منتدى العمق

وباء المخدرات أكثر فتكا من وباء كورونا

اذا كان وباء كورونا يصيب الأفراد في عضون أسابيع ويتعافون بشكل نهائي ويعودون لحياتهم الطبيعة، فإن المخدرات هي الوباء القاتل لعصرنا الحالي الذي يصيب معظم شباب المجتمع المغربي بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحت خطراً يهدد المجتمع المغربي أكثر من وباء كورونا، حيث أصبحت شريحة مهمة من الشباب والمراهقين المغاربة يتعطون لشتى أنواع المخدرات بكميات مختلفة في غفلة من رقابة مؤسسة الأسرة والمجتمع، حيث ثبت من بعض الأبحاث والدراسات العلمية أن المخدرات تشل إرادة الإنسان، وتذهب بعقله، وتحيله بها لأفتك الأمراض، وقد تؤدي به في بعض الأحيان الى ارتكاب جرائم قتل بشعة ولعل الواقع شاهد عيان،جرائم القتل والإغتصاب لا تعد ولا تحصى في المدن و القرى. فكل يوم نسمع بها حتى أصبحنا نعتاد عليها لكثرتها.

ويبقى أهم أسباب تعاطي الشباب للمخدرات وانحرافهم في عصرنا الحالي هي تلك الاضطرابات الأسرية والإجتماعية والإقتصادية من قبيل : المشاكل العائلية خصوصا مشكل الطلاق وما يتعقبه من مخلفات نذكر منها أطفال يتعرضون لتشرد العائلي ولا يجدون مأوى سوى الشارع الذي يستقلبهم بكل وحشية وبدون رأفة ولا رحمة، بالإضافة أيضا الى معضلة الفقر و البطالة وقلة فرص الشغل، و إهمال الآباء مسؤوليتهم داخل البيت، الفراغ الممل الذي يعيشه معظم الشباب،مخالطة أصدقاء السوء، وتختلف أسباب التعاطي من شاب الى أخر ولكن تبقى هذه العوامل السالفة الذكر من أهم أسباب التي تعصف بالشباب لتعاطي للمخدرات.

وتتفاوت المخدرات في مستوى تأثيرها وخطورتها وفي طريقة تعاطيها، من مدمن الى أخر ومن شاب الى أخيه، وتصنف حسب تأثيرها(مسكرات ومهدئات ومنشطات ومهلوسات ومسببات للنشوة) أوحسب طريقة انتاجها (طبيعية أو مصنعة)، ويجري تعاطيها بطرق مختلقة كالتدخين والحقن والشم أوالبلع للحبوب والمواد المصنعة وتقترن بها عادات وتقاليد جماعية في جلسات وحفلات أو في المناسبات مما يجعلها أكثر رسوخا وقبولا لدى فئة الشباب .

وتؤثر المخدرات على متعاطيها على نحو خطير في بدنه ونفسه وعقله وسلوكه وماله و الأخطر من ذلك على المجتمع الذي يعيش فيه. وتختلف هذه الآثار من مادة إلى أخرى حسب درجة خطورتها، ولكن يمكن إجمالها في الخمول والكسل وفقدان المسؤولية والتهور و فقدان السيطرة في الذات مما يودي في غالب الأحيان الى حوادث سير خطيرة تودي بحياة الأفراد او الأسر، وتجعل المدمن أيضا قابلا للأمراض النفسية والبدنية والعقلية وقد يصاب بفقدان المناعة “الإيدز” إذا استخدم حقنا ملوثة أو مستعملة،كما تؤدي المخدرا ت إلى متوالية من الكوارث على مستوى الفرد مثل تفكك الأسر وانهيار العلاقات الأسرية والاجتماعية والعجز عن توفير المتطلبات الأساسية للفرد والأسرة، ويقع المدمن تحت تأثير المخدرات غالبا تحت جرائم السرقة والترويج والسطو والقتل، اذن فالمخدرات ظاهرة ذات أبعاد تربوية واجتماعية وثقافية ونفسيةومجتمعية ودولية.

وتبقى المخدرات إذن ذلك الوحش القاتل الذي يفتك بصحة ومال و وقت الشباب، ولم تقف هذه الظاهرة في الشارع فقط بل شملت هذه الآفة حتى المؤسسات التعليمية وهذه هي الطامة الكبرى، ولم تعد تقتصر على فئة عمرية معينة أو جنس دون الآخر، بل أصبحت موضة العصر فأصبح الكل يتعاطها في العلن والسر سواء من الذكور و الإنات تحت ذريعة الحرية الشخصية والتحرر.

ولهذا يجب على الحكومة وفعاليات المجتمع المدني و مؤسسات التنشئة الإجتماعية أن تحارب ضد هذا الوباء الذي يضرب العمود الفقري للمجتمع المغربي، لذى يجب التجنيد والتعبئة من أجل توعية الشباب سواء عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أو المكتوبة، بخطورة التعاطي للمخدرات وما ينجم عنها من مخلفات تعصف بحياة الأفراد و المجتمعات، من خلال أيضا إطلاق حملات التوعية في المدارس والجامعات، وتنظيم زيارات للجهات والمؤسسات ومراكز محاربة المخدرات والعلاج على الإدمان، ليكونوا أكثر دراية بخطورة هذه الآفة وعواقبها المرضية والسلوكية،بالإضافة الى تكثيف الجهود للقضاء والضرب بكل قوة على مروجيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *