وجهة نظر

ماذا لو كنت مكان الوزير سعيد أمزازي؟

هو عام استثنائي لا شك في ذلك، وكل فكرة إنما يجب أن تنسجم مع هذه الظروف الاستثنائية المؤقتة..

ما الإجراءات التي يمكن لوزير التعليم في المغرب أن يتخذها لمواجهة طامة العصر، كوفيد-19؟
لقد اعتدنا على منطق الرفض وتوجيه سهام الشكوى والانتقاد اللاذع لأي إجراء حكومي، ولو طلب منك لحظتها أن تتخذ القرار المناسب بدل الذي تنتقده، لوقفت حائرا، مشدوها، تضيع الكلمات بين شدقيك..

الأنباء الواردة من كل مكان في العالم تؤكد أننا مقبلون على موجة ثانية قوية للفيروس، وفي بلدان العالم الثالث لن ينفع أبدا تكرار سيناريو الإغلاق الشامل لكل تلك المدة من الزمن، فالاقتصادات المتهاوية لا تستطيع أن تتحمل تكلفة ذلك الإغلاق.

منظمة الصحة العالمية تحذر، والخبراء في العالم يحذرون، والدول بدأت تعد نفسها لامتصاص تداعيات الأزمة المقبلة.

والمدارس التي فتحت أبوابها، بدأت تغلقها من جديد كما هو الحال في الجارة إسبانيا، وفرنسا وغيرهما..

على ضوء ذلك، لو كنت وزيرا للتعليم لبادرت للإشراف على مشروع واقعي متكامل ينجزه خبراء الوزارة وأطرها بالتعاون مع الطاقات العاملة في المجال، يهدف أولا لحماية مئات الآلاف من التلاميذ والطلبة والأطر التعليمية والإدارية من الفيروس، ويضمن -ثانيا- قدرا أدنى من التعليم المنتظم للتلاميذ (كان يفترض أن يجهز على الأقل مع بداية غشت الماضي).

كيف؟
أولا: تبادر الوزارة -بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المختصة- لإعداد العدة للانتقال للتعليم عن بعد، وفق خطة مدروسة تنضبط لها المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة.

ثانيا: الاتفاق مع مؤسسات توزيع الإنترنت على خطة استثنائية لضمان خدمة الإنترنت في مختلف مناطق المغرب، مجانا بالنسبة للقرى، وبثمن رمزي بالنسبة للمدن.

يستمر الأمر لنهاية الموسم الدراسي، على أساس الاتفاق على صيغة دعم مناسبة من طرف الدولة لتلك المؤسسات.

ثالثا: إيجاد صيغة لتوفير الوسائل التقنية للتلاميذ لمتابعة دروسهم، إما عبر إنتاج جهاز لوحي إلكتروني (تابلت) خاص يضم الدروس المختلفة، أو على الأقل ضمان توفير هذه الأجهزة بأثمنة تتناسب وحالة كل أسرة.

رابعا: إشراف الوزارة على تجهيز مضمون تعليمي يتناسب مع الظروف التي فرضتها كورونا، تحترم بيداغوجيا التدريس من جهة، وتركز على الفهم والابتعاد عن التلقين من جهة أخرى.

خامسا: ضمان استعمال زمن (روتة، دوام) واضح ومريح بالنسبة للمعلم والتلميذ معا، والابتعاد عن عقلية إثقال كاهل طرفي المعادلة معا، والتي تضيع كل الجهود في نهاية المطاف.

سادسا: متابعة تطبيق الخطط الموضوعة، ومحاسبة أي مقصر حسابا شديدا.

“أنت تحلم” ! أكيد هذه الجملة راودتك في نفسك الآن يا من تقرأ هذه الكلمات، وتقول “إنها هلوسات”.. ربما، لكن ما العيب في أن نحلم بأن يبادر أي مسؤول لاتخاذ القرار السليم ولو كان مكلفا؟

أليس ذلك أفضل من الغرق في فوضى عارمة كالتي نشهدها الآن: ادرسوا حضوريا، لا لا تدرسوا حضوريا، أغلقوا هذه المدرسة، لا لا تغلقوا هذه المدرسة، هذا الأستاذ مصاب بالفيروس، لا زوجته هي المصابة،…. إلخ”..

صحيح تلك الإجراءات تبدو صعبة في ظاهرها، لكن إن وجدت النية والعزيمة لدى الوزارة، ومن ورائها الحكومة كلها، فستتضح الصورة أكثر، وتظهر صيغ جديدة لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولها ضمان استمرارية الدراسة، وثانيهما حماية التلاميذ والمدرسين والأطر الإدارية من لعنة الفيروس، وثالثهما ضمان عدم انهيار المنظومة الصحية المغربية.. أو على الأقل التخفيف من حدتها.

الوطنية مشاعر وأفعال، ولم ولن تكون أبدا أقوال بعيدة عن الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *