مجتمع

أخصائي نفساني: التعليم عن بعد يولد الضغط .. وسنة بيضاء ستكون مفيدة للجميع

اعتبر الطبيب النفساني والباحث في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي، جواد مبروكي، أن سنة بيضاء في قطاع التعليم “ستكون مفيدة للجميع بالمغرب”، مشيرا إلى أنه ضد التعليم عن بعد خلال الحجر الصحي “لأنه يولد الكثير من الضغط العصبي على التلاميذ والطلاب والمعلمين والآباء، ومن الواضح أن القلق المزمن يولد بدوره اضطرابات نفسية وجسدية”.

وقال مبروكي في تحليل له، توصلت به جريدة “العمق”، أن التعليم عن بعد يُعد “اختيارًا متعمدًا للآباء أو البالغين لأسباب أيديولوجية أو جغرافية، ومن ناحية أخرى لا يمكن أن يكون فرض التعليم عن بعد في زمن الحجر الصحي بدون عواقب نفسية ضارة لكل من الأطفال والعلاقة بين الوالدين والأبناء”، وفق تعبيره.

فبخصوص “العواقب الوخيمة” على تلاميذ التعليم الابتدائي، قال مبروكي إنها تتجلى في “القلق الشديد واضطراب النوم والأكل والاضطرابات السلوكية مثل الأرق الحركي والنقاشات والمعارك بين الإخوة والأخوات”.

وأضاف: “يصبح الوضع معقدًا عندما يجبر الآباء الأطفال على حضور الفصول الدراسية عن بعد والقيام بواجباتهم، وبالتالي يصبح التعلم موضوعًا للنزاع والصراع. ولا ننسى وللأسف أن التربية المغربية عنيفة في الأيام العادية، ولذا أتخيل كم سوف يزداد العنف شدته خلال هذا الحجر الصحي وبسبب التعليم عن بعد”.

وأشار إلى أن الطفل “يجد صعوبة بالغة في تصور الوباء والحجر الصحي، وبالنسبة له لا يفهم لماذا اختُطف من مدرسته وأصبح رهينة في المنزل في حين نرى حتى الراشد نفسه لا يدرك بالفعل دور الحجر في مكافحة الوباء من خلال عدم احترامه لشروط الوقاية، فكيف نريد أن يتصور الطفل ذلك ويتأقلم مع هذا الوضع الجديد؟”.

وشدد على أنه مع التعليم عن بعد “نخاطر بتدمير الطفل وسوف يكره بأكثر المدرسة والمعلم والتعلم. نحن ننشئ بهذه الخطة جيل جديد لا يدمره كوفيد-19 ولكن ندمره نفسانيا بأنفسنا”، على حد قوله.

وتابع قوله: “كان إعفاء أطفال المدارس الابتدائية من هذا التعليم عن بعد أفضل، مع إعطاء الأولوية لممارسة الألعاب وتوطيد العلاقة العاطفية بين الآباء و الأبناء ونبحث ونتساءل عن حاجيات الأطفال أثناء هذه الأزمة وأنا على يقين أنهم لا حاجة لهم حاليا بالتعليم عن بعد قدر ما هم في حاجة للاطمئنان والأمان والعطف والحنان”.

وأردف مبروكي بالقول: “ألا يُعلمنا كوفيد-19 درسًا رئيسيا للحياة؟ أليس هو التوقف عن هذا السباق المحموم والجلوس والتشكيك في أسلوب حياتنا الذي يتسارع يومًا بعد يوم؟”.

وتسائل في نفس الصدد: “هل التعليم مصنع للأدمغة ويجب أن يحقق أرباحا مالية؟ وماذا سيقع لو أضاع التلميذ سنة أو سنتين أو أكثر في مساره الدراسي؟ هل نسعى إلى تكوين جيل من الروبوتات أم جيل متزن نفسانيا يحب وطنه ويسعى إلى خدمة مجتمعه؟”.

وبخصوص “العواقب الوخيمة” على طلاب الجامعة، حسب رأي مبروكي، فإن “العديد من الطلاب يُصابون بالاكتئاب لأنهم يتابعون الدروس عن بعد ولكن دون أي دافع وحافز لأن ليس لديهم رؤية ولا يعرفون ما إذا كانوا سوف يستأنفون دراستهم أم لا أو هل سوف تكون هناك امتحانات نهاية العام أم لا”.

ومضى قائلا: “ولهذا يدرسون بتعب واستياء وعذاب. وإذا قرر البعض عدم متابعة دروسهم عن بُعد فسوف يشعرون أيضًا بالذنب والتوتر. يخبرني عدد من الطلاب أنهم ينامون بشكل سيء ويأكلون بطريقة فوضوية وغير متوازنة ويواجهون الكثير من الصعوبات في الاستيقاظ في الوقت المناسب لدروسهم الصباحية مع صعوبات التركيز ويصبح الوقت لا نهاية له”.

وأسوأ ما في الأمر، يضيف المتحدث، “هو أنه لا أحد يملك السيطرة على المستقبل ولا يعلم يوم نهاية هذا الوباء ولا حتى كيفية تطوره، ولهذا يشرع هؤلاء الطلاب في الشك والمغامرة اللامتناهية، مع العلم أن معظمهم كانوا يدرسون حتى قبل الوباء بدون يقين أنهم سيحصلون على عمل مشرف بسهولة ويرون المستقبل قاتم”.

وختم قوله: “هنا أيضًا أُفضِّل سنة بيضاء لأنها سوف تكون مفيدة لهؤلاء الطلاب حيث يتوفرون على وقت للتعرض والراحة والتفكير في المستقبل، وهذه فرصة خاصة للطالب ليسيطر على حياته ويختار مساره الخاص الذي يرغبه!”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • امينة
    منذ 4 سنوات

    انا صراحة متفقة فهذا القرار ليس جيدا ابدا

  • عبدالصمد
    منذ 4 سنوات

    والله العظيم انا كمغربي اتمنى السنة البيضاء