منتدى العمق

الإزدهار المعتدل الصيني.. شعار أم برنامج عمل؟‎

قال “لي كه تشيانغ” رئيس الوزراء الصيني في تقريره السنوي للدورة البرلمانية السنوية: “يجب علينا هذه السنة أن نعطي الأولوية لتثبيت استقرار الوظائف وحماية مستويات المعيشة، وكسب المعركة ضد الفقر، وتحقيق هدف بناء مجتمع مزدهر باعتدال من جميع جوانبه”.

ومن بين أهم ما آثارني في هذا القول والذي هو جوهر التقرير نفسه، هو ما سماه “لي” بالازدهار المعتدل من كل الجوانب، وهذا المفهوم المركب سيدخل ولا شك إلى دائرة مفاهيم التحليل الاقتصادي والاجتماعي، لأنه يقرن بين غايتين مهمتين بالنسبة للإنسانية، وهي تحقيق الازدهار وتحقيق العدالة، صحيح أن في العالم مظاهر كثيرة من الازدهار لكن أغلبها ينطوي على مظاهر ظلم فجة، ومن نماذجها التاريخية أنه في عز الأزمة التي يعيشها العالم في ظل الجائحة ثمة شركات عابرة للقارات تراكم ملايير الأرباح، وتستنزف من ميزانيات الأسر التي فقد معيلوها الشغل، ومن ميزانيات الفقراء الفقيرة أصلا ما تبقى منها.

إن الازدهار المعتدل يعني في بعض تجلياته:

تثبيت استقرار الوظائف: وتمت مخاوف كبيرة تسود العالم حول فقدان الملايين من العاملين لوظائفهم، وما يلزم عن ذلك من تداعيات على الأسر.

حماية مستويات المعيشة: في حالة عدم اتخاذ اجراءات وتدابير فعالة وعادلة، فإن قاعدة الفقر ستزداد اتساعا، والكثير من الأسر ستكون مضطرة لمواجهة تبدلات في مستويات المعيشة، قد تتأقلم معها وقد تنتفض ضد هذا التغير غير المرغوب فيه.

كسب المعركة ضد الفقر: إن كسب المعركة ضد الفقر سيكون الرهان الأبرز لما بعد الجاححة، والدول العاجزة في نظري عن ايجاد حلول ناجعة في هذا الباب قد تواجه مصيرا صعبا، والكثير منها ستدخل في اضطرابات وانتفاضات الجوع.

بناء مجتمع مزدهر باعتدال من كل جوانبه: إن الازدهار إما يكون معتدلا أو ظالما، و قد طغى الظلم على المجتمعات في ظل نظام القطب الأوحد، المرتكز على قوة إقتصادية ظالمة تمهد لنفسها الطريق بتأجيج الحروب وإصطناع الأعداء، والسعي للتحكم في الشعوب ومصائر الأمم

يبقى مفهوم “الإزدهار المعتدل” الصيني أنسب شعار للمرحلة، لكن هل سيتحول هذا الشعار لبرنامج عمل ليس فقط للصين ولكن بالنسبة لبقية دول العالم، تبقى الممارسة وحدها الرهينة بالجواب عن هذا السؤال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *