منتدى العمق

التعليم عن بعد

مسألة التعليم عن بعد وحسب ما تتبعته من خلال الخرجات الإعلامية للوزير أو بلاغات الوزارة، فإن هذه الأخيرة تعتمد في تقييم نجاح هذا الورش المهم في فترة الطوارئ الصحية أو على الأقل رصد حصيلته – والذي أشاد الجميع بسرعة تطوره- على الأرقام؛ أي عدد الموارد الرقيمة المتاحة، ونسبة الولوج إليها من طرف المتعلمين سواء من خلال المنصات والأقسام الافتراضية المرصودة لذلك أو من خلال القنوات العمومية المخصصة لعرض الدروس، ورغم هذه الأرقام التي تقدمها الوزارة والتي تتعلل بها في اعتبار أن عملية التعليم عن بعد تتم بشكل جيد وفي تطور أو كما قال الوزير: إن ما احتجنا لسنوات للقيام به تم إنتاجه في هذه الظرفية العصيبة وفي فترة قصيرة… نعم رغم كل هذه البوادر الإيجابية التي يلزم أن نشيد بها، لكن أظن أن عملية تقييم نجاح ومدى فعالية التعليم عن بعد ينبغي أن تراعى فيها أمور أخرى أكثر أهمية من مسألة الأرقام وهي مدى استفادة التلاميذ من هذه الدروس، وقدرتهم على استيعاب مضامينها من خلال هذه الوسائل الحديثة، ومستوى تحقق الأهداف البيداغوجية المرصودة لها، وهذا في نظرنا لن يتحقق دون إشراك الأساتذة في تقييم حصيلة التعليم عن بعد في الفترة الماضية، ثم وبشكل أهم لا ينبغي إهمال تقييم مدى تأثير الدراسة عن بعد والوسائل المتبعة فيها على صحة المتعلمين النفسية السلوكية والجسدية… خاصة وأن شريحة كبرى منهم حديثة العهد بالتكنولوجيا الحديثة، وبشكل أدق تلاميذ القرى والتلاميذ في وضعية اجتماعية هشة، هذا إن توفرت لهم أصلا وسائل تمكنهم من الولوج إلى الموارد الرقمية والتواصل الفوري مع أساتيذهم إسوة بزملائهم، ثم إن جل المتعلمين في منظومتنا – التي نعلم جميعا ما يعتريها من أعطاب في حالتها العادية – أكاد أجزم أنهم لأول مرة يسمعون بالتعليم عن بعد ناهيك عن أن يتمدرسوا وفقه، إن الفترة الماضية أعتبرها – في أغلبها – فترة لإزالة الدهشة والاستئناس إن صح التعبير.

إن الحالة التي يعيشها مجتمعنا اليوم، ومعه كل الانسانية، تفرض ضغوطا نفسية هائلة على الفرد والمجتمع ينبغي مراعاتها في أي برنامج تعليمي سيعتمد خاصة إن كان موجها لفئة التلاميذ الذين هم أطفال بالأساس، لذلك أظن أن مسألة التعليم عن بعد – خاصة بشكلها الحالي اليومي والروتيني الخالي من كل أشكال التنشيط والمواكبة النفسية إلا مع اجتهادات بعض الأساتذة – تفرض تحديات وصعوبات نفسية واجتماعية قد يكون لها تأثير سلبي على المتعلمين كما الأساتذة، خاصة مع قرار تمديد حالة الطوارئ لشهر إضافي، أي ما يعني استمرار التعليم عن بعد لشهرين متتاليين وبشكل يومي لمدة رغم أنها لا تتجاوز أربع ساعات في اليوم ولكن تلك الأربع ساعات وفي ظل الظروف الحالية ومع الالتزام بإجراءات حالة الطوارئ وما يتطلبه ذلك من بقاء في البيت؛ قد يكون لها تأثيرات جانبية سلبية نتمنى أن تراعى في تقييم هذه العملية واتخاذ إجراءات مناسبة لتجويد العملية، مع العلم أيضا أن التلاميذ ومنذ عطلة متتصف السنة الدراسية لم يستفيدوا من فترة راحة.

اليوم أرى أنه مر وقت كافي لتقوم الوزارة بتقييم عملية التعليم عن بعد، بشكل عميق وآني تراعى فيه كل الظروف التي أشرنا إليها من أجل ضمان نجاح هذا الورش البيداغوجي الذي نريده أن ينجح وتقطف ثماره حتى فيما بعد كورونا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *