منتدى العمق

الحياة فرص لا تضيعها

كثير من الإعلانات تبدأ بكلمة فرصة لا تعوض، سواء تعلق الأمر بالبيع أو الشراء أو القروض البنكية أو غير ذلك. تترك أثرا عميقا في النفس . فحجروا هذه الكلمة على الجانب المادي، لكن الأمر أوسع من ذلك.

إن أعظم تحد يواجه الإنسان في حياته هو: كيف يستغل فرصها حتى يشعر بالسعادة والنفع في الدنيا والآخرة؟ فالفرصة هي الشيء النادر حدوثه، أو الذي لا يتكرر كثيرا، أو قد لا يتكرر أبدا. تحتاج منا الانتباه إليها وانتظارها واستثمارها، فمن خلالها يمكن للإنسان أن يصل إلى المعالي، وأن يحقق مبتغاه. ولنتحدث عن أمثلة من الفرص التي يجب استغلالها.

– التوبة: الإنسان معرض دائما للوقوع في الخطأ والذنب والغفلة والنسيان والجهل، كما جاء في الحديث” كل بني آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون” رواه الترمذي ففي هذا الحديث فرصة وأمل لمن وقع في الخطأ” خير الخطّائين التوابون” فالتوبة فرصة لكل مذنب.

– ليلة القدر: قال تعالى” ليلة القدر خير من ألف شهر” سورة القدر الآية 3، فإذا تأملنا الآية الكريمة نجد أنها تعبر عن فرصة عظيمة يمنحها الله لمن وفق في هذه الليلة التي تعادل ألف شهر، فالعمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خير من العمل في أكثر من أربعة وثمانين سنة وزيادة، مدة قد تعادل عمر الإنسان أو يزيد أو ينقص.

– صيام يوم عرفة فرصة للإنسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صيام يوم عرفة أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ” رواه مسلم . فصومه رفعة في الدرجات، وتكثير للحسنات، وتكفير للسيئات، فرصة محو ذنوب سنتين.

– الثلث الأخير من الليل: قال صلى الله عليه وسلم “ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر”. متفق عليه، الله يغفر لمن يريد أن يغفر له، ويستجيب لمن يدعو له، ويعطي من يسأله، فرصة استجابة الدعاء وتحقيق المتمنيات.

– وجود الوالدين على قيد الحياة: بر الوالدين فرصة للدخول إلى الجنة. قال صلى الله عليه وسلم “رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدُهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة” رواه مسلم.

– اغتنام الشباب والصحة والمال والوقت والحياة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” في هذا الحديث دعوة عظيمةٌ لانتهاز فرصة الحياة قبل فوات الأوان، شبابنا، صحتنا، أموالنا، أوقاتنا، حياتنا، هذه أمور يجب الوقوف عليها لقنص الفرص العظيمة التي هيأها الله لنا من أجل سعادتنا، مركز الثقل في الحديث كل شيء لا يدوم، الشباب مرحلة من عمر الإنسان ، فكيف يستغله ؟ رسول الله حذرنا من التفريط في هذه المرحلة من العمر، لأنه زمن القوة والعطاء ، زمن الغنيمة وحث على تداركها قبل فواتها، ولأسف أن بعض الشباب ظن أن هذه المرحلة مرحلة النوم والراحة والكسل. أما المال فهو أمانة، والإنسان مستخلف فيه فحسب، سرعان ما يذهب ويزول، أو ينتقل من مورث إلى وارثه. والفراغ نعمة من نعم الله عز وجل، سرعان ما تأتي الشواغل على حين غفلة، فيجد الإنسان نفسه عاجزا عن تحقيق أهدافه لضياع فرصة وقت الفراغ التي لم يغتنمها .وأما الحياة أيام معدودة تنقطع بالموت الذي يأتي فجاة من غير سابق إشعار، حتى إذا جاء نذم الإنسان على ضياع عمره فيما لا يعود عليه بالنفع. والصحة نعمة على المرء أن يفز بالوقت الذي يكون فيه صحيح الجسم قبل أن يعتري الجسم العلل، وحينها لم يعد قادرا العمل.

إن في حياة المسلم فرصا كثيرة لكسب الخير قد لا تعوض البتة طوال الحياة، وكثير من الناس لا يلتفتون إلى ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *