستشفى بعد تأكيد إصابتها بفيروس كورونا وقالت إنها لا تستطيع تحريك رجليها.. تركت أبنائها الثلاثة مبتسمة وعادت لهم في صندوق”.

رشيدة، مهاجرة مغربية كانت تعمل بأحد شركات التنظيف ببلجيكا، ويرجح أنها أصيبت بالعدوى أثناء عملها، تقول والدتها لجريدة “العمق” إن تفكيرها في الوقت الحالي مشغول بأحفادها وتأمل أن يتم إعادة فتح المطارات في أقرب وقت، لعل لقائهم يواسيها في فقدان فلذة كبدها.

سفير المغرب ببروكسيل، محمد عامر أكد في الثامن عشر من أبريل الجاري، أن 97 مهاجرا مغربيا مقيما ببلجيكا لقوا حتفهم إثر إصابتهم بفيروس كورونا كوفيد 19، وأنه اتصل بشكل شخصي بالأسر قصد تقديم التعازي والإعراب عن دعم السفارة في هذه الظروف الأليمة.

اختفاء بطعم الموت 

ولأن معاناة أمهات المهاجرين المغاربة واحدة، مازالت نزهة الصفواني تحاول وبكل الطرق الممكنة التواصل مع ابنها كريم، المقيم بولاية نيويورك، بؤرة انتشار فيروس كورونا بالولايات المتحدة الأميريكية ” انقطع تواصله معنا منذ منتصف مارس، ولا نعلم لحد الساعة ما إذا كان حيا أو ميتا”.

وتردف نزهة :”صحيح أن جميع الأخبار الواردة من هناك، تؤكد أن شيئا ما أصاب ابني، لكنني مازلت متشبتة بالأمل وأحاول التواصل مع كل من يستطيع مساعدتي وأتمنى أن تحصل المعجزة ويجيبني على هاتفه يوما ما ويخبرني أن كل شيء بخير كما كان يفعل دائما”.

أما في أمريكا، فقد بلغ عدد المتوفين في صفوف المصابين بفيروس كورونا إلى 45,967 ألف، ولا توجد أرقام رسمية دقيقة عن أعداد المهاجرين المغاربة من بينهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *