مجتمع

سابقة بالمغرب .. قاضي يقضي بنسب طفل مولود خارج إطار الزواج لأبيه البيولوجي

أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة حكما قضائيا يعد سابقة من نوعه في تاريخ القضاء المغربي، حيث أقر مبدأ حق الطفل المولود خارج إطار الزواج في انتسابه لأبيه البيولوجي، وحق الأم في التعويض عن الضرر الذي لحقها من جراء إنجاب ناتج عن هذه العلاقة، وعللت المحكمة قرارها بنصوص من اتفاقيات دولية ومن الدستور.

واعتمدت المحكمة، في إصدار حكمها، حسب ما أورده موقع “المذكرة القانونية”، على عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل التي صادق عليها المغرب، مقرا حق الطفل الطبيعي في معرفة والديه البيولوجيين، واضعا بذلك حدا لاجتهاد قضائي ترسخ على مدى أزيد من 60 سنة منذ صدور مدونة الأحوال الشخصية بالمغرب، حيث كان يقضي بعدم قبول الاعتراف بنسب الأطفال المولودين خارج إطار مؤسسة الزواج، وإعفاء آبائهم من أي التزامات تجاههم لكونهم أبناء غير شرعيين يلحقون بنسب أمهاتهم.

وتعود تفاصيل القضية، حسب المصدر ذاته، إلى أواخر سنة 2016 حيث تقدمت امرأة بدعوى أمام قسم قضاء الأسرة بطنجة، تعرض فيها بأنها أنجبت بنتا من المدعى عليه، خارج إطار الزواج، ورفض الاعتراف بها، رغم أن الخبرة الطبية أثبتت نسبها إليه، مُلتمسة من المحكمة الحكم ببنوة البنت لأبيها، وأدائه لنفقتها منذ تاريخ ولادتها.

القضاء حدد للمدعية تعويضا قدره عشرة ملايين سنتيم، وأسقط النفقة لارتباطها بالزواج الشرعي.

ووفقا لذات المصدر، فقد أشار المدعى عليه في جوابه، على أن طلب المدعية غير مؤسس قانونا، على اعتبار الخبرة الطبية المدلى بها في الملف، وإن أثبتت العلاقة البيولوجية بينه وبين البنت، فإنها لا تثبت العلاقة الشرعية، وبأن النسب في مدونة الأسرة يثبت بالزواج الشرعي، وبأن البنوة غير الشرعية ملغاة للأب، ولا يترتب عنها أي أثر، وقد أدلى بحكم محكمة قضى بإدانته من أجل جنحة الفساد طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي، ملتمسا رفض الطلب.

وبعد سلسلة من المداولات قضت المحكمة بثبوت البنوة بين الطفلة وبين المدعى عليه اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية التي أثبتت العلاقة البيولوجية بينهما، مميزة في هذا الصدد بين البنوة والنسب الذي لا يؤخذ به وبمفاعيله إلا في حال البنوة الشرعية.

ورفضت المحكمة طلب المدعية بإلزام المدعى عليه بتحمل نفقة البنت، وعللت المحكمة قرارها بكون النفقة من آثار النسب الشرعي، لكنها، وفي أول سابقة لجأت إلى إعمال قواعد المسؤولية التقصيرية لتُلزم الأب البيولوجي بدفع تعويض للمدعية نتيجة مساهمته في إنجاب طفلة خارج إطار مؤسسة الزواج.

وهكذا ارتأت المحكمة بعد ثبوت علاقة البنوة بين البنت والمدعى عليه، وما يستلزمه ذلك من رعايتها والقيام بشؤونها ماديا ومعنويا والحفاظ على مصالحها كمحضونة، وما يتطلبه ذلك من مصاريف أن تمنح المدعية تعويضا يحدد في مائة ألف درهم”.