أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: فكرة العيش المشترك مجرد خيال.. وهكذا تم نهب خيرات إفريقيا(22)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة الثاني والعشرين: 

قال آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة”، إن “تركيز السلطة في يد شخص واحد، قد وصل إلى مدى غير مسبوق في المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا، في ظل ديكتاتوريات متنكرة بمظهر الديمقراطيات، بمباركة أو حتى بدعم نشط من فرنسا وقوى غربية أخرى، وتُظهر هذه النظم، بشكل مركز، جميع عيوب الجمهورية الخامسة”.

وأكد أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامعة كيبيك في كندا، بأنه “ليس فقط أن رؤساء الدولة يملكون السلطة لتعيين رئيس الوزراء والوزراء ولحل المجلس التشريعي بمحض إرادتهم، بل إنهم يستطيعون أيضا، أن يتولوا سلطات الوزراء، بما في ذلك المناصب الوزارية الاستراتيجية مثل الدفاع والداخلية، الشيء الذي يعتبر انحراف دستوري”.

وتساءل، من هم المواطنون الذين يملكون ممارسة إرادتهم في ظل بنية سلطوية مثل هذه؟، مجيبا، بأنه نظام يتسم بتشابه غريب مع ذاك الذي ما ظهرت حركات التحرر إلا لتدميره تحديدا، عندما حققت الاستقلال، ومؤكدا “حقيقة كون هذه النظم، بحدودها الجغرافية التي عفى عليها الزمن، منظمة مثل قبائل، سلالات، جماعات إثنية، أوعائلات محلية، ولا تعني بأي حال من الأحوال أن الشعب يشعر أنه مُمَثل بشكل جيد، لأن فكرة الخير المشترك هي مجرد خيال خطابي”.

وأوضح، آلان، بأن “مثل هذه الهياكل الوطنية يتم التلاعب بها من الخارج، فالأوامر والنماذج المؤسسية والتدفقات المالية والشخصيات الكبرى جميعها تأتي من خارج البلاد، وذلك بالتناسب مع أهداف تتحدد، هي أيضا، بالنظر إلى ما يحدث بالخارج، والنتاج المترتبة على هذا معروفة جيدا، سنة بعد أخرى، من قبل مؤسسة النزاهة المالية العالمية”.

كيف يتم نهب إفريقيا؟

وزاد آلان، بأنه في كل عام، تغادر القارة الإفريقية عشرات البليونات من الدولارات من خلال قنوات غير قانونية أو إجرامية، بلغت حواليي 50 بليون دولار على مدى السنوات الخمسين الماضية، وهذه المبالغ هي أكثر بكثير من قيم صناديق الدعم التي تمنحها الدول الغنية بسخاء بالغ، على مدى زمن طويل.

وأردف، صارت لدى الشعوب الإفريقية استراتيجية مركزية، تتمثل في “خذ ما يمكنك من التدفق المالي العابر، وحول أرباح المؤسسات المكونة لجهاز الدولة إلى شركته الخاصة، استخدم السحر والمكر لتحقيق المكاسب غير المتوقعة من المنظمات غير الحكومية، وللحصول على المتبقي في الصناديق المحلية للبرامج المدعومة دوليا، هذا، لأن القبائل أصبت تمثل لاعبين ذوي خبرة كبيرة، فلديهم وقت طويل ليطوروا خلاله ردود الأفعال على أنماط التدخل”.

وأوضح آلان، في السياق نفسه، أنه رغم كون هذا النوع من الارتكاسات سوف يقود أي مجتمع إلى كارثة بالنهاية، فإن مسألة كونهم يتملكون الأموال الأجنبية هي أمر لا يمكن عزوه إلى الفساد هكذا ببساطة”، مشيرا “إنه في حقيقته شكل من أشكال المقاومة، وليس هنالك من داع لمضاعفة الخِزي من خلال رفض كل خطة قاصدة لرفد الشبكات المحلية بأموال قصد كل من المستثمرين الأجانب والممولين توجيهها لخدمة أهداف الاستغلال الاستعماري”.

وأضاف، “لقد وضع الغرب هؤلاء الإفريقيين في وضع مذل، فمثلهم مثل المشاركين في برنامج تلفزيوني مهني يضع الناس في صناديق زجاجية ويطلب منهم الانقضاض على أوراق بنكنوت تتطاير في الهواء بواسطة مروحة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *