مجتمع

رشيد .. نموذج شاب مغربي تحدى إعاقته بالإبداع بأنامله ونشاطه السياسي (فيديو)

رشيد نايت الحسين من ذوي الاحتياجات الخاصة

تصوير ومونتاج: لحسن الوالي

بإرادة حديدية صلبة وعزيمة لا تنكسر ولا تلين، استطاع رشيد نايت الحسين وهو شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة التغلب على إعاقته والتغلب على الصعوبات التي يواجهها، وأن يخلق لنفسه مكانا هاما في المجتمع، كفاعل جمعوي وسياسي وكصانع تقليدي معروف بأعماله على الصعيدين المحلي والوطني.

بدوار “أم عياش”، الذي يبعد بـ4 كيلومترات عن مركز قلعة امكونة، بإقليم تنغير، ولد رشيد نايت الحسين، سنة 1978، ولادة عادية، غير أنه بعد عام ومع بداية فرح والديه به وهو يحاول أن يخطو خطواته الأولى، شاءت الأقدار أن يصاب بتشوه على مستوى الرجل اليمنى مما خلق لديه اختلالا في نمو القدمين أدى إلى ضرورة استعانته بعكازين لكي يستطيع التحرك والتنقل إلى مدرسة قريته واللعب مع أقرانه.

عكاز خشبي ودعم الأم
آمنت والدة رشيد بقدرته في الاندماج في المجتمع منذ صغره، فأرسلته إلى كتاب قرآني بالمنطقة، أمضى به سنتين، ليلج بعد ذلك المدرسة الابتدائية التي كانت قريبة من محل سكناه.

لم يتوقف دعم والدة رشيد لابنها في مواصلة مشواره الدراسي، فهي تحلم كباقي الأمهات أن يكون لابنها شأن في المستقبل، وهكذا تفوق رشيد وانتقل للدراسة في المستوى الإعدادي بمركز قلعة امكونة، حيث كان يستعين بعكاز خشبي يقطع به 8 كيلومترات ذهابا وإيابا كل يوم.

ويقول رشيد في حديث مع جريدة “العمق”، “كنت أقطع كل تلك المسافة بالاستعانة بعكازي، ورغم نظرة المجتمع إلي آنذاك إلا أنني اجتهدت ودرست إلى أن وصلت الثالثة إعدادي”.

مغادرة مقاعد الدراسة بسبب الفقر
لم يتمكن رشيد من استكمال دراسته بسبب الفقر، فوالده لم يكن بإمكانه تحمل مصاريف دراسته، وهو ما دفعه لولوج التكوين المهني بورزازات، “بفضل والدتي التي كانت سندي”، يقول المتحدث، لافتا إلى أنه قضى مدة وجيزة فقط في التكوين.

التحق رشيد نايت الحسين بجمعية بورزازات تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، حيث استطاع أن يتعلم حرفة التزيين المعدني التي يعيش منها إلى الآن، إذ أن أغلب الكتابات النحاسية المعلقة على أبواب محاكم ومستشفيات ومؤسسات أخرى جهة درعة تافيلالت من صنع أنامله.

بهذه الحرفة، كوّن رشيد نايت الحسين أسرة، وشيّد محلا يعرض فيه إبداعاته بمنطقة “أم عياش”، كما يساعد والديه في تكاليف الحياة.

لم يكتف رشيد فقط بالتزيين المعدني كحرفة يعيش منها، بل أسس سنة 2016 تعاونية فلاحية لتقطير الورد العطري بقلعة امكونة، واستفاد من دعم ضمن مخطط المغرب الأخضر، ويقوم بتسويق منتجاته في المعارض الوطنية، وتصدير بعض منها إلى الخارج.

الإعاقة ليست عائقا
يرى رشيد، أن الإعاقة ليست عائقا لتحقيق ذوي الاحتياجات الخاصة لأحلامهم، ويؤكد أنه “لا يجب أن تجعل منا الإعاقة عالة على المجتمع، الإعاقة هي الخوف وعدم الثقة في النفس”، مضيفا أن المعاق لا يحتاج دعما ماديا بل دعما نفسيا وأن تريه الطريق الصحيح.

وبحسبه، فإن تحدي الإعاقة بدأه بالانخراط وهو صغير في العمل الجمعوي، قبل أن يساهم في تأسيس جمعيات تنموية بمنطقته، من بينها جمعية الورود للأشخاص في وضعية إعاقة، التي احتضنت ذوي الاحتياجات الخاصة بالمنطقة، وساهمت في تكوينهم في الصناعة التقليدية.

من العمل الجمعوي إلى السياسة
“ترشحت في الانتخابات الجماعية سنة 2009 وحصلت على ثقة ساكنة المنطقة”، يقول رشيد الذي اعتبر في حديث مع “العمق”، أن ولوجه لعالم السياسة من بوابة حزب الاستقلال لم يكن لقضاء مآرب شخصية بل للمساهمة في تنمية منطقته.

ويأمل رشيد الذي أصبح عضوا في المجلس الوطني لحزب الاستقلال، يوما ما في أن يصل البرلمان، ليُسمع صوت ذوي الاحتياجات الخاصة بقبة البرلمان، وينقل هموم أبناء المغرب العميق إلى المسؤولين، مشددا على أن هدفه الأول والأخير أن تلقى منطقته نصيبها من التنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *