اقتصاد

النوحي يعدد أسباب لجوء المغرب إلى قانون المالية التعديلي

قال جواد النوحي أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، إن لجوء الحكومة لقانون المالية التعديلي هو أمر منطقي وضروري لمواجهة المرحلة الحالية، التي تتسم بمتغيرين، “الأول لم يكن حاسما ويتعلق بوضعية الجفاف، لأننا نعرف مجال الارتباط بين قانون المالية والوضعية الفلاحية، ولكن المحدد الأكبر هو تأثير جائحة كوفيد 19 وما ترتب عنه من تدابير الحجر الصحي وإغلاق مجموعة من الجوانب التي أثرت على بنية القانون المالي”.

وأكد النوحي، في حديثه مع جريدة “العمق”، بأن “الحاجة إلى قانون مالية تعديلي هي حاجة فرضتها الجائحة بشكل أساسي، والرسالة التي ستحاول الحكومة بثها تتعلق بمقتضيات جديدة من أجل مجابهة ما بعد كورونا، إذ أن قانون المالية التعديلي سيكون ترجمة للسياسة الاقتصادية، والسياسة الاجتماعية للدولة ما بعد كورونا، التي ستبرز أولويات كإنعاش القطاع الاقتصادي، والإجابة على الوضعيات الاجتماعية، ثم في نفس الوضع ستخلق أولويات من بعض القضايا الرئيسية والتي ستبرز في هذا الجانب”.

وأوضح المتحدث نفسه، بكون التوقعات تفيد بأن تحسين الموارد سيتراجع، و”هنا بإمكاننا الإشارة إلى الأرقام الأولية التوقعية، بأن 2020 سنة سالبة النمو، بناء على كل من دراسات المندوبية السامية للتخطيط، وتقرير صندوق النقد الدولي”، مشيرا إلى أنه “إجمالا تراجعات هذه السنة ستكون كثيرة، لأن هناك مجموعة من القطاعات الإنتاجية توقفت، كالطيران، السياحة، النقل السككي، أيضا مجموعة من الخدمات كالمقاهي”.

وأوضح النوحي، في السياق ذاته، بأن “ما يهمنا أن الحكومة وضعت قانون مالية السنة ل2020، الذي عمليا كان يجب أن يُنفذ من فاتح يناير إلى 31 دجنبر، بناء على عدد من الفرضيات، كمعدل النمو بنسبة 3.7 في المائة، معدل عجز الميزانية بـ3,5 في المائة، وإنتاج الحبوب يصل ل70 مليون قنطار، ونفقات استثمار 198 مليار درهم، وطرح مجموعة من الأولويات التي تمت ترجمتها في مجموعة من التكاليف، لكن جائحة كورونا ستغير الفرضيات”.

وأضاف قائلا: “الآن لدينا غموض، إذ لا نعرف ماهية التدابير التي سيتم اتخاذها، من قبيل هل سيتم اللجوء إلى الرفع من الضرائب، ولكن المنتظر هو أن القانون المالية التعديلي سيغير الفرضيات التي ارتكز عليها قانون مالية السنة، ثم إنه سيسعى إلى التجاوب مع الوضعية الحالية التي كانت بها ثلاثة عناصر كانت سلبية في تنفيذ قانون المالية الحالي، أولا جائحة كورونا، والثانية سنة الجفاف هذه ستؤثر على مستوى الدخل بالخصوص في العالم القروي، ثم إن المغرب لم يستفد من بعض المعطيات الدولية كانخفاض البترول، رغم أنه ليس لنا أرقام أساسية.

وعن قانون المالية التعديلي، أوضح النوحي، بقوله: “دائما كان اللجوء إلى قانون المالية التعديلي هو استثناء، إما للإجابة عن وضعية اقتصادية أو سياسية، وإن آخر قانون مالية تعديلي لجأت إليه الحكومة كان تقريبا في سنة 1991، الذي كان قد أتى استجابة لبعض المطالب الاجتماعية المرتبطة بأحداث سياسية، في إطار الإضراب العام الذي كان في 14 دجنبر 1990، وكان ملتمس الرقابة الذي قدمته أحزاب الكتلة الديمقراطية ضد حكومة العراقي آنذاك.

ويأتي قانون المالية التعديلي، اليوم، بحسب الخبير المغربي، في إطار توافق سياسي، ولكن في ظل مشكل اقتصادي مرتبط بجائحة كورونا وسنوات الجفاف، مضيفا أن “لجنة اليقظة الاقتصادية الآن ستكون محددا لرسم التوجهات التي سيكون عليها القانون المالي التعديلي”.

وعرف النوحي، قانون المالية التعديلي  بأنه “صنف من أصناف قوانين المالية الذي يمكن أن تلجأ إليه الحكومة استنادا إلى المادة 4 من القانون التنظيمي للمالية، التي تنص على أنه لا يمكن تغيير قانون مالية السنة خلال السنة، إلا بقوانين تسمى قوانين مالية معدلة، لأن قوانين المالية ثلاثة أصناف، هناك القانون الأصلي المتمثل في قانون مالية السنة، وقانون التصفية، وهما المنصوص عليهما في النص الدستوري، ثم القانون المالي التعديلي الذي يؤطره القانون التنظيمي للمالية.

وانطلاقا من هذا التعريف، يؤكد النوحي أن ما يهم هو “استحالة تغيير قانون المالية بقانون عادي، وعلى مستوى المسطرة، إذ أن قانون مالية السنة يتطلب 58 يوم، أما بالنسبة للقانون المالي التعديلي فهو أولا يتم عبر مجلس الحكومة والمجلس الوزاري، ثم يعرض أولا على البرلمان، إذ يجب أن يصادق عليه داخل أجل 15 يوم على الأكثر، لأن لمجلس النواب أجل 8 أيام، إما بعد التصويت أو انصرام الأجل”.

وفي السياق ذاته، أوضح أن مشروع قانون المالية التعديلي يعرض متضمنا التعديلات التي أُدخلت عليه من طرف مجلس النواب والمقبولة من طرف الحكومة، على مجلس المستشارين، الذي يبث فيه داخل أجل أربعة أيام، الموالية لعرضه، وإذا ما تم الوقوع في أي خلاف على أي نقطة بعد ذلك، يقوم مجلس النواب بدراسة التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس المستشارين، ويعود عليه البث داخل أجل ثلاثة أيام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *