مجتمع

الدخول المدرسي في زمن كورونا.. “العمق” تسلط الضوء على جدل إجراءات الوزارة

تجمهر الآباء والتلاميذ أمام مدرسة المورد مراكش

تسود حالة من الترقب مشوبة بالتوجس منذ أواخر شهر غشت الماضي، بكل جهات وأقاليم المملكة، جراء ما يعتبره متتبعون “غياب رؤية واضحة” حول تنظيم السنة الدراسية الجديدة، بسبب استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد.

جدل الدخول المدرسي زكته مضامين مذكرة وزارية أصدرها وزير التربية الوطنية بشأن تنظيم السنة الدراسية، وهي المذكرة التي شددت على ضرورة اعتماد التعليم عن بعد كخيار صريح في زمن الجائحة، بينما يخضع التعليم الحضوري لرغبة آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ، فضلا عن تدابير أخرى.

الجسم التربوي ومعه مجموعة من آباء التلاميذ، تلقوا هذه التدابير بردود متباينة لاعتبارات وُصفت بكونها تربوية وبيداغوجية وصحية، قبل أن تقرر الحكومة، ليلة أول أمس الأحد، اعتماد التعليم عن بعد في كل أرجاء مدينة الدار البيضاء، ما خلّف ردود فعل متباينة بين من يرى أن المغاربة تعرضوا لأكبر عملية “نصب تربوي”، وبين من يذهب إلى أن الوباء يفرض إغلاق المنافذ والعودة إلى خيار التعليم عن بعد.

جريدة “العمق” يعيد إلى الواجهة كرونولوجيا جدل القرارات التربوية التي سبقت انطلاق الدخول المدرسي، وينقل لقرائه تفاصيل سيرورة البحث عن الحل التربوي في زمن الجائحة.

الدخول المدرسي.. من هنا بدأ الجدل

أصدرت وزارة التربية الوطنية بتاريخ 28 غشت الماضي مذكرة تحمل رقم 20/39 بشأن تنظيم الموسم الدراسي 2020/2021 في ظل جائحة كورونا.

المذكرة أشارت إلى تطور الوضع الوبائي ببلادنا، وشددت على ضرورة تكييف عملية الدخول المدرسي تبعا لهذا الوضع الوبائي، خصوصا وأنه يصعب التنبؤ بمؤشرات جائحة كوفيد 19، مما جعل عملية التدخل الاستباقي تستند إلى فرضيات تطور الحالة الوبائية، بما ينتج عنه اختيار النمط التربوي الأنسب للوضع الوبائي.

ومن جملة المرتكزات التي نصت عليها مذكرة أمزازي اعتبار التعليم عن بعد أساس العملية التعليمية التعلمية، بينما التعليم الحضوري يشكل نمطا تربويا استثنائيا، اعتبارا لما وصفته وزارة التربية الوطنية بـ”الظروف الوبائية الصعبة التي ترتبط بها مخاطر محدقة بالصحة العامة”.

المذكرة التي أثارت الكثير من الجدل في الوسط التربوي والمجتعي، سبقتها تطمينات وزير التعليم سعيد أمزازي، خصوصا على مستوى توفير شروط البنية التربوية والديداكتيكية، حيث أكد الوزير المسؤول على قطاع التعليم، في لقاءات صحفية، أنه منكب على توفير كل شروط تنزيل الخيار التربوي سواء حضوريا أو عن بعد.

كما منح للأسر إمكانية الاختيار بين نمطين من التعلّم؛ حضوري أو عن بعد، مع التعبير عن ذلك في استمارة يسلمها أب أو ولي أمر التلميذ لإدارة المؤسسة التعليمية، قبل أن يتأكد للوزير الوصي، في مدة تقل عن يومين، أن أزيد من 80 في المائة من المغاربة اختاروا نمط التعليم الحضوري، فهل إمكانيات الدولة تسعف في تنزيل هذا الخيار التربوي؟

قلق في الشارع وأسئلة حارقة

يبدو واضحا من خلال بلاغات وزارة التربية الوطنية، وبلاغات وزارتي الصحة والداخلية، أنه لا توجد وصفة جاهزة تضمن عودة سلسلة لتلاميذ المؤسسات التعليمية، خصوصا وأن الوضع الوبائي يفرض، من حين لآخر، تغيير التاكتيك، الشيء الذي خلق نوعا من الارتباك المجتمعي، وتسبب في ارتفاع وثيرة الخوف في صفوف الفاعلين التربويين الذين ما فتئوا يطالبون بتوفير ضمانات الرجوع إلى المدرسة، والانكباب على توفير شروط الوقاية والتحصيل بالشكل الذي أكد عليه الوزير أمزازي.

هل التعليم حضوري أم عن بعد؟ هل تتوفر المؤسسات التعليمية على معقمات وكمّامات؟ هل تم تأجيل الامتحان الجهوي أم ليس بعد؟ ثم هل تستجيب السلطات المعنية لمطلب تأجيل الدخول المدرسي؟

أسئلة وغيرها يطرحها المواطنون، ويؤكدون من خلالها انشغالهم بمستقبل أبنائهم العلمي، وأيضا انشغالهم بصحتهم ووضعهم النفسي، اعتبارا لكل المتغيرات التي سبقت موعد الدخول المدرسي، واعتبارا لشروط العودة واستئناف الدراسة.

الدار البيضاء.. انتهى الكلام

في خضم الجدل الدائر حول نمط التعليم الذي يجب تطبيقه، على الأقل في الظرفية الراهنة، أصدرت الحكومة المغربية، أول أمس الأحد، قرارا يقضي بإغلاق منافذ مدينة الدار البيضاء، واعتماد التعليم عن بعد بالنسبة للمتعلمين وأطرهم التعليمية والإدارية، بالإضافة إلى تدابير وقائية أخرى.

قرار فوقي خارج حسابات الجدل التربوي البيداغوجي، يستند إلى تطور الوضعية الوبائية، ويستمد “شرعيته” من رهانات الخطر في حالة ظهور بؤر فيروسية في الوسط المدرسي، في ظل أرقام الإصابات المهولة التي تسجل على مستوى مدينة الدار البيضاء.

القرار الحكومي خلق نقاشا أفقيا بين من وصف الإجراء بـ”التحصيل الحاصل” بالنظر إلى ارتفاع عدد الإصابات بكورونا، وبين من وصف الإجراء بكونه كان مخططا له قبل تنفيذه، ولغاية في نفس يعقوب تم إرجاء تنفيذه لليلة 7 شتنبر.

معركة كورونا لم تنته، وعودة التلاميذ لمؤسساتهم التعليمية، في عدد من الجهات، يختبر مدى قدرة الفاعل التربوي في إيجاد الحلول المناسبة، وهي الحلول التي لن تحقق نجاعتها وفعاليتها في غياب تنسيق محكم بين مختلف الشركاء في حقل التربية والتكوين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *