منتدى العمق

تزمامارت

كلنا يعلم ولو بالقليل عن التعذيب والتنكيل الذي تعرض له معتقلي تزممارت، بعد الأحدث الذي قام به قادتهم العسكريون، من خطط سياسية كانت نواياهم تهدف إلى قلب النظام المغربي لصالحهم، غير أن هذا الحلم لم يكتمل لتحقيق مرادهم، وانقلبت القوة إلى فشلٍ محقق بعد قتل الزعماء واعتقال أخرون وتقديمهم إلى مسطرة التعذيب والموت البطيء، منهم المأمورين الذين تكونوا من ضباط، ضباط صف، وطيارون، باعتبارهم تلاميذ الثكنات العسكرية.

كانت الحياة قبل سنة 1971م، تشهد تدشين عهد جديد – عهد الاستقلال و تهافت عن المناصب السياسية داخل الدولة-، طبعه نقص في الكفاءة المغربية لجعل المغرب يستقل في تنظيم شؤون دولته مما أعطى الضوء الأخضر للعائلات الميسورة (النخبة)، الدخول في غمار السياسة و اكتنازها للمناصب الشائكة على رأس الدولة المغربية.

إن تضارب المصالح بين الأحزاب السياسية أدى إلى خلق ما يعرف بالانقسامية، مما حال عن ابعاد مصلحة الجمع و غلبت مصلحة الفرد – أي الكل أصبح ينظر إلى طريقه و الابتعاد عن الطريق الواحد لبناء مستقبل مشرق للبلاد-، أمر حتّم على المغرب أن يبقى خلف الخبرة الخارجية للتحكم في زمام أموره. إننا لا نشك في أن ما وصل إليه حال المغرب بعد سنة 1971م أو قبل هذا التاريخ من انتفاضات ومحاولة الانقلابات السياسية المصرح بها والغير الواقع حيز التصريح، نتاجا لسنوات بعد سنة 1956م – حصول المغرب على الاستقلال-، أو قبلها بقليل.

تميز النصف الثاني من القرن العشرين بحركة سياسية مشحونة، خاصة بعد الاستقلال مما أفرز اتجاهات مخالفة الأراء في الساحة السياسة. و يبقى ما تقدم به دارسوا تاريخ المغرب، ما هو إلا نشاز أحدات بقيت عالقة في الأذهان لم ينقلوا لنا أحدات التاريخ على طبيعتها الحقيقية، الأمر الذي دفع ببعض الباحثين الجامعيين النبش في مختلف قضايا تاريخ المغرب، و دراسة مختلف الروايات لتخريج بعض الحقائق منها، و من هؤلاء نذكر: عبدالله العروي في كتابه مجمل تاريخ المغرب، حاول أن يطوف بتاريخ المغرب عبر مختلف الأزمنة، لقبته بالعصفور الطائر فوق كل العصور، يحلل و يعطي حقائق و يتبعها بنقد بناء، غير أنه كتب بلغة دسيمة لا تخلوا من فلسفة التاريخ، لكن رغم ذلك يبقى دواء لشفاء عقول القراء من أجل ترقيع جرح تاريخ المغرب عبر مختلف العصور.

سيرا على منوال ما كُتب عن تاريخ المغرب نذكر ” تاريخ المغرب تحيين و تركيب”، اشراف وتقديم محمد قبلي. شارك فيه العديد من الباحثين الجامعيين، و يعتبر مصدرا غنيا بمعلومات تفيد في تاريخ المغرب العامة، يشفي غليل القارئ الباحث في تاريخ المغرب مما يقدمه من قضايا تاريخية عبر مختلف العصور. لغته بسيطة، ومنهجه واضح. إنه منبع صافي شافي لتكتمل الصورة للقارئ.

إضافة لهذه الدراسات هناك أخريات لا تقل أهمية عن سابقاتها، وجهت أسطرها للنبش في قضايا مهمة في تاريخ المغرب. هؤلاء منهم من كلف نفسه في البحث عبر مختلف العصور، ومنهم من همَ بالبحث في قضية تاريخية في عصر معين. نذكر إبراهيم حركات وسم كتابه بعنوان المغرب عبر التاريخ، وغيره من المؤرخين الذين ملكهم شغف الكتابة على وطنهم.

ما تقدمنا به تبقى الاضاءات الأولى لموضوعنا الحساس في تاريخ المغرب، قضية تزممارت، الحدث التاريخي الذي وصلنا كاملا شاملا ذاكرا لا نقول الكل، لكن الأهم منه وصلنا عن طريق أناس عاشوا الأحداث داخل ما اسميناه بجحيم القرن العشرين.

عبّر هؤلاء عن معاناة عاشوها في معتقل الموت البطيء، قتلت في بعضهم أمل النجاة، وأعلنوا استسلامهم للظلام الحالك والموت المحقق، وآخرون سلموا أمرهم لبصيص أمل – وهم فقط – في الحياة. قتلت الزنازن- قفص المحن- شبابهم في التفكير وترك الخيال حتى أصبح الكثيرمنهم عقله خارج جسده، أصابهم الهلع و الدعر من سوط الجلادون و جبروتهم، هؤلاء الذين وجدوا فرصة سانحة لتفريغ مكبوتات القمع الذي تعرضوا له من طرف اسيادهم (..).

تعذب نزلاء تزممارت على أشياء لم يضعوا لها أدنى سبب، فقط تنفيذ لأوامر مرؤوسهم. ففي اليوم العاشر من شهر يوليوز من سنة 1971م، اقتحم أطر و تلاميذ مدرسة أهرمومو العسكرية قصر الصخيرات برئاسة امحمد اعبابو، الذي كان يخطط لقلب النظام. كان اعبابو مديرا للمدرسة المذكورة، يهابه الجميع داخل الثكنة.

لم يكن يعلم الجميع بنوايا بما أطلقوا عليه بالمناورة أو حماية الملك، لهذا الامر عند اقتحام القصر وبدأت طلقات الرصاص متعاكسة اندهشت بعض الكتيبات العسكرة لما يقع من هلع وفوضة مفاجئة، الكل من كان داخل القصر طارده الدعر مسارعا في البحث عن مخبأ يحميه من موت محقق.

بقي الحال كأن حرب بين جيشين، بعدما سنحت الفرصة للمقدم اعبابوا الدخول إلى القصر باحث عن الملك الحسن الثاني(1929/ 1999م)، الذي كتب له النجاة من الموت. وهنا في قصر الصخيرات وقع خلاف بين اعبابو و المذبوح، حيت قتل الأول الثاني مخافة منه أن ينكل به. وبعد ذلك قرر مقدم مدرسة أهرمومو التوجه إلى الرباط (العاصمة) من أجل الإعلان عن نجاح الانقلاب في الإذاعة الوطنية تاركا بالقصر(الصخيرات) أخوه محمد اعبابو، لكنه لم يصل إلى نواياه، حيث قُتل على يد أحد تلاميذ ثكنة أهرمومو الذي كان موظفا هناك.

وعند انتهاء حلبة الصراع انقلب الكف على عاقبيه وبدأت تصفية الحسابات، وأُعطيت الأوامر باعتقال كل مشارك في القضية ليتم الشروع في تأديبهم عن شيء لم يدبر له أدنى فكرة، رغم ذلك لم يكتفي النظام بالاعتقال فقط، بل ذهب إلى القتل الشنيع للعديد من الضباط وضباط صف. إن مجزرة سبعينات القرن العشرين كان لها وقع في التحولات السياسية فيما بعد.

في سنة الموالية لإنقلاب الصخيرات، عاود الرجل الثاني مكانة في المغرب ” أفقير” انقلابا من نوع أخر، و هو الانقلاب الذي عرف بانقلاب الطائرة بوينغ سنة 1972م. دبره أحمد أفقير لقتل ملك المغرب ” الحسن الثاني” أثناء عودته من فرنسا، و من عادة العسكر أن يرسل وفدا يحي الملك أثناء دخوله إلى المغرب حتى يصل إلى مسقط الرأس. ترأس هذا الوفد صالح حشاد الذي سيعتقل في الزنزانة رقم 29، العنبر الأول، تزممارت، ونفد في حقه 20 سنة من الموت البطيء. وقد تزامن الوفد مع طائرات أخرى أرسلت لتنفيذ ما كان يخططه أفقير، وكتب الله مرة الثانية للملك” الحسن الثاني” النجاة، و فشل الانقلاب. أما عن المعتقلين بدون سبب نذكر حشاد الذي تقدموا به إلى المحكمة دون السماح له و لغيره لتبرير براءتهم، هنا يتسأل حشاد عن موقف دليمي منه، و أنه كان ينتظر براءته كدحو و غيرهم.

سجناء تزممارت:

معتقل التعذيب و الموت البطيء، كلف 58 ضابطا و ضابط صف عقاب لا حد له من وصف بشاعته. تكون المعتقل من عنبرين، كل عنبر يحتوي على 29 زنزانة، يمكن الوقوف على تزممارت

– بن عيسى الراشدي، العنبر الأول، زنزانة رقم: 1 حكم عنه ب 3 سنوات، رتبته في الجيش سرجان، توفي في 29 يونيو 1983.
– محمد الغالو، العنبرالاول، زنزانة رقم:2، نفد في حقه20 سنة، رتبته في الجيش يوطنان، توفي في 3 يناير 1989.
– عبداللطيف بلكبير، العنبر الأول، زنزانة رقم: 3، نفد في حقه 4 سنوات، رتبته في الجيش قبطان، كتب الله له الفرج من الموت.
– عبدالعالي مدين الصفروي، العنبر الأول، زنزانة رقم:4، نفد في حقه 4 سنوات، رتبته في الجيش ملازم الأول، كتب الله له الفرج من الموت
– عبد الله أعكاو، العنبر الأول ، زنزانة رقم: 5، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– التيجاني بن رضوان، العنبر الاول ، زنزانة رقم:6، نفد في حقه 5 سنوات، كان ملازم الاول، توفي في 26 غشت 1984.
– السجعي محمد الاول، زنزانة رقم 7، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب الثاني،توفي يوم 23 أكتوبر 1977.
– محمد العفياوي، العنبر الأول، زنزانة رقم 8، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني في الجيش، كتب الله له الفرج من الموت.
– عبدالكريم الساعودي، العنبر الاول، زنزانة رقم 9، نفد في حقه 4 سنوات، كان ليوطنان، كتب الله له الفرج من الموت.
– أحمد المرزوقي، العنبر الأول، زنزانة رقم 10، نفد في حقه 5 سنوات، كان ملازم ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– ادريس اشبرق، العنبر الأول، زنزانة رقم 11، نفد في حقه 3 سنوات، كانملازم ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد آل الزموري، العنبر الأول، زنزانة رقم 12، نفد في حقه 20 سنة، كان ملازم أول، كتب الله له الفرج من الموت.
– أحمد بوحيدة، العنبر الأول، زنزانة رقم 13، نفد في حقه 3 سنوات، رقيب ثاني،كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد الرايس، العنبر الأول، زنزانة رقم 14، نفد في حقه، المؤبد، كان المرشح ( الاسبران)، كتب الله له الفرج من الموت.
– مبارك الطويل، العنبر الأول، زنزانة رقم 15، نفد في حقه 20 سنة، كان ملازم أول،كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد منصت، العنبر الأول، زنزانة رقم 16، نفد في حقه 12 سنة، كان ملازم اول، كتب الله له الفرج من الموت.
– أحمد الوافي، العنبر الأول، زنزانة رقم 17، نفد في حقه 10 سنوات، كان نقيب، كتب الله له الفرج من الموت.
– المفضل الماكوتي، العنبر الأول، زنزانة رقم 18، نفد في حقه 20 سنة، كان لاجودان شاف، كتب الله له الفرج من الموت.
– عبدالرحمان صدقي، العنبر الأول، زنزانة رقم 19، نفد في حقه 3 سنوات، كان ملازم ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– لحسن أوصياد، العنبرالأول، زنزانة رقم 20، نفد في حقه ثلاثة سنوات، كان رقيب ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– العربي أزيان، العنبر الأول، زنزانة رقم 21، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني توفي يوم 2 يناير 1980.
– عقا المجدوب، العنبر الأول، زنزانة رقم 22، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– الجيلالي الديك، العنبر الأول، زنزانة رقم 23، نفد في حقه 5 سنوات، كان مساعد أول، توفي يوم 15 شتنبر 1980.
– امحمد بوعملات، العنبر الأول، زنزانة رقم 24، زنزانة رقم 3 سنوات، كان رقيب ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد المجاهد، العنبر الأول، زنزانة رقم 25، نفد في حقه أربع سنوات، كان ملازم ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– ميمون الفاكوري، العنبر الأول، زنزانة رقم 26، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، انتحر يوم فاتح يونيو 1990.
– محمد غلو، العنبر الأول، زنزانة رقم 27، نفد في حقه 5 سنوات، كان نقيب، كتب الله له الفرج من الموت.
– موحا بيطي، العنبر الأول، زنزانة رقم 28، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، توفي في شهر مارس 1984.
– صالح حشاد، العنبر الأول، زنزانة رقم 29، نفد في حقه 20 سنة، كان نقيب، كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد شمسي، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 3 سنوات، كان ملازم أول، توفي يوم 22 فبراير 1974.
– عبدالعزيز بين بين، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 10 سنوات، كان ملازم ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– عبدالسلام حايفي، الثاني، ..، نفد في حقه 20 سنة، كان ملازم أول، توفي في شهر أكتوبر 1989.
– عبدالعزيز عبابو، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 5 سنوات، كان رقيب أول، توفي يوم 1 شتنبر 1978.
– عبدالسلام الرابحي، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب، توفي سنة 1981.
– محمد العايدي، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 3 سنوات، كان مساعد، توفي يوم 20 فبراير 1978.
– رابح البتيوي، العنبر الثاني،…، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب، توفي 24 أبريل 1977.
– قاسم القصراوي، الثاني،..، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب، توفي يوم29 دجنبر 1977.
– علال مهاج، العنبر الثاني،..، نفد في حقه 3 سنوات كان رقيب، توفي يوم 9 دجنبر 1977.
– علال الهدان، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب، توفي في الأيام الأولى لهم في تزممارت.
– ادريس الدغوغي، العنبر الثاني،…،3 سنوات، كان رقيب، كتب له الله الفرج من الموت.
– غاني عاشور، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه المؤبد،.. ،كتب له الله الفرج من الموت.
– عبدالحميد بندورو، العنبر الثاني، ..، نفد في حقه 10 سنوات، كان نقيب، توفي يوم 5 مارس 1991.
– عماروش كويين، العنبر الثاني، زنزانة رقم 30، نفد في حقه 10 سنوات، كان لاجودان، توفي يوم12 فبراير 1978.
– محجوب الياكدي، العنبر الثاني، زنزانة رقم 45، نفد في حقه 20 سنة، كان ملازم ثاني، توفي في اليوم الذي توفي فيه كويين.
– محمد أبو المعقول، العنبر الثاني، زنزانة رقم 44، نفد في حقه 5 سنوات، كان مساعد أول، توفي يوم 21 أبريل 1978.
– عبدالكريم الشاوي، العنبر الثاني، زنزانة رقم 46، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– الرجال أحمد، العنبر الثاني، زنزانة رقم 47، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد كينات، العنبر الثاني، زنزانة رقم 48، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب ثاني، توفي يوم فاتح دجنبر 1974.
– عبدالله الفراوي، العنبر الثاني، زنزانة رقم 49، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب أول، توفي سنة 1983.
– عبدالعزيز الداودي، العنبر الثاني، زنزانة رقم 50، نفد في حقه 10 سنوات، كان ملازم ثاني، كتب الله له الفرج من الموت.
– التهامي أبونسي، العنبر الثاني، زنزانة رقم 51، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب، توفي يوم 13 يناير 1977.
– بوشعيب سكيبا، العنبر الثاني، زنزانة رقم 52، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب، كتب الله له الفرج من الموت.
– محمد عبدالصادقي، العنبر الثاني، زنزانة رقم 53، نفد في حقه 5 سنوات، كان رقيب أول، توفي سنة 1983.
– رشيد لمين، العنبر الثاني، زنزانة رقم 54، نفد في حقه ثلاث سنوات، كان مساعد أول، توفي سنة بعد الرقيب محمد عبدالصادقي.
– موحا بوتو، العنبر الثاني، زنزانة رقم 55، نفد في حقه ثلاث سنوات، كان ملازم ثاني، توفي يوم فاتح مارس 1978.
– محمد الكوري، العنبر الثاني، زنزانة رقم 56، نفد في حقه 12 سنة، كان ملازم ثاني، توفي يوم 6 فبراير 1977.
– ادريس بحباح، العنبر الثاني، زنزانة رقم 57، نفد في حقه 3 سنوات، كان رقيب،توفي يوم 26 يناير 1976.
– بوجمعة أزندور، العنبر الثاني، زنزانة رقم 58، نفد في حقه 5 سنوات، كان ملازم ثاني، توفي سنة 1986.

ربما وصف المرزوقي و صلاح حشاد، و محمد الرايس، و مبارك الطويل لمذكراتهم داخل ما أسميناه بجحيم القرن العشرين، تتكون لنا صورة واضحة عن الويلات و المعاناة النفسية و المرضية لتعطي في مخيلاتنا مظاهر بشاعة الأجسام التي أصبح عليها السجناء بعد سنوات من التعذيب، هياكل كل شيء فيها مكشوف، و يقول مبارك الطويل أن حالة معتقلي العنبر الثاني كانت أسوء بكثير من معتقلي العنبر الأول، لكن الأمر الذي لا مجال فيه للنقاش هو أن حجم التعذيب لم يختلف بين جل السجناء، ما عدا مبارك الطول الذي سيعتنى به عندما كشفت زوجته الأمريكية بأنه معتقل في تزممارت عن طريق الرسائل التي تم تصريبها بواسطة حراس متعاطفون.

تمكن معتقلي تزممارت رغم الحصار الشديد تصريب العديد من الرسائل التي لولاها لا ما تم الافراج عن ما تبقي من المعتقلين، و يقول المرزوقي في مناسبات عديد أنهم مدينون للغرب و لولاهم لا كان الكل تحث التراب الأن.

مات العديد من السجناء بعد انتظارهم الطويل لشم رائحة زكية تبعد عنهم الرائحة الكريهة، منهم من صنع شيء ليطرد اليأس و منهم من صنع فخا ليجعله حدا لحياته، و منهم من قاوم المرض لأيام ثم مات في حالة تحز في النفس. فاللهم ارحمهم و أسكنهم فسيح جناتك يا أرحم الراحمين.

بإجمال، تبقى تزممارت وبل على النظام المغربي، و لا يخفى أن كل رؤوس الدولة أنكرت وجود ذلك، و مع بداية التسعينات كل شيء أصبح مكشوفا بفضل المنظمات الحقوقية التي لولاها لما وصنا خبر معتقلي تزممارت، و لكي لا ننسى فالتاريخ يسري و الأحداث بصماته، فما عاشه معتقلي تزممارت لازال الأمر يتكرر مع العديد من السجناء الأن، منهم معتقلي الريف، القابعون في السجون لحق مصرح دستوريا، فلا نستغرب إن سمعنا يوما عن استكشاف تزممارت أخرى.

* طالب باحث في سلك الماستر، شعبة التاريخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *