وجهة نظر

المفسدون الجدد

نتناقش دوما عن أسباب ومسببات الفساد وعدم انتظام عمل المؤسسات السياسية بالطريقة التي نأملها، ونواصل محاولاتنا لفهم ما يحصل ونحن ندري جيدا مكمن الخلل ونبدل قصارى جهدنا لنقاش الوضع، إلا أن الحقيقة أمامنا فقط يجب أن تنفذ العدالة.

نتسابق لرفع شعارات الحرية وحقوق الإنسان والدفاع عن العمال والمهمشين والمقصيين في المجتمع، نحاول أن نكون شركاء في مبادرة البناء الاجتماعي العادل. من نحن؟ ومن هم؟ ببساطة نحن أصحاب شعارات وهم أصحاب خطابات، إذن فهل وجود المفسدين ضروري ليسير المجتمع بشكل طبيعي؟ أم استأنسنا بهم واستأنسوا بنا، فلا هم يخافون شيئا ولا نحن حققنا شيئا.

تطل علينا بعض التقارير كل يوم عن شخصيات سياسية وحزبية وبرلمانية ومراكز تدبير الشأن العام، اغتنت بطريقة بشعة دون مراقبة ودون حساب، ونحن نكتب ونطالب يوميا بمجتمع ديمقراطي يسود فيه العدل والمحاسبة، لكن لا شيء تحقق.

هؤلاء المفسدون وصلوا لمناصبهم عبر صناديق الاقتراع وأصوات الناس، من أجل شيء واحد الدفاع عن مصالح الناس وخدمة لهدا الوطن الآمن. لم تتحقق وعودهم ولم تتحقق أحلامنا وصرنا كلانا يعرف الآخر جيدا، وتأتي الانتخابات وتعاد الكرة من جديد.

أين الخلل؟

هل هي مشكلة تربية سياسية؟ أم أزمة أفكار وعقليات؟ أم خداع ماكر من أناس لا علاقة لهم لا بالشعب ولا بمصالح الوطن. كل التخمينات متاحة في زمن التفاهة السياسية والنفاق الإجتماعي والضحك على الدقون، زمن غابت فيه الأفكار الحقة والمشاريع الواضحة وماتت الأحزاب ولم يعد إلا القلة من تستحق أن تسمى حزبا نظرا لتنظيماتها ومشاريعها وأفكارها المستقبلية ومواقفها المشرفة اتجاه البلاد والعباد بعيدا عن المصالح الضيقة.

هل انتهى زمن القادة السياسيين الحقيقيين، وصرنا محكومين بزعامات كرتونية ميزتهم أنهم يستخدمون دائما خطابات فارغة غير مقنعة بصيغة المستقبل “علينا أن نعمل” سوف نفعل” “ينبغي علينا أن نفكر”، كما لو أن الحاضر غير مهم وحياة الناس الحالية لا تعنيهم، فقط خطابات لحملات انتخابية آتية. ما أهمية الوعود والخطابات المستقبلية التي ترسم آمالا كبيرة، في حين لم تحقق أي شيء للمواطن البسيط.

يتحدث السياسيون عن الآفاق والأحلام لكنهم لا يعرفون بالتدقيق أين يقفون، ومادا يريدون فعلا. فهم يستمدون من الماضي كل المبررات لمهاجمة المعارضة وإلقاء اللوم على من سبقهم، وينسجون مستقبلا ورديا خطابيا لا يمت للواقع بصلة. لقد تابعناهم يوميا ينادون بالديمقراطية والعدالة والمراقبة والمحاسبة، فهل تحققت على أرض الواقع؟ طبعا لا.

هل هي لعنة السياسة أم لعنة الفساد؟ ام غياب الضمير الوطني؟ المشكل العويص أنه من يأخد زمام الأمور اليوم كان البارحة خارج اللعبة السياسية وكان يفتي في كل شيء، الآن وهو يقود العملية السياسية تاه عن جادة الصواب وصار يتخبط بدون بوصلة، ومن هم في الخارج ينتقدون كل شيء ونسوا أنهم كانوا البارحة بالداخل ولم يحققوا أي شيء يذكر. فهل نحن طينة واحدة والفساد يسري في دمنا، أم أن القناعات ومبادئ  انقرضت إلا عند القلة.

اللعنة على السياسة أم على السياسيين، أم أننا لم ننضج بما يكفي كأفراد ومؤسسات وتنظيمات حزبية. زمن غريب وعصيب نعيشه اليوم وعلينا أن نتخذ قرارات صائبة للخروج من الأزمة.

نحن لا زلنا نحلم حتى ولو كان بصيص الأمل قليلا، لأن الفساد لن يدوم وأبناء هذا الوطن سيتنافسون غدا بشكل شريف لخدمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *