وجهة نظر

وراء السباق العربي المحموم للتطبيع مع إسرائيل

أسد علي ومع المحتل الغاصب نعامة !

يتساءل الباحث ؛ وهو يتأمل ؛ مشهد اجتماعاتنا وموائدنا ومؤتمراتنا التي كثيرا ما تزخر بالمفارقات والاعتلالات العميقة ؛ تتسرب من تقاريرها روائح عفنة باللاءات والاعتراضات والسبل المغلقة ، بينما إذا ما نفش فيما وراء الستار واطلع على حمولة الكواليس ، ربما سيركبه الخبل ومس من الجنون ، وهو يقف ؛ ولو عن بعد ؛ على مقدار التعاون العربي الإسرائيلي الذي يفوق بعشرات الأضعاف أرقام المعاملات العربية العربية ، في حين أن ثرواته تظل “حكرا” على فئة معينة . هل هي جرثومة من خصوصيات العقلية العربية ، أم هي صفة موروثة أبا عن جد ؟!

عين الغرب على الثروات العربية

كانت وما زالت نظرة الحكومات الغربية إلى الجغرافية العربية الشاسعة محكومة باستغلال خيراتها وثرواتها ، من موارد باطنية وسطحية وطبيعية ، فاخترقت نسيجها السياسي وأصبحت المتحكمة في قراراتها مهما ضؤل حجمها ، حتى ولو كانت عبارة عن إسناد مهام دبلوماسية ،
وقد تكشف للعالم مدى قزمية “السيادة” ، “والوطنية” .. الخ من العبارات الطنانة التي تتأثث بها الدساتير العربية يوم أن أعلنها جهارا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “بأن العروش العربية” محروسة من قبل القوات الأمريكية ، وأن ليس بمكنتها البقاء ولو لأسابيع فقط في غياب هذه الحراسة . وزاد أن أوضح بأن هذه المدخرات العربية من العملة الصعبة التي تتكدس بها المصارف والأبناك العالمية ، “ما قيمتها إذا لم نستفد منها نحن أولا ؟ …”

ثورات الربيع أسقطت القناع

كان العالم أجمع على صلة بتتبع مسارات “الثورات العربية” التي كانت تونس مهدا لها لتنتقل نيرانها إلى باقي الأقطار المجاورة ، لكن وفي خضم تفاعلاتها ، وبعد أن آلت الأمور إلى الفوضى وظهور التنظيمات الإسلامية المتطرفة وتناحرها على السلطة ، إذاك ترسخت قناعة لدى “الفكر السياسي الدولي” بأن العرب لم ينضجوا بعد .. ليشكلوا ثورة سياسية ، ومن ثم فهم غير مؤهلين للديمقراطية وإقامة دولة لها كيانها ومعالمها الدستورية ”

النفط وتسويق العتاد العسكري

من المعلوم أن منظمة الدول المصدرة للبترول ؛ (OPEC) Organization Of the Petroleum Exporting Countries تتحكم في سياستها العامة شركات عملاقة متعددة الجنسيات ؛ توجد معظم مقراتها بنيويورك ، وتقدر عائدات النفط في البلدان العربية بمئات المليارات من الدولارات ، عدى مخزوناتها من الغاز في كل من مصر وليبيا والجزائر .. إلا أن هذه الثروات ؛ على ضخامتها ؛ لم تؤثر بعد في المستويات التنموية المتدنية ؛ ذلك أن أرقام الأمية والفقر والهشاشة ما زالت السمة الرئيسة في هذه البلدان ، مما دفع بشعوبها إلى اقتحام المجهول وراء البحار بحثا عن لقمة العيش ، بينما عوائد ثرواتها يذهب معظمها إلى تجديد “ترسانتها من الأسلحة” كل وقت وحين بميزانيات تكفي للقضاء على كل أشكال وأسباب الفقر والتخلف ، وبناء دول مصنعة نموذجية وبمواصفات حديثة .

إسرائيل وصفقة القرن

من الملاحظ أن أمريكا جندت كل طاقاتها السياسية والاقتصادية داخل البلاد العربية ، وقضم أطرافها للتمكين لإسرائيل في التوسع الجغرافي والاقتصادي علاوة على وجودها العسكري بكل من غور الأردن وفلسطين ومرتفعات الجولان وجنوب لبنان ، وقد عرف المشروع في بدايته تعثرا من قبل “تحفظ” بعض الدول العربية للقبول بالقدس “عاصمة أبدية” لإسرائيل ، مع ما رافقها من أحداث نقل السفارة الأمريكية إلى القدس .. لكن الفكر الصهيوني سيبحث عن صيغة جديدة لهذه المناورة ؛ انكشفت معالمها في “صفقة التطبيع” السياسية التي دشنتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة ، لتبدأ في أعقابها “حمى” السباق العربي المحموم لتطبيع علاقته بإسرائيل ، الذي كان بمثابة ضغط (عالي القوة) لتتخلص من تبعات العزلة السياسية أولا ، ولتمكن لاقتصادياتها الولوج إلى السوق الدولية التي تتحكم فيها أمريكا بإيعاز من اللوبي الأمريكي الصهيوني .

وفي هذا السياق لاحظنا ؛ في الآونة الأخيرة ؛ أن هناك نشاطا ديبلوماسيا محموما تقوده أمريكا بمعية إسرائيل ، شملت زيارات متتالية إلى كل من إسرائيل والسودان ودولة الإمارات وقطر والكويت والأردن .. في محاولة لضم بقية البلدان العربية إلى التطبيع مع إسرائيل ؛ وكان لافتا أن إسرائيل تضع بندا أساسيا لهذا التطبيع ؛ هو التحالف في إطار العداء التقليدي لإيران أولا ، والقبول بسياسية الأمر الواقع ثانيا ، سواء في وجودها العسكري ببعض هذه البلدان أو في سياستها القمعية تجاه فلسطين .

العثماني والتطبيع مع إسرائيل*

نشرت صحيفة التايمز الإسرائيلية The Times of Israel يوم 5 غشت 2020 مقالا بعنوان “يبدو أن رئيس الحكومة المغربية يشير إلى وجود علاقات مع إسرائيل” ؛ جاء فيه على الخصوص :

” … ظهر رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني يوم الثلاثاء ؛ وقد تراجع عن التعليقات التي قال فيها إن الرباط لن يقوم بتطبيع علاقاته مع إسرائيل ..” ، وتابعت الصحيفة قائلة : “..

وقال العثماني لموقع الأخبار L360 باللغة الفرنسية إن التعليقات التي أدلى بها يوم السبت لمعارضة (احترار العلاقات مع القدس) ، تم الإدلاء بها بصفته زعيما لحزب إسلامي PGD ، وليس كرئيس الحكومة ، وأضاف السيد العثماني أنه كان يكرر تأكيد موقف حزبه الذي ظل متمسكا به لفترة طويلة ” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *