وجهة نظر

سي عبد الرحمان وسي بنكيران.. أية مقارنة؟

هناك صنف من اليسار مازال حاقدا وحانقا على الاحزاب التي جاءت من الحركات الإسلامية ولازال صنف منهم حاقدا على الدولة او المخزن كما يسمونه، أذكر في يوم من الايام كنا بمدينة خنيفرة سنة 2010 ان لم تخني الذاكرة في احدى الملتقيات الشبابية نناقش موضوعا من المواضيع لعله مشاركة الشباب في الحياة السياسية وأثناء التدخلات أخذ الكلمة أحدهم فبدأ بسرد تاريخ اليسار ومنظمة إلى الأمام وبدأ في القصف واعادة الكاسيطة المشروخة ايام الاعتقالات والتعذيب وقال بأن المخزن مازال يضيق علينا ووو فلما أنهى كلامه قلت له لوكان المخزن يضيق علية لما كنت الان بهذه القاعة ، وتقول هذا الكلام بكل حرية ،وتجرد، وباننا يجب أن نتصالح مع أنفسنا وذواتنا ،واليوم واقع اخر،وجيل اخر وعوض ان نركز على مانحن فيه انت تعيدنا إلى الماضي وتسقطه على واقع مغاير.

وهذا ما يحصل اليوم بعد انتقال القائد عبد الرحمان اليوسفي إلى الرفيق الأعلى ظهر الحاقدون ممن يريدون ان يوقعوا بين التيار اليساري وأبناء الحركة الاسلامية، ويريدون ان يعقدوا المقارنات بينه وبين بنكيران .في الوقت الذي يلزمنا ان نتحد من أجل مغرب الجميع المغرب ،الذي ساهم فيه عبد الرحمان اليوسفي في مرحلة التناوب ،ومغرب اخر أيضا ساهم فيه بنكيران لإنقاذ المغرب من وضع لايحسد عليه بعد ثورة الربيع العربي.

فالسياقات مختلفة والوقائع متفرقة ولكل وقعه ومساهمته السياسية ولا ينبغي أن نقارن بين رجلين من أبناء هذا الوطن إن كنا فعلا على وعي كبير بالمرحلة.
ومايحز في النفس ان من أبناء الوطن وهم أساتذة جامعيون اختاروا “التقلاز من تحت الجلابية “والضرب تحت الحزام، واختاروا ان يفرقوا اكثر من أن يجمعوا في هذه اللحظة.

منهم من اختار ان يعقد المقارنة بين عبد الرحمان اليوسفي وبين عبد الاله بنكيران ومنهم من اختار أن ينبش في تاريخ الحركة الإسلامية بالمغرب والياسر المغربي ليعقد المقارنة اللاأخلاقية واللامنهجية فقط لارضاء أحقاد دفينة وأمراض عصية على الشفاء .

عبد الرحمان اليوسفي هو شخصية أجمع عليها المغاربة يمينا ويسارا ورجل جاء في ظرفية حساسة من تاريخ مغربنا الحبيب فأدى رسالته ، ووضع كفاءته السياسية رهن إشارة المغاربة وملكهم ،وساهم في بناء المغرب الحديث .

هؤلاء الذين اليوم يحاولون ان يعقدوا المقارنة بين رئيس حكومة مع اختلاف الامنة والتسميات فلو جاء الراحل اليوسفية في هذا الزمن لجلدوه بافواههم ورموه بأقدح الاوصاف ، لان ما عاشه زمان اخر وسياسة أخرى وواقع اخر .

لنقرأ ما ذكره الكاتب عبد الصمد بن الشريف في مقاله سجال التناوب في المغرب الذي كتبه سنة 2014 حيث يقول : أي مقارنة بين حكومة التناوب التي قادها عبد الرحمن اليوسفي والحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، برئاسة عبد الإله بن كيران، والتي لم تكتمل ولايتها، لن تكون لها فاعلية كبرى، نظراً لاختلاف السياق التاريخي والظرفية السياسية والترسانة الدستورية والقانونية لكلتا التجربتين، ما يحتم وضع حدث التناوب التوافقي في السياق السياسي والاجتماعي والنفسي العام، علماً أن الحكم في المغرب لم يكن مستعداً لأسباب متعددة، لإشراك فاعلين من طينة اليسار في تدبير الشؤون العامة، والذين كانوا يعارضونه.

ولعل هؤلاء لم يطلعوا على ماحصل ابان التناوب التوافقي وما تعرض له أيضا اليوسفي من مؤاخذات ممن عايشوه وعاشوا التجربة ،الراحل بوستة الذي كان يشغل وزير الخارجية انتقذ بشدة عبد الرحمان اليوسفي -كما أورده اليساري الصحفي عبد الصمد بن شريف في احدى مقالاته عن التناوب التوافقي- وحمله المسؤولية السياسية في انحراف مسار تجربة التناوب التوافقي، وبأنه اسرف في حسن النية وتاثره بكلام الراحل الحسن الثاني بحديثه عن الوطن والسكتة القلبية وتصديقه له في الوقت الذي كان عليه ان يقول لا في اوقات كان يجب عليه ان يقولها .

الشاهد هنا ان كل تجربة سياسية لها إيجابيات ولها سلبيات ، ولا يمكن ان نعقد المقارنات من اجل ان ننفس على انفسنا ، أو ان نستغل الفرصة للايقاع بطرف دون طرف اخر، ففي النهاية كل اختار ان يخدم وطنه في مرحلة من المراحل وساهم بحسن نية في ذلك . رحم الله الرحل عبد الرحمان اليوسفي ونسأل الله ان يجزيه خير الجزاء على ماقدمه للمغرب والمغاربة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *