وجهة نظر

تعويضات أعضاء مؤسسات الحكامة.. هدر واستنزاف للمال العام

لعل المتتبع لتعويضات وأجور أعضاء ورؤساء مؤسسات الحكامة ببلادنا سيقف عند ضخامة حجمها والتي تؤدى من المال العام، وهي في عمقها وجوهرها إستجابة صريحة لسيلان لعب بعض النخب على الريع وتعطشها الزائد للتسلق الإجتماعي.

بإلقاء نظرة سريعة على بعض أجور وتعويضات هذه المؤسسات سيتبين حجم الهدر والإستنزاف الذي يتعرض له المال العام مع أن هناك مؤسسات لا يعرفها المغاربة ولم يسمعوا عنها أي شيء وهناك مؤسسات أخرى يظل أثرها محدودا وضعيفا، مع أن المفروض في هذه المؤسسات دستوريا وقانونيا وأخلاقيًا هو أن تشكل سلطة مضادة في وجه الإحتكار والريع والمساس بمبادئ وأسس دولة الحق والقانون وحماية مقومات المنافسة الحرة ومبادئ الحكامة والنزاهة والشفافية وحريات وحقوق الناس.

وإليكم بعض أجور وتعويضات أعضاء هذه المؤسسات:

أعضاء مجلس المنافسة: يتقاضون مبلغ 62618 درهم شهريا إلى جانب تعويض عن الإجتماعات قدره 17143 درهم بالنسبة لرئيس المجلس و5714،29 درهم حسب فئات العضوية وتعويضا عن المأموريات بمبلغ 700 درهم داخل المغرب و2000 درهم خارج المغرب.

الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء: يتقاضى أعضاء الهيئة 62618 درهم شهريا يضاف اليه تعويض عن الإجتماعات بمبلغ 7142,86 درهم للرئيس و 5714,29 درهم لباقي الأعضاء في حدود أربعة إجتماعات عن كل شهر الى جانب تعويض عن المأموريات بمبلغ 700 درهم داخل المغرب و2000 درهم خارج المغرب.

الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري (الهاكا): يتقاضى أعضاؤها مبلغ 36000 درهم شهريا وهو نفس التعويض الممنوح لأعضاء البرلمان يضاف اليه تعويض عن المأموريات في مبلغ 1000 درهم داخل المغرب و2500 درهم خارج المغرب.

المجلس الوطني لحقوق الإنسان: حدد مقرر رئيس المجلس تعويض الأعضاء بمبلغ 16000 درهم شهريا و 20000 درهم لرؤساء اللجن الجهوية ،الى جانب تعويض 2000 درهم عن كل اجتماع بمعدل عشرة اجتماعات كل شهر مع تعويض عن المأموريات بمبلغ700 درهم داخل المغرب و2000 درهم خارج المغرب.

المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي: يتقاضى أعضاؤه مبلغ 12900 درهم شهريا في حالة حضور الإجتماع،وتعويض عن ايام العمل يتراوح مابين 2200 درهم و3600 درهم في حدود ثمانية اجتماعات كل شهر، الى جانب تعويض عن كتابة التقارير بمبلغ 32300 درهم في حدود أربعة تقارير في السنة وتعويض عن المأموريات بمبلغ 700 درهم داخل المغرب و2000 درهم خارج المغرب.

المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي: يتقاضى أعضاؤه مبلغ 7142,86 درهم شهريا مع تعويض عن ايام العمل يتراوح مابين 2142,86 درهم و3571,43 درهم حسب فئات الاعضاء يضاف اليه تعويض عن كتابة التقارير يتراوح مابين 14285,71 درهم و57142,86 درهم مرة واحدة في السنة وكذلك تعويض عن المأموريات بمبلغ 1500 درهم داخل المغرب و1000 درهم خارجه.

من الناحية المبدئية لايمكن أن نكون ضد تعويضات وأجور أعضاء هذه المؤسسات شريطة أن تكون معقولة وموضوعية، لكن الأرقام والمبالغ اعلاه تفيد أن تلك التعويضات تجاوزت الحد المعقول وتشكل هدرا للمال العام وإستمرارا لسياسة الريع والإمتيازات وتتناقض مع الخطاب الرسمي حول الشفافية والحكامة وترشيد النفقات وسياسة التقشف التي تدعي الحكومة نهجها ويبدو أنها تطبقها فقط عندما يتعلق الامر بالفئات المقهورة.

والمثير أكثر في هذه التعويضات أن هناك من يجمع بينها وبين تعويضات مؤسسات أخرى وأجر الوظيفة التي يزاولها ومداخيل مهن حرة بالنسبة للبعض الاخر مما يجعل تعويضات وأجور هؤلاء الأعضاء متضخمة تتجاوز كل الحدود، وتساهم في نزيف هدر المال العام وفي تشكل نخب هجينة وريعية بإصطفافات غير طبيعية مما يهدد كل مقومات الإصلاح ببلادنا وينسف أسس أي تحول ديمقراطي والذي تشكل مثل هذه النخب تهديدا حقيقيا له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *