أدب وفنون، رمضانيات

كتاب”نظام التفاهة”: لا يجب الانخراط الكلي في لعبة التفاهة لأن هوية اللاعبين متغيرة (26)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة السادس والعشرين:

قال آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة”، إن السياسة هي ما ينتج عندما يُعطي الأشخاص في المجتمع أنفسهم الحق في مناقشة وتحديد المبادئ الأساسية التي تنظم الحياة في هذا المجتمع، لذلك، فإن التصرف سياسيا يعني أننا نضع كل من الخطاب والتحركات أبعد من الإحداثيات الاجتماعية التي تحدنا بها السلطة المؤسسية، وأننا نناقش جميع القواعد والديناميكيات التي تتطلب منا أن تكون في هذا الموقع، وعلى هذه الشاكلة.

وأضاف، نحن بحاجة لأن نكون أقل انخراطا في “لعب اللعبة” المهيمنة حاليا ذات الديناميكيات الإدارية، والمتعلقة بالبورصة والرأسمالية والليبرالية الفائقة، والتي نلعبها على أمل أن نستخلص بعض القواعد منها، وذلك حتى نستطيع تكريس المزيد من الطاقة في إرساء قواعد رسمية جديدة، بأن تضع الحوكمة ممثلي الاتحاد العمالي في شراكات تتضمن لاعبين من الواضح أنهم غير متساوين.

وفي سياق تعريفه المفصل للاتحادات العمالية، زاد “على أساس من الالتزام بالتوصل إلى توافق، تُدعى الاتحادات العمالية إلى هذه العمليات لا بهدف إعادة تعريف قواعد الحياة في المجتمع بشكل جذري، وإنما لضمان تزويد كل من التنمية الصناعية والمشروعات ذات التمويل العالي بدعم الحركات العمالية، وإن حركة العمال والمهنيين، إلى جانب ممثلي الجماعات البيئية، الشعوب الأصلية، والسكان المحليين، يُتوقع منها أن ترقع المشروع الرأسمالي الكبير ببضع مبادرات هامشية يمكن وصفها لأعضائها بأنها خطوات في الاتجاه الصحيح، وانتصارات أخلاقية، وغيرها من تفاهات.

وزاد بأن الحوكمة تُقدم نفسها، باعتبارها فن الإدارة الخاصة مرفوعا إلى مرتبة السياسة، علما بأن الهدف الحقيقي لهذه الحوكمة إنما يكمن في مصادرة المجال السياسي، متسائلا “هل الحركة العمالية حركة سياسية وهل يجب أن تبقى كذلك، أم أنها منذ الآن فصاعدا ينبغي أن تمتثل للقواعد المترهلة ذات الطبيعة الإدارية بشكل خاص والمرتبطة بكلمة الحوكمة؟.

وأكد آلان، بأن الطريق السياسي، هو أصعب بكثير، كما أنه ذو مردود أبطأ وأشد التباسا من طريق الحوكمة، ضمن هذا المحتوى، فإنه يمكن أن ينظر إلى الطريق السياسي باعتباره ثوريا، من حيث إن الثورة تعني أن مؤسسات السلطة الضارة بالصالح العام سوف تحال إلى الماضي، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فما الذي يحدوك إلى اختيار الطريق السياسي العدائي إذا، ويمكن أن تحاول تحريك بيادقك إلى الأمام على الرقعة الواسعة والأنيقة التي تلعب لعبة الحوكمة عليها.

وتساءل، هل ستستمر حركة العمل في أن تكون جزءا من النظام الرأسمالي ونموه، مع ضمان أن يكون هذا النظام مقبولا لأعضاء الاتحاد العمالي وجعل أموال الاتحاد متاحة لشركات المساهمة العامة، أم هل ستكون هذه الحركة جزءا من الجهود المتضافرة ضد آثار النظام غير العادلة، المدمرة، ليردف، بأن هذه الأسئلة أثارتها لوكسمبورغ بقوة في أوائل القرن العشرين في معرض جدل نظري واستراتيجي حاد من اعتبرتهم ديمقراطيين رجعيين، والمتمثلين بكل من إدوارد بيرنشتاين وكارل كوتسكي بالدرجة الأولى.

وأكد آلان، أن هوية اللاعبين تتغير بتغير الزمن، وأنه اليوم، ما عاد لدينا آيديولوجيون ديمقراطيون اجتماعيون في المؤسسات العمالية، يعملون على ضمان سير الأعضاء على درب التعاون المستقيم والضيق، ولقد صار المحامون يتولون هذا الأمر الآن، وربما من دون إدراك منهم، أما أعضاء النقابة العمالية فإنهم ما إن يشعروا بالحماس حتى يفكرون سياسيا أكثر منهم إداريا، ويقدمون أنفسهم كجسد اجتماعي ذي سيادة على أصوله المالية، ويتسلحون بمعرفتهم التي لا تعدو أن تكون قواعد للسلطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *