مجتمع

ابتدائية القنيطرة: السرقة في ظل الطوارئ الصحية جناية وليست جنحة

ريم بنداود
في حكم مبدئي للمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، اعتبرت هذه الأخيرة أن ارتكاب سرقات خلال فترة الطوارئ الصحية التي يعيشها المغرب تعتبر جنايات، واعتبرتها كارثة بمفهوم الفصل 510 من القانون الجنائي، مما يؤدي إلى تغيير وصفها من جنحة إلى جناية.

وأصدر عبد الرزاق الجباري القاضي بالمحكمة الإبتدائية بالقنيطرة، حكما بعدم الاختصاص، وإحالة القضية على نظر غرفة الجنايات.

وتعود تفاصيل هذا الملف إلى تاريخ 02 أبريل 2020، حينما أوقفت عناصر الشرطة، عددا من الأشخاص الذين خرقوا قرار حظر التنقل، المتخذ نتيجة حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها الدولة للحد من تفشي فيروس كورونا.

وحسب الحكم القضائي الذي يتوفر “العمق” على نسخة منه، تم العثور أثناء عملية تفتيش السيارة التي كانوا يستقلونها، على كيس يحتوي على كبش كبير، كما تم اكتشاف أن الإطار الهيكلي للسيارة مزور ومنقوش بطريقة يدوية، وقد أسفر تفتيش المشتبه فيهم جسديا، على العثور بحوزة أحدهم على مبلغ 3.214,00 درهم.

وحسب المصدر ذاته، بعد فتح بحث في القضية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، اعترف المتهم الأول أن “الكبش” الذي ضبط بحوزته، متحصل عليه من عملية سرقة قام بها بمعية رفيقه، منذ حوالي ثلاثة أيام، موضحا أن أحد الأشخاص قدم الى منزله مبديا رغبته في اقتناء كبشين. وبحكم أنه لا يتوفر على أغنام، طالبه بإمهاله بضعة أيام، حينها راودته فكرة البحث عن كبش من أجل السرقة، فعرض الفكرة على رفيقه الذي رحب بها.

وأضاف المتهم، أنه أخذ عربته المجرورة بحصان، وتوجها معا نحو القرية، فشاهدا قطيعا من الأغنام بدون راع، فنزلا من العربة، وقاما بسرقة “الكبش” المحجوز، ووضعاه داخل كيس جلباه منذ البداية معهما تحضيرا لعملية السرقة، ثم اتصلا برفيقهم الثالث، وأخبراه بنجاح عملية السرقة، وطلبا منه تحديد مكان اللقاء به، قصد تسليم الكبش مقابل مبلغ مالي، مشيرا أنه، وبعد تحديد هذا الأخير لمكان اللقاء، وبمجرد ما أن سلمه “الكبش” موضوع السرقة، قام بوضعه داخل الصندوق الخلفي للسيارة، تفاجؤوا بعناصر الشرطة وهي تحاصرهم.

وتم الاستماع إلى المتهم الثاني الذي أكد نفس تصريحات زميله، كما اعترف المتهم الثالث بأنه طلب من المتهم الأول شراء كبش منه، نافيا علمه بموضوع السرقة.

في مناقشتها لحيثيات هذا الحكم، اعتبرت المحكمة أنه ثبت لها من خلال تصريحات المتهمين في محاضر الشرطة القضائية وأمام النيابة العامة، ومجموعة من القرائن الأخرى أنهم قاموا بفعل الاختلاس عن طريق استيلائهما على كبش كبير في ملك أحد الرعاة، وفي غفلة منه، بُغية بيعه للمتهم الثالث.

وانتهت المحكمة إلى أن القضية تشكل جناية وليس جنحة، معللة هذا الحكم أنه “كلما اقترن فعل السرقة، حسب الفصل 510 من القانون الجنائي، بظرف واحد من الظروف المنصوص عليها بذات الفصل، إلا وتشددت العقوبة، وتغير وصفها، وأصبح ذا صبغة جنائية وليس جنحية، ومن تلك الظروف: تعدد الفاعلين بشخصين أو أكثر، وارتكابها في وقت كارثة من الكوارث”.

المحكمة ذاتها، عللت هذا الحكم المبدئي بكون “عملية السرقة ارتُكبت أثناء حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها من بمقتضى مرسوم الطوارئ، والناتجة عن التهديد العام لحياة الأشخاص وسلامتهم جراء انتشار “جائحة” فيروس كورونا، بالإضافة إلى أن هذا الأخير يعد “كارثة” بمفهوم الفصل 510 من القانون الجنائي، وذلك بالنظر لما أحدثه انتشاره في نفوس المواطنين من هلع، واضطراب يعجز معهما عليهم حماية ممتلكاتهم، خصوصا أمام إلزامهم قانونا، وفق المادة الثانية من قانون الطوارئ، “بمنع مغادرة محال سكناهم إلا في حالات الضرورة القصوى، وبشروط ضيقة ومحصورة، تحت طائلة العقاب الجنائي”.

وأضافت أن مسألة “الاختصاص النوعي”، هي من صميم النظام العام، ويتوجب على المحكمة، كلما تبين لها أنها غير مختصة نظرا إلى ظروف وملابسات القضية، أن تثير ذلك من تلقاء نفسها، مصرحة بعدم الاختصاص للبت في القضية، مع إحالة المتهمين على غرفة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للقانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *