وجهة نظر

التحية في العلاقة الاجتماعية

الانسان كائن اجتماعي يحتاج من حياته الى علاقات عامة، من وسط قريب، أو متعدد الأبعاد، تنبني فو متعدد الأبعاد، تنبني في صيرورتها على التحية، مصدر الاستقبال والتلاقي والتفاهم مع الآخر، من الدين أو من الحياة العامة، حتى وإن وقع فيها تراجع مع الطرف، الا ودلت على ضرر في العلاقات، بل هي من مبدئيات الحياة واستمراريتها.

فالإنسان حين يمر أو يجتمع مع الغير، من معرفة، أو لقاء عابر من غير معرفة، يقدم الى اللقاء أو تلك العلاقة التعريفية بالتحية، لفظا أو إشارة دالة على رمزية الاحترام والتقدير، نحو الآخر.

والتحية عمل تربوي يجري على الآداب العامة من العلاقة البشرية، غايتها روابط المودة من نسيج الأخلاق العامة في العلاقة الانسانية . وهي تختلف لفظا باختلاف أوقات اليوم، ومن مناسبات خاصة، وعامة، من الشهر، ومن السنة .

ويجري العمل بها من الوسط البشري، من الأعراف والتقاليد العامة، والتي لها دلالة ورمزية خاصة من الدين، أو من علاقة إنسانية ووظيفية من المجتمع .

التحية من الدين :

كما جاء في الدين الاسلامي من الآيات القرآنية : وإن حييتم بتحية، فحيوا بمثلها أو بأحسن منها .

والتحية في الدين ترمز الى السلام من الدين الاسلامي، وهو دين قدس السلام الذي يجمع بين الديانات السماوية من ائتلاف وسلام .

التحية بالمجتمع :

حين يترعرع الانسان من وسط اهله، تكون التحية من الأساليب التربوية التي يتلقاها في حياته الأدبية، بدءا من علاقته مع والديه، حيث يتعلم منهم تحية الصباح، عند الاستيقاظ وتنظيف الأطراف بالوضوء، والحضور نحو مائدة الفطور، وأيضا تحية وسط النهار وتكون سلاما من البيت وخارجه، وتحية الفترة الليلية .

وهناك التحية اللفظية من قرب حين الترحيب بالضيف من وقت قدومه، وحين توديعه، وأيضا تحية وداع الأقارب من السفر .

وكما تفرض التحية نفسها على العلاقات بين الأفراد من قرب، فإنها تدخل مجال التواصل عن بعد، بين الأفراد، حيث تأخذ التحية المقدمة من الرسائل المتبادلة .

وفي النظم الاجتماعية، يجري العمل في العلاقات الدولية من تحية العلم الوطني، ومن الشارع والطريق العام، الذي تسهر منه شرطة المرور على نظام السير والعبور، تجري التقاليد القانونية بمعاملة شرطي الطريق كل من أشار اليه بوقفة اختبار، من مخالفة أو حمولة، أن يقدم للمقابلة بالتحية، حين طلب تقديم الوثائق القانونية . لأجل تقديم التنبيه من أخطار الطريق، وتوجيه السير الوجهة الصحيحة .

التحية العائلية :

هي تحية تسود وتتطور مع التربية الجارية على الأجيال، مهدها الأولي من الاسرة، وسيرورتها العامة من المجتمع، ومنبعها بالمغرب من التشبث بالقيم التربوية من الوجهة الدينية، وهي كما تعرف للناشئ من وسط البيت، وتتأقلم مع الوسط العام خارجه .

تحية الوالدين والأقربين :

الاب والام شريكان في الحياة، ومن تربية الأبناء تربية صالحة، يتقدمها الأب من علاقته العامة خارج البيت، من عضويته بالجماعة التي تتبع الرشد من امام الجماعة، الذي يسهر على التعاليم الدينية من القراءة والمشافهة من المسجد لفائدة الجماعة، ومنها افشاء السلام .

ومن تم حين يتقدم النشأ للتربية والتعليم بالمسجد، يتعلم كيفية الجلوس على الراحتين من الأوقات التعليمية، كما يتلقن كيف يحيي والديه حين العودة الى البيت من مقام العلم، بتقبيل أيديهما .

وتقبيل اليد بالوسط العائلي والجماعي من خصائص التربية الاسلامية، وهي تواضع من الفرد وسلوك اجتماعي، قائم بالمعاملة على تقدير من هو أقدر شأنا من المعرفة، وأكبر سنا من الجماعة .

وكذلك الشأن في العلاقة العائلية الجارية مع بني العمومة والأخولة، ناهيك عن تحيات الكبار يوم التواصل من عيد اجتماعي، حيث يتبادلان مد اليد وتقبيلها من بعضهما بعضا، وكذلك الأمر بين النسوة، فضلا عن المعانقة من المودة .

أما الشيخ من كبار السن، فيتم تقبيل رأسه، مع رده التحية بالرضى والحظوة من الأدب .

وتنسب التحية العائلية من التقاليد الاجتماعية التي تعاملت بها الأجيال قرونا مديدة، في إطار الحفاظ على الروابط العائلية والجماعية والاجتماعية، التي تميز الحياة العائلية الاسلامية .

وبعد أن دخل التغيير الى الحياة الاجتماعية، من تطور الفكر من وسط جماعي الى مجال اجتماعي، ومن لباس محلي الى لباس عام، أخذت التحية منحى من البيت ومن المجال العام .

التحية العامة :

هي التحية التي تجري بها المعاملة من سياق الحياة العامة، ويغلب عليها المشافهة باللسان، أو المصافحة بالأيدي، ومن المعرفة عن قرب تحية وجيهة من الجهتين، مقرونة بالابتسامة وطلعة المحيا على الوجهين .

والتحية العامة من منطوق اللغة يجري التعامل بها على الصنفين، لا فرق فيها من الجنسين، والأخذ بها قولا وعملا من الآداب العامة بالحياة الاجتماعية .

وهكذا تطورت التحية بالحياة العامة من الوسط الاجتماعي، من مفهوم ديني، بالوسط الأسري، الى مفهوم عام من الوسط الاجتماعي

التحية المحددة :

التعامل بالتحية يجري من عدة طرق، باللسان عامة، وباليد خاصة، وبالوجه قرابة، وبالتلويح بعيدا من عامل الوقت أو المسافة .

وفي المجال الصحي وعند عيادة المريض من المستشفى، تجري تحيته من وقت الزيارة في مكان العزل الطبي بالمشافهة واستطلاع الحالة العامة، على نحو ما يتعامل به الطبيب مع المريض وقت المتابعة العلاجية .

وإن حمل الانسان باقة ورد الى المرأة من المستشفى وهي في حالة الوضع، أو الى المريض من وقت تماثله للشفاء، توضع جانبا منه دون التسليم اليدوي .

التحية زمن كورونا :

خلال مدة اجتياح وباء كورونا فيروس بلدان العالم، فرض المغرب حالة الطوارئ الصحية، والأخذ بالاحترازات الوقائية وضمنها العمل بالحجر المنزلي، والتباعد الجسدي، الذي يمنع المصافحة بالأيدي أو بالوجه، تجنبا لاحتمال حدوث عدوى من القرب .

واقتدى الناس خلال المرحلة الوبائية، بالمشافهة اللسانية واحترام المسافة، أو بالتلويح بعيدا باليد، او طأطأة الرأس حين التناظر من قرب . وأخيرا التحية عمل جاري بين بني الانسان، من جميع المجتمعات، جاء بها الدين، وكيفت العمل بها المجتمعات الدولية بالمحيط العام من طابع شخصي، وطابع قانوني من منظور رسمي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *