أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: الحق في الإضراب بين مطالب العمال وتقييدات الدولة (27)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة السابع والعشرين:

قال آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة”، إنه “سوف يتنادى العمال دائما بحقهم في الإضراب، فيما سوف تسمى الدولة هذه الدعوة بالتعسف في استخدام الحق، لأن الحق في الإضراب لم يكن مقصودا به أن يكون على هذا النحو، وسوف تطبق الدولة بناء على ذلك إجراءات استثنائية، هذا لأن الدولة تحتفظ لنفسها دائما بالحق بأن تقرر كون الإضراب المتزامن الذي تقوم به جميع الصناعات في آن واحد أمرا مخالفا للقانون، لأن الأسباب المحددة للإضراب المسموح به قانونا لا يمكن أن تكون متحققة في كل صناعة”.

وزاد آلان، لأن نظام السلطة القائم لن يمنح أبدا حقا قد يُستعمل للإطاحة به، فإن الحركة العمالية سوف تُجبر على التضحية ببعض المزايا التي منحها إياها هذا النظام لضمان ولائها، وسوف تُضطر إلى إيجاد طرق جديدة وخلاقة لتعبئة أعضائها.

وأضاف، إذا تحقق ذلك، فإن بعض الموارد سوف تنفذ، إلا أن الأثر السياسي الذي سوف ينجم عنه سوف يكون أقوى بكثير، واليوم صار على الحركة العمالية أن تختار بين ممارسة النشاط السياسي الذي قد يُضعفها ماديا، وبين البقاء في حالة ضعف سياسي مع الحفاظ على قواها الإدارية.

وكنموذج على ما سبق، أوضح آلان، أن أعضاء النقابة العمالية كانوا هم من منع كل حركة قاصدة نحو العصيان المدني عام 2012، عندما جاء الوقت لمحاربة مشروع قانون قدمته حكومة كيبيك الليبرالية، وهو القانون الخاص التي تم التصويت عليه خلال فترة من المظاهرات الطلابية الضخمة، والذي تضمن فرض عقوبات قاسية على كل من يعرقل الجداول الدراسية، وكذلك قيد حق المواطنين في التظاهر.

وأردف، لقد تم رفض مشروع القانون من طرف منظمة العفو الدولية، بالإضافة إل مجموعة من أكثر من أكثر من ستين أستاذا للقانون في كيبيك، اثنان من خبراء الأمم المتحدة المستقلين المتخصصين في مجال حرية التجمع والاجتماعات السلمية، وحرية الرأي والتعبير، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ولجنة كيبيك لحقوق الإنسان وحقوق الشباب.

وأكد، أن هذا القانون انتقده كذلك حاكم كيبيك السابق، الذي انتقى كلماته بدقة، واصفا إيه بالإغراء الفاشي، مشيرا “تتمثل المعضلة في كون اتحادات العمال تستمد وضعها والطبيعة الإدارية لوجودها من الدولة الرأسمالية، رغم أن وظيفة هذه الاتحادات تتمثل بمحاربتها أصلا، وإن الإضرابات الفعالة ممنوعة من قبل الدولة تحت الادعاء الأورويلي بأن المنع يقصد إلى ضمان الحق في الإضراب، هذا الحق الذي تم تقييده تقيدا صارما، إثر نص يقرر بأن الإضرابات سوف يتم تجنبها بشكل عام وأنها يمكن إنهاؤها دائما بواسطة قانون خاص، أو بواسطة تشريع يتعلق بالعودة إلى العمل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *