منتدى العمق

فصل المقال في مابين الكمامة والتكميم من اتصال

حكومتنا العزيزة

يشهد العالم -ومعه وطننا العزيز- لحظات عصيبة، وإجراءات استثنائية بكل المعايير، وكأننا نعيش غزوا شاملا من عَدوّ خَفيّ لا ينتمي لكوكبنا، قَدم ليدمرنا جميعا، ولعل من بين تلك الإجراءات فرض “كمّامة” طبية تصب في صالح المواطن والدولة، لكن “التكميم” الذي تسعى لجنة منكم إلى تشريعه وفرضه من خلال قانون 20 22 لا يدخل في هذه الإجراءات أبدا.

أعتقد أن كل حكومات العالم شغلها الشاغل وهمها الوحيد الآن هو صحة المواطنين وتدبير الخروج من الأزمة بأقل الأضرار، فلماذا تريدون اختلاق أزمة جديد تنضاف إلى الأزمة الأصلية ؟ بالله عليكم هل هذا توقيت مناسب حتى للتفكير في مثل هذه القوانين، وهل الظرفية الحالية تحتاج منّا تركيز الانتباه على شيء واحد ألا وهو “كورونا” أم تشتيت الانتباه على قانون الفيسبوك ومقاطعة السلع وغيرها من تفاصيل القانون المجحف؟

ألا يمكن أن تكو هذه الخطوة في حد ذاتها خيانة للوطن لأن الحكومة شغلت نفسها وشغلت الشعب بموضوع خارج موضوع الساعة الذي هو “محاربة فيروس كورونا” وفي هذه الحالة ألا يمكن ان تتم متابعتها قضائيا بتهمة الخيانة العظمى ولو بعد انتهاء ولايتها ؟

عزيزتي الحكومة

سيقول قائل منكم إنه لا علم لحزبه بما وقع، وان موقف الحزب الذي ينتمي إليه واضح فيما يخص حقوق الإنسان والحريات العامة، بل سنجد كل حزب بما لديهم فرحون، وكل يجر نفسه لدائرة البراءة من مشروع القانون صياغة وتصديقا.

وهنا سأذكركم بمسألة بديهية، هي كونكم ائتلاف حكومي، ويفترض أن يكون بينكم ائتلاف وألفة وتآلف وتوالف، وليس تنافر وتعارض، إلا ستخلطون هوية الحكومة بهوية المعارضة، فتصبحون حكومة معارضة، أو معارضة حاكمة في الان ذاته وهذه مفارقة دستورية ومنطقية. فمهما اختلفت أحزابكم ومرجعياتكم وألوانكم يجب أن يبقى بينكم خيط ناظم، وحد أدنى من الانسجام.

إن مَثل الحكومة المنتخبة، كمَثل المنتخب الوطني لكرة القدم، فكما للحكومة أحزاب ومرجعيات مختلفة، فإن المنتخب أـيضا يتكون من لاعبين مختلفين في مرجعياتهم ومدنهم ونواديهم.. لكن الاختلاف لا يفسد للود قضية، وجميعهم يفترض بهم الدفاع على القميص الوطني، في انسجام وتآلف وليس في خصام وتنافر، وإلا سيفسد الهدف المسطر سلفاً والذي من أجله تمّ انتخابهم حتى لقّبوا بالمنتخب. وكما أن اللاعبين تمّ انتقاؤهم وانتخابهم بعناية، ولهم مدرب يقودهم نحو تحقيق الرهان، فإن أعضاء الحكومة كذلك يفترض أنه تمّ انتقاؤهم وانتخابهم بعناية، ولهم رئيس حكومة يقودهم و يساهم في الحفاظ على انسجامهم وتركيزهم على الهدف المراد الوصول إليه.

وبناءً على كل ماسبق كيف يعقل أن يخرج قانون من الحكومة ولا علم لبعضهم بما فعل البعض الأخر؟

أليس هذا ضربا في الانسجام والائتلاف؟ أليس كذلك ضربا في رئيسها الذي يفترض ألا يحدث أمر إلا بعلمه، لأنه قائد السفينة؟

عزيزتي الحكومة

قال لي جدي رحمه الله أن النشيد الوطني القديم كان هو:
» إن نعش، عشنا كراما
أو نموت، متنا كراما
إيه أمة المغرب إيه دولة المغرب«

قبل أن يأتي النشيد الوطني الحالي للأستاذ المرحوم “علي الصقلي الحسيني” والذي مطلعه:
»منبت الأحرار مشرق الأنوار .. «

وفي كلا النشيدين تفوح رائحة الحرية والكرامة من بعيد، وهذا ان دلّ على شيء فانّما يدل على أن المغاربة شعب حرّ منذ الأزل، وأن من نازعهم حريتهم وكرامتهم انتفضوا ضده ولو بعد حين. ونحن لا نريد لوطننا العزيز من يمسّه في استقراره ووحدته سواء كان منكم أنتم المسيِّرون أو منّا نحن المسيَّرون،

وأخيرا أتدري ما الفرق بين الكمّامة والتكميم يا حكومتنا العزيزة؟

أن “الكمّامة” تدخل في إطار الحجر الصحي، الذي فيه مصلحة الجميع، أما “التكميم” فيدخل في إطار الحجر العقلي الذي هو ضدّ الجميع، حيث يسعى لسلب إحدى مقومات الإنسان التي خُلق بها وفُطر عليها ألا وهي الحرية.

دام الاستقرار لهذا الوطن العزيز، ودامت حقوق الإنسان والحريات العامة راية ترفرف فيه جيلا بعد جيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Safae abu
    منذ 4 سنوات

    👌👌Je partage votre opinion