أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: هكذا جعلت صناعة الذهب بكندا الماء ملوثا والناس جياعا (24)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة الرابع والعشرين: 

قال آلان دونو صاحي كتاب “نظام التفاهة”، إن “الشعب الكندي اتهم شركتين كنديتين تعملان في التعدين، بتلويث 2.500 متر مكعب من الماء بالساعة، في منطقة يُعتبر الماء الصالح للشرب فيها محدودا جدا لحوالي عشرين بالمائة من السكان”، مشيرا بأن “السكان يخشون أن تلقي هاتان الشركتان بالنفايات في أكبر خزان مياه في جمهورين الدومينيكانّ، وهو أمر وارد”.

وأضاف، بأنه “بطبيعة الحال، يعِدُ معسولو اللسان من العاملين في مجالات صناعة الذهب بأن عمليات المنجم الهايتي سوف تكون نظيفة”، متسائلا “متى سبق للقوة الامبريالية أن اعترفت صراحة بأنها سوف تقوم بسحق النُظُم البيئية لشعب مُستغل؟، وهل يمكنك البدء في تنمية منطقة ما فيما أنت تدمرها؟”، ليجيب “نعم، إن ملايين الدولارات التي تفكر مجموعة التعدين باستثمارها تخلق غموضا يؤدي إلى إخفاء الفرص الزراعية في المنطقة، فعندما يكون الناس جياع، كيف يمكنهم مقاومة سراب خلق الوظائف”.

وزاد آلان، “اليوم، صار لدينا المستثمرين الكنديين الذين اقتحموا المشهد وهم يحملون الإله “لوا” رب المال الفودوي المحموم خاصتهم، إن شيئا لا يمكن أن يشتتهم عن هدفهم، فروح الربح المضاعف واللانهائي جعلتهم يفقدون عقولهم، سوف يدمرون كل شيء في سبيل الحصول على الذهب، الذي سوف ينتهي به المآل إلى خزائن البنوك المركزية.

ووصف آلان، الذهب بأنه “الوثن الأكبر الضامن لقيم كل من الأوراق المالية في السوق، والنقود المقدسة التي قليلا ما يثقون بها هم أنفسهم، إذ إن أية زيادة في قيم أسهمهم سوف تجعل المساهمين في شركاتهم يشجعون أسوء صور السلوك التي تخطر على البال، مما يجعل من الأمر برمته مدعاة أكثر للسخرية”.

ويتطلب تعدين الذهب، وفقا لتوضيح قدمه آلان، كميات مذهلة من المياه، أي ما يعادل آلاف الليترات في الدقيقة الواحدة، لاسيما في المناجم مرتفعة المردود ذات المحتوى المنخفص، التي تنتج عنها كميات هائلة من الماء الفائض لكل بضعة غرامات من الركاز المستخرج، مشيرا بأن شركة ألبرت للتعدين لا تخفي شيئا، ويحاول رواد أعمال الندى، استغلال مصادر المياه بتهور.

وعن الشركة، أوضح آلان، بأنها كانت تعرف سابقا بماجيسكور والعضو في اتحاد سومين للأعمال، تُطالب بموقع تبلغ مساحته 50 كيلومترا مربعا، ويقع على بعد 30 كيلو مترا من جنوب شرق منطقة كاب هايتنين، مشيرا في الساق ذاته بأن “تقرير رسمي للشركة أفاد أن نهر فريش ريفر، هو مصدر المياه الوحيد المستمر طوال السنة على هذه الأرض، وأن الأمر سوف يتطلب آبارا لضمان التزويد المستمر بالماء في جميع الأوقات، قد يكون هذا النهر يتدفق إلى منطقة تروندونورد، ووفقا لدراسة قام بها بعض علماء الهيدرولوجيا الأمريكيين، فإن بعضا من جداول المنطقة وأنهارها قد أصيب بالتلوث من قبل المواقع الصناعية.

وزاد، الآن بالنسبة لشركة ألبرت للتعدين، فإن عشرين بليون دولار من الأرباح هي الآن مهددة بالضياع، أما بالنسبة للشعب الهايتي، فإن مشروعات التعدين هذه قد تستتبع دمارا شاملا، فلو تم تنفيذ السيناريو كما هو مقرر له، فإن افتتاح المنجم سوف يؤدي إلى زعزعة للاستقرار الديمغرافي، فالناس في المجتمعات المجاورة، الذين يأملون الحصول على وظيفة، سوف يتوفقون عن العمل في الأرض، مما سيؤدي إلى حالة من التوترات المحلية، ولن تعود المستوصفات كافية للتعامل مع الحالات الطارئة.

وأردف، في السياق نفسه، بأنه بناء على ما سبق، فإن البغاء سيكون وحده القطاع الذي سيشهد نموا، وستكون هناك حالات اغتصاب أيضا، وسوف تزداد مشكلات الصحة العامة، وهكذا سوف يصبح من الواضح أن الوظائف الجيدة ستكون من حظ الأجانب وأن الموظفين المحليين لن يُعهد إليهم إلا بالوظائف الدنيا ذات الأجر المنخفض، وإن الرشاوى المدفوعة للزعماء المحليين هي أعلى بكثير من أي ريع أو ضرائب كان يفترض بها إفادة الشعب ككل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *