وجهة نظر

الدخول المدرسي 2020/ 2021 بين خطورة التعليم الحضوري وإكراهات التعليم عن بعد

يبدو أن القرار الذي خرجت به وزارة التربية الوطنية في شأن الدخول المدرسي الجديد 2020/ 2021 وحرصها الشديد على مصلحة التلميذ الذي ينبغي أن يتلقى تعليمه كاملا من خلال اقتراحها صيغتين للتعليم :إما التعليم عن بعد أو التعليم الحضوري، تفاديا للاكتظاظ الذي تعرفه مؤسساتنا التعليمية، وحرصا على سلامة المتعلم من العدوى بالفيروس الذي لا يزيد إلا انتشار خلال الآونة الأخيرة، يبدو في ظاهره ،على الأقل بالنسبة للوزارة، حلا ناجعا ومثاليا سيمكن من دخول مدرسي ناجح يضمن تعليما مستمرا للمتعلم، ما يؤكد حرص الوزارة الشديد على أهمية التعليم وضرورته للمواطن المتعلم من جهة، وسلامته الصحية والجسدية من جهةأخرى، ويبدو أيضا أن هذا القرار من خلال الصيغة والطريقة التي خرج يتحدث بها المسؤول الأول عن هذا القطاع حلا سحريا ودواء ناجعا لدخول مدرسي مضطرب.

غير أنه من جانب آخر يبدو أن الوزارة لم تضع في تصورها ومخططها لهذا الدخول والطريقة التي سيتم بها هذا التعليم خيارات واحتمالات أخرى عديدة من قبيل:لو أن جل المغاربة ولو بنسبة 70% ، وهو ما نرجحه، اختاروا التحاق أبنائهم بالمؤسسات التعليمية وفضلوا صيغة التعليم الحضوري عما أسموه بالتعليم عن بعد، كيف سيكون الوضع إزاء هذه الحالة؟ وحتى لو تم تقسيم مجموعة القسم إلى فئتين، كما اقترحت الوزارة، كيف ستكون جودة هذا التعليم الذي سيتلقاه هؤلاء التلاميذ؟وأين هي تلك الشعارات الخاصة بضرورة تأمين الزمن المدرسي للمتعلم والحرص عليه؟وكيف سيتم التعامل مع هؤلاء التلاميذ فيما يتعلق بإجراءات النظافة والوقاية عند كل دخول إلى المؤسسة التعليمية وعند الخروج منها، بل، عند كل دخول على رأس كل ساعةإلى القسم والخروج منه؟وهل وفرت الوزارة ما يكفي من أدوات ووسائل النظافة والتعقيم هذه للمتعلمين في ظل الحرص على سلامتهم وسلامةأسرهم؟ فأي ميزانيةإذن رصدتها الوزارة لذلك ؟ أمإنها ستزيدهم وتزيد أسرهم البئيسة تكاليف ماديةأخرى لا طاقة لهم بها ؟وهل فكرتفي احتمال آخر خاص بإمكانية تفشيالفيروس في مؤسسةأو عدد كبير من المؤسسات التعليمية وتحولها إلى بؤر،فكيف ستتم مواجهة الوضع إذاك ؟.

هذا الخطأ الكارثي الذي سيتم الإقدام عليه مع هذا الدخول المدرسي من خلال الخيارات التي اقترحتها الوزارة (ولا ينبغي للوزارة هنا أصلا أن تقترح ،بل، يجب عليها أن تتخذ قرارا / أو قرارات وليس اقتراحات كما جاء على لسان الوزير )تشبه إلى حد كبير، لا، بل سيكون أسوا بكثير من قرار السماح بالاحتفال بعيد الأضحى الذي ترتبت عنه نتائج وبائية كارثية، فكيف ستواجه الوزارة الوضع آنذاك، بل،كيف ستتصرف الحكومة كلها مع الوضع عندما ستعد حالات الإصابةبالآلاف في اليوم الواحد لا قدر الله؟

زد على ذلك ما غاب عن تصور الوزارة والمتعلق بالعديد من مؤسسات التعليم الابتدائي التي يضطر معها آباء وأولياء التلاميذ اصطحابهم من و إلى المدرسة خاصة في السنوات الأولى من التحاقهم بالمدرسة وما ينجم عن ذلك من اكتظاظأمام هذه المؤسسات،فكيف سيتم تجاوز مثل هذا الوضع في ظل حرص الآباء على سلامةأبنائهم في طريقهم إلى المدرسة ؟

أما عن هذا التعليم الذي سيقدمه الأساتذة لتلاميذهم عن بعد فهل للوزارةصيغة واضحة لكيفيته؟وهل للأساتذةأنفسهم تصور للطريقة التي سيتم بها هذا التعليم ؟وهل تلقى الأساتذةأصلا تكوينا يمكنهم من القيام به وإنجاحه ؟وحتى إذا كان، هل ستكون كل الأقسام و الحجرات الدراسية مجهزةبحواسيبمرتبطة بشبكة الأنترنيت أم إن هؤلاء الأساتذة جميعهم سيتكدسون داخل قاعة في المؤسسة، كما جاء على لسان الوزير، تسمى قاعة”جيني”أو قاعة الإعلامياتيقدمون دروسهمكلا بلغته وطريقته وكأننا وسط سوق كل ينادي فيه بسلعته و بأعلى صوته ؟.

إن تغليب مصلحة المتعلمين والحرص على ضرورة تلقي تعليمهم أمر ضروري ومهم جدا، غير أن الأهم مراعاة مصلحة الوطن أولا وكل المواطنين فيه، وإن القرارات (عفوا الاقتراحات )التي خرجت بها الوزارةلتكشف عن نوع آخر من الاضطراب والتخبط وغياب رؤية استراتيجية واضحة تنظر إلى كل من الوطن والمواطنين ومنهم المتعلمون وكل المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية من جميع الجوانب، ورصد جميع الأخطاء المحتملة وإيجاد حلول مسبقة لها قبل الوقوع فيها، غير أنها لن تكون مجرد أخطاء هذه المرة لأن الخطأ قابل لأن يصحح، ولكنها ستكون كوارث ستجر على المغرب والمغاربة وبالا من هذا الوباء لا طاقة لنا جميعا عليه مواطنين وحكومة على السواء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *