مجتمع

ابتدائية القنيطرة تبطل محضرا للشرطة وتقرر عدم مشروعية انتهاك سرية الاتصالات الشخصية

قضت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، بإبطال محضر الاستماع لأحد المتهمين، والمنجز من طرف عناصر الشرطة القضائية بمنطقة أمن المهدية، بالنظر إلى عدم استيفائه الشكليات القانونية المنصوص عليها في المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، كما قضت بعدم مشروعية اطلاع ضابط الشرطة القضائية على الاتصالات الشخصية للمتهم بدون أمر قضائي، واستعمالها ضده.

واعتبرت المحكمة حسب الحكم الذي تتوفر “العمق” على نسخة منه، تلك الإجراءات “خرقا للحق في سرية الاتصالات المنصوص عليه في الفصل 24 من الدستور، وبالتالي عدم جواز الاعتداد بها كدليل جنائي لعدم مشروعية تحصيلها”.

وقضت المحكمة ذاتها، بعدم مؤاخذة المتهم من أجل جنحة الاتجار في المخدرات، والتصريح ببراءته، وإدانته بتهم أخرى بشهرين موقوفة التنفيذ، وغرامة 500 درهم، فيما قضت بالحبس النافذ 10 أشهر على متهم ثاني وغرامة 4500 درهم، وعلى المتهم الثالث بالحبس شهرا موقوف التنفيذ.

وتعود تفاصيل هذه القضية إلى 29-04-2020، حيث توصلت عناصر فرقة الشرطة القضائية بمنطقة المهيدية بإخبارية مفادها أن شخصين يقومان بترويج المخدرات بالقرب من السوق النموذجي بهذه المدينة، وتم توقيف المعنيين، حيث تم حجز قطعتين من مخدر الشيرا، ومبالغ مالية، كما أن المعنيين غير متوفرين على رخصة التنقل الاستثنائي، وغير مرتدين للكمامات الواقية بالرغم من حالة الطوارئ المعلنة من طرف السلطات العمومية.

وتوبع المتهمون بتهمة حيازة المخدرات، والاتجار فيها، وعدم احترام حالة الطوارئ الصحية، وعدم ارتداء الكمامة الواقية للمتهم الأول والثاني، وحيازة المخدرات واستهلاكها، وعدم احترام حالة الطوارئ الصحية، للمتهم الثالث.

المحكمة الابتدائية عللت قرارها بإبطال محضر الاستماع، إلى عدم توقيع المصرح عليه، وفيما كان يجب على الإشارة إلى بيان أسباب عدم التوقيع، إكتفى المحضر بتوضيح أن المعني بعد قراءة ما صرح به، وافق على ما جاء في المحضر، ورفض التوقيع معللا الأمر بأنه “سوف يورطه أكثر”، كما أشار الحكم في تعليله لهذه النقطة “أنه من غير المستساغ عقلا وقانونا، وواقعا، أن يعبر المتهم عن موافقته، ويرفض التوقيع على محضر أقواله”.

وحيث أنه، وتبعا لإبطال هذا الإجراء الذي يعد شرطا جوهريا في صحة محضر الاستماع، ارتأت المحكمة إبطال المحضر نفسه لعدم استيفائه كل الشكليات القانونية، وذلك استجابة إلى الدفع المثار من قبل دفاع المتهم بعد التصريح بقبوله”.

وفيما يتعلق بوسائل الإثبات، ارتأت المحكمة -حسب الحكم القضائي- عدم الاعتداد بها، بما أنها أبطلت محضر الاستماع، واقتصرت على محضري المعاينة والاستنطاق أمام وكيل الملك، وما راج أمامها علنيا وشفاهيا، حيث تم مؤاخذة المتهم بما اعترف عليه بخصوص خرق الحالة الصحية، وحيازة مخدرات للاستهلاك، فيما أنكر واقعة الاتجار.

وورد في المحضر أيضا مكالمات هاتفية، ورسائل بين المتهم وأشخاص آخرين، واعتبرت المحكمة أن هذه الاتصالات غير كافية لإثبات واقعة الاتجار في المخدرات، كما أن تحصيلها جاء مخالفا لمبدأ “المشروعية الدستورية”، ذلك أنه تم خرقا لسرية الاتصالات الشخصية المكفولة دستوريا للمتهم، شأنه شأن جميع المواطنين، وهي الاتصالات التي لا يمكن الترخيص بالاطلاع عليها ضد أي شخص إلا بأمر قضائي.

وتوبع المتهم الأول بعدم التقيد بحالة الطوارئ، وعدم ارتداء الكمامة الواقية، كما أنه ضبط في حالة تلبس وهو بالشارع العام دون توفره على الرخصة النقل الاستثنائي.

المتهمان الآخران في نفس الملف، اعترفا في كل مراحل المحاكمة بشراء مخدر الشيرا، والمضاربة فيه، بالإضافة إلى عدم احترام الطوارئ الصحية، وعدم ارتداء الكمامة الواقية، فتمت إدانتهما.

وارتأت المحكمة حسب المصدر ذاته بتمتيع جميع المتهمين بظروف التخفيف، نظرا لقساوة العقوبة المنصوص عليها في فصل المتابعة مقارنة بخطورة الأفعال المرتكبة، ودرجة إجرامهم، فضلا عن حالتهم الاجتماعية والعائلية، مع جعل العقوبة الحبسية موقوفة التنفيذ في حق إثنين منهم، لانعدام سوابقهما القضائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *