وجهة نظر

الاسلام بين الدين والسياسة

تطرح علاقة الإنسان بالدين إشكالات عميقة منذ الأزل، ففي القديم وقبل أن تظهر الديانات التوحيدية كان الإنسان يهرع إلى قوى الطبيعة طلبا للحماية والأمان، وكان يستمد منها مجمل القيم التي تؤطر مجالات حياته الخاصة والعامة، وعندما ظهرت الديانات التوحيدية أصبح الإنسان يلتجأ إلى الله من أجل تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة. وهكذا صار الدين موجها للإنسان نحو الخير والفضيلة، وأصبح يؤطر مجمل سلوكياته ومنبعا للقيم التي يسترشد بها في حياته.

غير أن الإشكال ظهر عندما أراد الإنسان أن يكيف مصالحه الذاتية وميولاته النفسية وملذاته مع الدين والتي غالبا ما تتعارض مع هذا الأخير ، فالدين ، وكما هو معلوم ، جاء من المطلق الذي هو الله بينما مصالح الناس نسبية وفيها تناقض وتضارب سواء فيما بينها بشكل خاص أو فيما بينها وبين الدين أي أنها يطغى عليها الطابع الاٍجتماعي والأنثروبولوجي، وبغية تجاوز هذا الإشكال عمد الإنسان في البداية إلى إخضاع نصوص الدين للتعديل حتى تتوافق مع مصالحه ونزواته الذاتية ، ثم للتأويل فيما بعد ، وهكذا ظهرت المذاهب الدينية والتي تعددت بتعدد القراءات والتأويلات المختلفة للدين والتي تصل إلى حد التناقض في بعض الأحيان.

والإسلام كدين لم يشذ عن هذه القاعدة ، بحيث وانطلاقا من تعدد التأويلات والقراءات ظهرت المذاهب الفقهية الأربعة ، والتي لكل منها قراءة وتأويلا خاصا للنصوص الدينية ، وإذا كانت هذه المذاهب تشتغل على المتن الداخلي للنص الديني ، فاٍن مذاهب أخرى فضلت أن تشتغل خارج المتن الديني ، كما أن القراءات والتأويلات التي طالت الدين ليس كنص وحسب بل وكمعتقد وممارسة أيضا ، تنوعت وتعددت حسب الأفراد والجماعات والزاويةالسياسية والاٍجتماعية التي يتموضع فيها كل فرد وكل جماعة.

1- الدين كمعتقد :

يطرح الدين كمعتقد خاصة في التجربة الاٍسلامية إشكالات عميقة بين النموذج أو المثال وبين التطبيق والممارسة ، فالإسلام المثالي – الذي يوجد في القرآن والسنة ( الحديث ) والتي تتضمن سلوك الرسول وسلوك الصحابة ( أفعالهم وأقوالهم ) وبشكل خاص اجتهادات الفقهاء الشارحة لهما ( المذاهب الأربعة ) – طرح إشكالا عميقا في المقام الأول على مستوى الفهم والتأويل ، كما أشرنا سابقا ، ثم على مستوى ما تم وضعه من قبل الفقهاء من ضوابط جعلت من الاٍجتهاد أمر عسيرا اٍن لم يكن مستحيلا ، وهذا الأمر نتجت عنه معضلة التوفيق بين الواقع والمثال ، أي بين واقع المسلمين الذي تطور كثيرا عما كان عليه قبل وجود المذاهب الفقهية والقواعد المؤطرة للاٍجتهاد ، وبين النموذج أو المثال الذي يوجد في القرآن والسنة والذي يتمثله كل فرد بشكل خاص وكل جماعة أو طائفة ، على أنه هو الذي يمثل الفهم الصحيح الإسلام.

وعلى هذا الأساس فسلوك كثير من المسلمين وكما يبدو ذلك من خلال الواقع المعيش قد يكون مخالفا للنموذج المثالي للإسلام كما هو وارد في القرآن والسنة وسلوك الصحابة ؛ أي أن كثيرا من المسلمين واٍن كانوا يمارسون شعائرهم الدينية بشكل منتظم قد لا يكونون يطبقون كل تعاليم الإسلام كماهي واردة في القرآن والسنة ، باعتبارهما مرجعين أساسيين في العقيدة الاٍسلامية ، وهذا الأمر ناتج إما عن عدم معرفتهم بهذه التعاليم بالشكل الصحيح ، أو لكونهم لا يودون الاٍلتزام بالتعاليم الأخلاقية للإسلام عن قصد وبينة أو عن شكل الدولة الذي لم تعد فيه القواعد القانونية تستنبط من الشريعة الاٍسلامية إلا في الأمور المرتبطة بمدونة الأسرة والميراث ، حتى واٍن كانت دساتير أغلب الدول الاٍسلامية تنص على إسلامية تلك الدول فاٍن ذلك لا يعني شكل الدولة والنظام السياسي واعتبار الشريعة المصدر الأساسي للتشريع وبالرغم من كون الاٍسلام يعتبر واحدا من مصادر كثيرة ومتنوعة للتشريع ، بل يعني فقط أن تلك الدولة تضم غالبية من المسلمين.

اٍن التأمل في واقع المسلمين الذي يتسم بالاٍنحطاط والتخلف والتبعية الاٍقتصادية والعلمية للأمم الرائدة في الكون ، يطرح أكثر من سؤال حول دور الإسلام في هذا الواقع المتردي للمسلمين ، ويسائله كمنظومة أخلاقية وكمرجعية ثقافية وسياسية حول المسؤولية التي يمكن أن تسند إليه من عدمها على ما آلت إليه أوضاع المسلمين ، خاصة مع اعتبار أن الآخر تكونت لديه قناعة راسخة على أن سلوكيات المسلمين تفتقد للحس الإنساني أحيانا أو لروح العصر أو تبتعد عن المنهج الأخلاقي الإنساني الفطري في أحايين أخرى والأهم أنها تبتعد عن روح الاٍسلام ، وذلك من منظور تسويق المسلمين للإسلام كدين للحضارة والتسامح في حين تعزىكل الأمور السيئة التي تصدر من المسلمين مثل الاٍرهاب والسرقة والإجرام وعدم اٍحترام القانون واغتصاب حقوق الآخرين والأنانية وعدم اٍحترام الأديان السماوية الأخرى ، بطريقة أو بأخرى ،إلى الاٍسلام.

وعلى هذا الأساس فالإسلام كنظام أخلاقي معياري لم يجد طريقه نحو التطبيق المثالي في كل المجتمعات الاٍسلامية ، وبقيت الهوة شاسعة بين النموذج أو المثال وبين الواقع المعاش ، وذلك منذ ظهوره كعقيدة دينية ، وبشكل أساسي في العصر الراهن وذلك لعدم وضوح الرؤية بالنسبة للمسلمين في العديد من المجالات والمعاملات ، ما يسقطهم في الاٍلتباس والتناقض ، ويجعلهم بعيدين جدا عن اٍستلهام تلك الروح السامية الكامنة في الإسلام ، وما يتضمنه من مبادئ إنسانية وأخلاقية تصلح أن تتخذ كإطار مرجعي أخلاقي.

2-الدين كإطار مرجعي أخلاقي.

إذا كان الإسلام عقيدة وسلوكا فاٍن أغلب المسلمين لا يكونون ملتزمين يهما أو بكليهما أو بأحدهما ، والإسلام كإطار مرجعي أخلاقي يقتضي العديد من الأمور الاٍيجابية في علاقة الفرد بالمجتمع وكذا في علاقته بالأفراد الآخرين الذين يتقاسم معهم ذلك الفضاء الاٍجتماعي وذلك الحيز الجغرافي الذي هو الوطن ، حيث اٍن من بين أهم الأشياء التي جاء بها الإسلام والتي أصر وشدد على ضرورة اٍحترامها هي حقوق الأغيار ، فإذا كانت حقوق الله المرتبطة بالعبادة أو التعبد منوطة بالعلاقة الخاصة التي تربط بين كل فرد وربه ، فاٍن العلاقات الاٍجتماعية و هي مربط الفرس العنيد ، أعطاها الشرع الإلهي مكانة خاصة ، وأولاها عناية فائقة ، واعتبر المساس بها بمثابة هدم ونقض لعرى المودة في المجتمع وسببا لنشر مشاعر الكراهية والتباغض بين الناس .

وهكذا فالمشكل لا يكمن في جوهر الدين كنظام أخلاقي معياري ، وليس فقط في تعدد الأفهام الذاتية للنص الديني ، وكيف يتمثل كل شخص الدين كسلوك وكقيم اٍجتماعية ، كما لا يكمن في تعارض المصالح الذاتية للأفراد والجماعات مع النص الديني ، إنما يكمن في كون الدين كتمثل اٍجتماعي قد لا يتم تطبيقه كما يتم تمثله في أغلب الأحيان ، أو يتم تمثله بشكل خاطئ ، لأن المشكلة الأساسية تكمن في سيادة الوعي الشقي لدى الأفراد ، بحيث اٍن استبطان القواعد الدينية وتمثلها كمصفوفة من القيم الأخلاقية شيء ، وتنزيلها على أرض الواقع أثناء الممارسة اليومية وفي مجمل السلوكيات والتصرفات الفردية والجماعية ، شيء آخر ، بل إن كثيرا من المؤمنين قد يعمدون بدون أن يرف لهم جفن ، إلى خرق أبسط تلك القواعد عندما تتعارض مع مصالحهم ونزواتهم وملذاتهم الظرفية

يطرح تطبيق النصوص الدينية كمنظومة أخلاقية وكتشريع سماوي ، اٍشكالات كبرى في المجتمعات الاٍسلامية المعاصرة ، وذلك نظرا لعدة عوامل وأسباب ذاتية وموضوعية ؛ فأما الأسباب الذاتية فتكمن في وقوع المسلمين في العصر الراهن في مفترق طرق حضاري كبير ، أدى إلى التشويش على الإسلام كإطار مرجعي أخلاقي وتشريعي ، وأما الموضوعية فتكمن في عدم اٍمتلاك المسلمين لرؤية منسجمة ولتصور سياسي للدولة الاٍسلامية كحاضنة للقواعد التشريعية الاٍسلامية وكإطار مرجعي لها ، وهذا بسبب الصدمة العنيفة التي خلفتها لهم الحداثة الغربية ، والتي قامت بإرباك وزعزعة كل القيم والمعايير ذات المرجعية الدينية ، وخلقت نوعا من التيه للمسلمين بين النموذج الإسلامي المرجعي والمأمول والنموذج الحداثي المعيش.

يستلزم الحديث عن الدين كتمثل اٍجتماعي وكمحرك للتغيير في المقام الأول أن نفصل بين موضوعات أو تيمات كبرى سوف تتخلل هذا الموضوع ؛ بين الدين كمعتقد ، وهذه الجزئية يحكمها منطق علاقة الفرد بربه ، ولا يحق لأي كان التدخل فيها تحت أي مبرر أو مسوغ ، وبين الدين كمصفوفة من المعايير الأخلاقية التي يفترض أن المسلمين يستنبطون منها قيمهم الاٍجتماعية والتي تساعدهم على العيش في مجتمع منسجم ذي مرجعية قيمية وأخلاقية مشتركة ، وبين الدين كإطار مرجعي للتنظيمات السياسية أو ما يصطلح عليه بالإسلام السياسي ، وفي هذه الجزئية تسود النسبية بحيث أن جعل من الدين مرجعية سياسية يحتاج إلى الكثير من اليقظة والحذر، على اٍعتبار أن الدين الإسلامي من أكثر الأديان السماوية قابلية للتوظيف السياسي والأيديولوجي ، وهذه الحقيقة أثبها التاريخ الإسلامي على مر القرون الماضية ، بحيث كان التأويل السياسي للقواعد الدينية منبعا للخلاف والصراع على السلطة بين المسلمين منذ وفاة الرسول ، وكانت حادثة سقيفة بني ساعدة في المدينة بين المهاجرين والأنصار بداية لهذا الخلاف، كما أن موقعة صفين ، أو ما اصطلح عليه ب ” الفتنة الكبرى بين علي ومعاوية ” ، كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، وكان ذلك سببا لتفرق المسلمين إلى مذاهب وفرق فظهر المذهب الشيعي والفرق الكلامية.

3-الدين كإطار مرجعي سياسي.

يطرح الدين بصفة عامة كإطار مرجعي سياسي اٍشكالات جمة ، فالدين المسيحي على سبيل المثال شهد في هذه الحالة في القرون الوسطى اٍشكالات كبرى كانت وراء انتهاء الأمر في المجتمعات المسيحية الغربية إلى فصل الدين عن الدولة ؛ وكان لسيطرة الكنيسة الكاثوليكية على الحقل السياسي في أوروبا آثار عميقة على جميع الصعد ؛ الثقافية والاٍجتماعية والاٍقتصادية وعلى منظومة القيم كذلك ، كان نتيجة ذلك تكريس الاٍستبداد السياسي وإشاعة الذهنية الخرافية وترسيخ الفكر الميتافيزيقي في اللاوعي الجمعي لتلك المجتمعات ، غير أن اٍندفاعها في التنوير والحداثة أديا إلى انجلاء ظلام القرون الوسطى ، والتخلص بصفة نهائية من وصاية الكنيسة على الحقل السياسي.

إذا كان الغرب المسيحي قد اٍستطاع أن يجد حلا لإشكالية الدين والدولة ، فاٍن الشرق الإسلامي لازال يتخبط في هذه الإشكالية ، وهكذا ففي التجربة السياسية الاٍسلامية لم تطرح فكرة فصل الدين عن الدولة ، لأن الدين الإسلامي حسبما تم تأويل نصوصه التراثية من قبل الحكام والفقهاء يتوفر على شريعة إلهية تعتبر مصدرا للتشريع في الدولة الاٍسلامية ، وهكذا فالأمير هو في نفس الوقت أمير الدولة وأمير المؤمنين يتم تعيينه بواسطة ” البيعة ” التي هي بمثابة عقد اٍجتماعي يربط بينه وبين المحكومين ” المؤمنين ” لينهض بشؤونهم الدينية والدنيوية معا ، وهكذا فالإسلام ومنذ وفاة الرسول صار يتخذ كإطار مرجعي سياسي بحيث أصبح الحاكم خليفة للرسول وأصبح الدين مرجعا تشريعيا تستنبط منه الأحكام الشرعية منذ ذلك الحين وفي نفس الآن يقوم الحاكم أو الخليفة في الدولة الاٍسلامية ( دولة الخلافة ) باستنباط الأحكام التي لا توجد بمقتضاها نصوص في القرآن والحديث وسنة الرسول ، بخصوص ما استجد من الأحوال من عقله أو عقل أهل الحل والعقد ، ما يدل على أن العقل لم يكن غائبا بالمرة في أمور الحكم والسياسة في دولة الخلافة الاٍسلامية ، وإذا كان الإسلام كدين وعقيدة يتخذ كمرجع لاستنباط الأحكام الشرعية في أمور الدين والعبادة كما في أمور الحكم فاٍن ذلك لم يمنع المسلمين من الدخول في صراعات دامية على السلطة ، والتاريخ الإسلامي شهد حروبا وفتن داخلية كان الباعث وراءها هو المصالح السياسية المتناقضة للأطراف المتصارعة وكان الدين يستعمل من قبل كل فئة في سبيل إضفاء الشرعية على أفعاله والتي لم يكن أغلبها مطابقا لتعاليم الإسلام. اٍن الاٍسلام كعقيدة سماوية يحتوي على مبادئ سامية للاٍختلاف والعيش المشترك ، غير أن اعتباره إطارا مرجعيا سياسيا سرعان ما ينهي هذا التعايش ويقضي على الحق في الاٍختلاف وذلك بالنظر اٍلى التأويل الأيديولوجي الذي يتبناه كل طرف لهذه المسألة ، فإذا أخذنا ما نعيشه في العصر الحالي من اٍنقسام المسلمين فيما بينهم اٍلى طوائف متناحرة وجماعات سياسية تتخذ من الاٍسلام المرجع الأساسي لاستنباط القواعد التي تستند إليها في تدبير أمور السياسة وتجعل من فهمها الخاص له ( أي الاٍسلام ) ذريعة لممارسة الإقصاء والإرهاب والتنكيل بالآخر ،سوف نكتشف أن بين الدين والسياسة علاقة جدلية تتمخض عنها إشكاليات عويصة لم يجد لها المسلمون حلا منذ قيام الإمبراطوريات الإسلامية التي اٍصطلح عليها بالخلافة الاٍسلامية ، فالدين الذي ينطلق من المطلق الذي هو الله سرعان ما يتم خلطه مع النسبي الذي هو كل ما هو سياسي والذي يخضع لموازين القوى والمصالح المتناقضة ، ما يؤدي اٍلى كوارث إنسانية على عدة مستويات ، وهذا الأمر يطرح إشكال الدين والدولة في الفكر السياسي الإسلامي كما في الممارسة السياسية للمسلمين بشكل عميق ، بيد أن المسلمين لم يستطيعوا أن يجدوا حلا عقلانيا لهذا الإشكال العويص ، وفي اعتقادي فغياب نظرية للدولة في الفكر السياسي الإسلامي وعدم الحسم في العلاقة المتشابكة بين الدين والدولة لاشك يفتح مستقبل المسلمين على المجهول ، فظهور الجماعات الاٍسلامية المسلحة في الجزائر في التسعينيات من القرن العشرين ، وكذا ظهور تنظيم الجهاد الإسلامي في مصر والقاعدة وداعش في العراق وسوريا و السلفية الجهادية في المغرب وتنظيمات أخرى سياسية بالرغم من طابعها السلمي في كل بقاع العالم الإسلامي ، منشؤه هذا الإشكال الذي لم يحل بعد ، فالقراءة المتوفرة للتراث اٍلى الآن لازالت تؤمن بأن الاٍسلام يتوفر على قواعد أساسية لبناء الدولة الاٍسلامية .

لقد حاول الكثير من المفكرين المنتمين اٍلى دائرة الثقافة الاٍسلامية متسلحين بالمناهج العلمية الحديثة مثل محمد أركون ومحمد عابد الجابري وعبد الله العروي وعلي عبد الرازق وطه عبد الرحمن وغيرهم ، رغم اختلاف مرجعياتهم الفكرية ، أن يغربلوا التراث بحثا عما يمكن أن يشكل فيه الخيط الناظم لعلاقة الدين بالدولة ، محاولين الدفع بعملية إعادة قراءة التراث الإسلامي في أفق البحث عن فصل إجرائي بين السياسة والأخلاق واعتبار السياسة شأنا إنسانيا خالصا يخضع لتجاذبات موازين القوى السياسية التي تتسم بالنسبية في حين تعتبر الأخلاق مرجعية سامية ومتعالية ، ولعلهم يجمعون على ضرورة إعادة قراءة التراث بمنظار العصر والاٍنفتاح على الحضارات الإنسانية الكونية وينبذون الاٍنغلاق الذي كرسه الفقهاء منذ القرن الرابع الهجري ، ومن شأن هذا الأمر أن يسهم في حلحلة الإشكال البنيوي الذي يسم علاقة الدين بالدولة في الفكر السياسي الإسلامي . رغم أن مقولة الفصل النهائي والقطعي بين السياسة والأخلاق كما وضعه مكيافيللي وجون بودانمن فلاسفة الأنوار في أوروبا في البدايةثم لوثر وكالفن فيما بعد ليست واردة بنفس المفاهيم في الفكر السياسي الإسلامي، وذلك نظرا لحساسية الموضوع بالنسبة للمسلمين، والذي لا يعني بالنسبة لهم الفصل الإجرائي فقط بقدر ما يعني إبعاد الدين عن الحياة الاٍجتماعية؛الشيء الذي يثير لديهمحساسية كبيرة والكثير من التساؤلاتوالشكوك والرفض.

* باحث في العلوم السياسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *