وجهة نظر

في الولوجيات الرقمية

يبقى ملف الإعاقة تمرين حقوقي بامتياز تقاس به الدولة وقدرتها على خلق توازن واندماج لفئة مجتمعية تحتاج الى الدعم وتيسير الحياة والوصول الى الخدمات بشكل يضمن العدل والانصاف والتوازن، وربما من حسنات هذا الحجر ان العديد من المشاريع أصبحت تحتم تسريع تنزيلها ومنها الاتجاه الى الرقمنة ،حيث أضحت رهانا وتحديا على حكومة دشنت استراتيجية المغرب الرقمي منذ سنة 2013،بميزانية مهمة شملت إعادة النظر في العديد من الإجراءات التي كانت تتسم بنوع من البطء والبيروقراطية المعطلة للمصالح وتقدم مجالات الخدمة العمومية والاستثمار في القطاعات المنتجة.
ويبقى اهم ملف يؤرق الفاعل الحكومي هو ملف الإعاقة ،فبعد توفر المغرب على قانون اطار مرجعي يحدد التوجهات الكبرى للدولة في مجال حماية حقوق هاته الفئة التي هي تحتاج الى العناية والاستمرارية في العناية والتقدم وتجويد الخدمة الاجتماعية في اطار ما اصطلح عليه بالرعاية الاجتماعية المنفتحة .
من الحق في الولوجيات الى الولوجيات الرقمية
يستمد هذا الحق أهمية خاصة من خلال ارتباطه بأحد أهم الحقوق الأساسية للأشخاص في وضعية إعاقة، ألا وهو الحق في ولوج مرافق الحياة العامة، وولوج الخدمات بمختلف أنواعها، وولوج المعرفة والتحصيل وولوج مختلف الخدمات التي تخول له المشاركة الاجتماعية والسياسية والاندماج الاجتماعي والاقتصادي بشكل يرفع عنه كل إقصاء بسبب الإعاقة بشتى أنواعها.

وقد جاء دستور المملكة ليكرس هذه الحقوق مما يعطي لورش إرساء الولوجيات بعدا إستراتيجيا على مستوى إحقاق حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

وقد دشنت الوزارة المكلفة بالملف خدمة تسهل عملية تسليم الشواهد الاشهادية على وضعية هاته الفئة بطريقة رقمية وقريبة وسريعة، ومن شأن هاته الخدمة ان تساهم في التعرف على الخريطة العامة لوضعية الإعاقة بالمغرب، في افق الانخراط الكلي في تنزيل مجموعة من التدابير الإنمائية والهادفة الى الدعم المباشر لهاته الفئة ، بما يضمن قوة وانخرطا في مسلسل الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لهاته الفئة .

ومن شأن نظام تقييم الإعاقة ان يجود مجموعة من الخدمات التي سيقدمها نظام الدعم الاجتماعي الذي تعكف الوزارة على اخراج مقتضى تشريعي تنزيلا لقانون اطاررقم 97/13.

وفيما يخص الولوجيات التي جاء برنامج العمل في مجال تفعيلها ، نتيجة تبني الحكومة المغربية لإستراتيجية تخص تحسين قطاع التنقلات الحضرية بالمغرب بما يضمن تيسير استفادة الأشخاص ذوي الحركية المحدودة من وسائل التنقل الحضري.

وقد ساهمت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، في تسطير الأنشطة المتعلقة بالولوجيات والتنقل الحضري والمضمنة بهاته الإستراتيجية، وتشمل بالأساس :

خلق الإطار القانوني والتنظيمي الضروري لتحديد الاحتياجات في مجال سهولة التنقل.

وتعزيز القدرات المؤسساتية للأطراف الفاعلة حول قضايا سهولة التنقل ووضع آليات التعاون.

وتعزيز القدرات التقنية من خلال إعداد كتيبات توجيهية ومن خلال التكوين وتوحيد معايير أجهزة النقل.

وكذا تسريع وتيرة أنشطة التحسيس والتواصل.

وعلى ضوء هذه الإستراتيجية، تم إعداد برنامج عمل وطني يخص الولوجيات من طرف ممثلي الوزارة وممثلي البنك الدولي، تم عرضه على لجنة للإشراف مكونة من ممثلي القطاعات الحكومية المعنية وممثلي المجتمع المدني، وتم إحداثها لهذا الغرض، من أجل مراجعة مشروع البرنامج والمصادقة عليه.

وقد استطاعت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في هذا الإطار، الحصول على دعم مالي (هبة) من البنك الدولي يقدر ب 3 مليون دولار أمريكي لتمويل هذا البرنامج، وتم التوقيع على اتفاق الهبة بين الحكومة المغربية والبنك الدولي يوم 2 مارس 2012.

ويندرج هذا البرنامج في إطار التعاون الدولي من أجل النهوض بوضعية الأشخاص في وضعية إعاقة وتمتيعهم بالحقوق المنصوص عليها في القوانين الوطنية والدولية، لا سيما فيما يخص حق التنقل بكل حرية وإزالة كل الحواجز البيئية والمادية التي تحول دون تحقيق هذا الهدف، ومن ذلك تيسير الولوجيات بمختلف المرافق العمومية وتلك المفتوحة للعموم ونشر ثقافة الولوجيات داخل المجتمع بصفة عامة و في أوساط المتدخلين والمختصين في مجالات البناء والتعمير والنقل بصفة خاصة.

كل هاته الإجراءات المتخذة تحتاج الى الاستمرارية في التغيير للعقليات وكذا اشراك الجمعيات العاملة والجادة في مشروع الولوجيات لتهيئة تحول سلس الى ما يصطلح عليه بالولوجيات الرقمية .

فماذا يقصد بالولوجيات الرقمية؟

الولوجيات الرقمية مرتبط بمؤشر المشاركة الالكترونية، الذي هو جزء من مؤشرات الحكومة الرقمية وهي قدرة المواطن وتمكينه لاستخدام أجهزة الكمبيوتر وبرامجها، بالإضافة إلى إنشاء الموارد الرقمية والوسائط (الكمبيوتر ، والهاتف المحمول ، والأجهزة اللوحية ، وما إلى ذلك) الموجهة لأكبر عدد من الأشخاص وخاصة للأشخاص الذين يعانون من إعاقة حسية أو عقلية أو معرفية.

و يندرج كبار السن في فئة الأشخاص الذين يحتاجون أيضًا إلى هاته الوسائل والأدوات الرقمية .

وفي أوروبا تعد الولوجيات التزام مدني، حيث ان نشر المنتجات والخدمات الرقمية التي يمكن الوصول إليها على نطاق أوسع يعزز التكامل المهني والتكامل الاجتماعي وبيئة معيشية مستقلة ومتوازنة .

وفي فرنسا ، ينص قانون 11 فبراير 2005 في المادة 47 منه ، على انه “من أجل الحقوق والفرص المتساوية والمشاركة المواطنة للأشخاص ذوي الإعاقة ينبغي إمكانية الوصول إلى خدمات الاتصال العامة عبر الإنترنت ، من أجل خدمات الدولة والسلطات المحلية والمؤسسات العامة التي تعتمد عليها “مبدئياً. وهذا الالتزام موجود في بلدان أخرى منذ التسعينيات، كما هو الحال مع الولايات المتحدة الامريكية .

المعايير العالمية للولوجيات الرقمية

منذ 1997، أصبح هناك اتحاد شبكة الويب العالمية ، بمثابة سلطة معايير الويب ، مهتمة بإمكانية الوصول وأنشأت (مبادرة إمكانية الوصول إلى الويب) ، وقدمت العديد من التوصيات لجعل الويب متاحًا بما في ذلك التقنيات المساعدة التي يستخدمها الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتعني الولوجيات الرقمية أنه يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة استخدام الرقمنة ، على وجه التحديد ويمكنهم إدراك عالم الانترنت وفهمه والتنقل فيه والتفاعل معه ، ويمكنهم المساهمة على الويب.

كما تفيد إمكانية الولوج الرقمي للآخرين ، بما في ذلك كبار السن، الذين تتغير قدراتهم مع تقدم العمر.

و تتعلق إمكانية الولوج هذه بجميع الإعاقات التي تؤثر على الولوجيات الرقمية ، والتي تشمل الإعاقات البصرية والسمعية والبدنية والتعبيرية والإدراكية والعصبية. ”

وفي المغرب نصت السياسة العمومية المندمجة للأشخاص ذوي إعاقة، وهي تشكل توجهات عامة في هذا المجال وتنص بالخصوص على تطوير التكوين في مجال لغة الإشارة وطريقة برايل وطرق أخرى ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال والعمل على جعل أدوات التعلم في متناول الجميع، مع ضمان مطابقتها لمعايير الولوجيات القائمة.

كما تنص على إدماج وسائل الاتصال البديلة في وسائط التواصل العمومي، سواء تعلق الأمر بوسائل الإعلام الوطنية أو وسائط الإخبار الإدارية للسلطات العمومية.

وهذا يعني أن تجعل السلطات والمؤسسات العمومية المعلومات ووسائل الاتصال متاحة للأشخاص في وضعية إعاقة بما في ذلك وثائقها ومواقعها الإلكترونية.

وقد تم ترجمة هذه التوجهات من خلال مشروع مخطط العمل الوطني للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، عبر التنصيص على إعداد مصوغة أساسية للتكوين حول تقنيات ملائمة المواد السمعية البصرية مع خصوصيات الإعاقة، وكذا جعل مختلف المواقع الالكترونية للقطاعات الحكومية سهلة الولوج بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة. هذا بالإضافة إلى تحيين دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات العمومية والخاصة لأجل دمج مقتضيات تنص على ضرورة ملاءمة المواد السمعية البصرية.

كما ينص مشروع مخطط العمل الوطني ينص على تطوير دلائل تقنية مرجعية في مجال الولوجيات الرقمية ونشرها على نطاق واسع.

ونصت المادة 3 من القانون رقم 11.15 المتعلق بإعادة تنظيم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري والصادر بتاريخ 25 غشت 2016، على تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة، الذي يعانون من إعاقة سمعية أو بصرية ، من متابعة البرامج التلفزية .

وينص القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري كما تم تعديله وتتميمه، خاصة المادة 8 منه ، على وجوب متعهدي الاتصال السمعي البصري الحاصلين على ترخيص أو إذن، والقطاع العمومي للاتصال السمعي البصري، تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية عاقة. كما تقر المادة 48 على أن ينص دفتر التحملات بالخصوص على الشروط التي يتم وفقها القيام بمهام المرفق العمومي من لدن الشركات الإذاعية والتلفزية ، فيما يتعلق بولوج الأشخاص ضعيفي السمع إلى البرامج المبثوثة.

و ينص القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري الصادر في 7 يناير 2005، على وجوب احترام الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري لدفاتر التحملات التي تنص على ضمان ولوج الأشخاص ضعيفي السمع إلى البرامج المبثوثة، وذلك عن طريق الترجمة الفورية إلى لغة الصم وضعيفي السمع.

و كما سلف ذكره، وقع المغرب في يوم 28 يونيو 2013، على معاهدة مراكش المتعلقة بتيسير الولوج إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات ، ليجمع بهذه الطريقة بين حقوق المؤلف وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

مشروع تيسير الولوج

لقد تم تصميم هذه البوابة بشكل يسمح بتيسير الولوج إلى المحتوى المقترح على جمهور واسع من مستعملي الانترنت، وذلك باتباع قواعد الولوج المعروفة بـاسم: “المبادئ التوجيهية للولوج إلى محتوى الشبكة” WCAG(الإصدار 2.0.

وتغطي هذه المبادئ التوجيهية مجموعة واسعة من التوصيات التي تجعل الولوج إلى محتويات شبكة الإنترنت أكثر يُسراً.

وتُقدم قواعد الولوج المذكورة التوصيات اللازمة لجعل هذا الولوج أكثر سهولة. إن احترام هذه القواعد كفيلٌ بجعل الولوج إلى المحتويات ممكنا بالنسبة إلى تشكيلة واسعة من الأشخاص الذين يعانون من إعاقات معينة. واحترام هذه القواعد كفيل أيضا بجعل محتويات الشبكة أيسر استعمالا في الغالب بالنسبة للمستخدِمين عموما. وقد قُدّمت معايير نجاح “المبادئ التوجيهية المذكورة في شكل بيانات قابلة للاختبار، علما أنها لا ترتبط بتكنولوجية معينة.

لقد أوصى بهذه المعايير اتحاد الشبكة العالمية(W3C) الذي يوصي أيضا بأنْ تكون سياسات الولوج مستندةً إلى تلك المبادئ.

وتعتمد هذه الأخيرة مقاربة موضوعية تقترح 11 توجيها مرتباً حسب أربعة مبادئ أساسية هي كما يلي:
المبدأ الأول : قابلية الإدراك
اقتراح نصوص معادِلة لأي محتوى غير نصي.
اقتراح إصدارات بديلة “لوسائط الإعلام غير النصية” [مثل الصوت والصورة أو تحريك الرسوم بالفلاش].
إعداد محتوى يمكن عرضه بطرق مختلفة دون فقدان المعلومات أو الِبنْية.
تيسير الإدراك البصري والسمعي للمحتوى.
المبدأ الثاني : قابلية الاستخدام
جعل جميع الوظائف سهلة المنال على لوحة المفاتيح.
ترك ما يكفي من الوقت للمستخدِم لقراءة واستعمال المحتوى.
عدم تصميم محتوى قابل لإحداث أزمات.
تزويد المستعمل بوسائل التوجيه للإبحار والعثور على المحتوى والتموضع في الموقع.
المبدأ الثالث: قابلية الفهم
جعل المحتوى النصي مقروءاً ومفهوما.
العمل على إظهار وإدارة الصفحات بالشكل المتوقع.
مساعدة المستعملين على تجنب الأخطاء المطبعية وتصحيحها.
المبدأ الرابع: المتانة
تحسين الانسجام مع الوكلاء المستعملين الحاليين والمحتملين إلى أقصى درجة، بما في ذلك تكنولوجيا المساعدة.
وتتلخص المعايير المطبقة على البوابة في النقاط التالية :
معادلة نصية: الاستدلال بالزر بالنسبة لجميع الصور التي يمكن أو لا يمكن النقر عليها بالموقع.
الجدول: الاستدلال بالزر فيما يخص رأس السطر وعمود الجدول.
الرابط: التأكد من أن الروابط مرئية وتحمِل عنوانا (مثال: تجنب النقر هنا).
الإبحار: التأكد من أن الإبحار يمر فعلا عبر قائمة يمكن تصفحها بسهولة بواسطة لوحة المفاتيح.
العدسة المكبرة: إعداد عدسة مكبرة لتكبير نص فقرة أو محتوى صفحة.
صفحة الولوج: إعداد صفحة تصف أدوات الولوج التي تم إعدادها.

* باحث في مجال الحكومة المنفتحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *