وجهة نظر

الجالية المغربية.. التواصل وآفة التطرف

التطرف ظاهرة خطيرة على المجتمعات والإنسانية معا، وهو أنواع، منها العنيف وغير العنيف. تتطلب معلاجته الدقة، العمق، ومقاربة شمولية بدل التركيز، فقط، على الخطاب الديني. فهناك تطرف في اليمين وتطرف في اليسار وآخر لدى بعض الملحدين. إن أصل العنصرية، مثلا، تطرف وتخوف من الآخر أو رفض قاطع له.

حينما يتعلق الأمر بتطرف جاليات مقيمة في دول أوروبية ذات مرجعية إما مسيحية أو علمانية، فالأمر يستدعي مقاربة أشمل، وذلك ما يستدعي صرامة علمية كبيرة. ذلك أن تورط عدد من شباب الجالية المغربية في عمليات إرهابية في فرنسا، ألمانيا، إسبانيا أو بلجيكا.. يملي إجابات عاجلة ودقيقة لتجاوز أخطاء المقاربات السابقة.

التطرف رفض لمفاهيم وأساليب في الحياة العامة والخاصة. وهو كذلك انغلاق على معتقدات واهية تعادي المجتمعات والمؤسسات. فالشباب المتطرف في المهجر، يعيش، إلى حد ما، خارج المنظومة٠ فلا يتردد على المساجد مثلا ولا يستهلك الاعلام التقليدي، بل إنه يغذي أفكاره الرافضة للنظام العام وللروابط الإجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعى أساسا حيث يترعرع الخطاب التخريبي ونظريات المؤامرة.

وللقضاء على هذه الآفة، يوصي باحثون بضرورة تعزيز اندماج الشباب المهاجر والسعي إلى ترسيخ توعية اجتماعية. ونشير هنا إلى فشل السياسات العمومية في بلدان الإقامة: تربية، اندماج، تمييز في سوق الشغل، تفاوت المستويات في الفرص، عنصرية… وفشل السياسات العمومية الخاصة بالجالية والتي يبادر بها البلد الأصل الذي له دوره في المعضلة أيضا. فضلا عن تعقيد إشكالية الهوية وبعدها المرتبط بالاستعمار، والنمطية في إعلام بلدان العيش أو الإقامة أو البلد الاصلي. مهاجر في بلد الأصل وأجنبي في بلد الإستقبتل أو العيش.
للإقصاء الاجتماعي ولإقتصادي والسياسي هنا وهناك وقع حقيقي؛ بالإضافة إلى المصالحة غير المكتملة بعد سنوات الرصاص، فلا يجب أن ننسى تأثير العامل الجيوسياسي والهجومات على الأقطار العربية واستغلال خيراتها.

وطبعا، لما يتقاطع الإحباط بخطاب ديني منحرف يحدث الإنفجار٠ لكن، لبناء خطاب بديل وروايات مضادة دور كبير جدا في محاربة هذه الآفة أساسا عبر إعلام اجتماعي مؤهل لمواجهة التحديات، فلا يخفى على أحد تعقيد الويب واختلاف ميكانيزماته عن الإعلام الكلاسيكي وسرعة تطوره. لذا يجب استبعاد الارتجال، والسهولة والعشوائية.

يلمس المتتبع لملف التطرف في المهجر غياب استراتيجية واضحة أو آليات مناسبة للتصدي لظاهرة تنتشر أساسا بعيدا عن المساجد، بعيدا عن الجمعيات الدينية ومؤطريها. لقد حان وقت إعادة النظر وبناء منهجية جديدة ذات بعد احترافي. فلا يمكن أن تفلح الحرب على الراديكالية والعنف إلا بذكاء يضمن نجاعة الأجوبة ضد الآفة التي تهدد المستقبل والاستقرار. فالفعالية رهينة بالقدرة على بناء خطاب جدلي مقنع يراعي خصوصيات الشباب المغربي المهاجر كاللغة والسلوك وتحول العقليات. هذا بالإضافة، طبعا، إلى إتقان تقنيات وآليات التواصل الإجتماعي المتجددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *