وجهة نظر

البكاري يكتب: ماذا يعني تأسيس “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”؟

قبل تأسيس هذه الهيئة بهذا الاسم، الذي يتجاوز “الاستفزاز” إلى ما هو أبعد من ذلك، كانت أمينتو حيدر قد أعلنت حل هياكل “الكوديسا” (تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان)، ما دلالة تأسيس إطار جديد بعد حل القديم؟

إنه يعني انتقال دينامية مجموعة أمينتو ومن معها من الرهان على العمل الحقوقي لإحراج المغرب ومناكفته، إلى العمل السياسي الصريح، وبالتالي نحن أمام تطور في الدينامية ولسنا أمام تراجع.

وإذا كان الملاحظون كانوا يعتبرون الكوديسا ذراعا “حقوقيا” لجبهة بوليساريو في الأقاليم الصحراوية، فيطرح سؤال عن نوع العلاقة بين كيان سياسي مسلح (البوليساريو) وبين هيئة أمينتو السياسية؟

هل هذه الدينامية الجديدة هي من بين تعبيرات متعددة عن عدم الرضى على مسار البوليساريو؟ أم هي تعبير محلي من تعبيرات البوليساريو جاء ردا على دينامية أخرى مناهضة للبوليساريو، وأقصد مبادرة “صحراويون من أجل السلام” الذين عقدوا مؤتمرهم بين العيون والداخلة، وهي مبادرة تضم قيادات سابقة للبوليساريو. وبإمكانيات لوجستية وبشرية مهمة. وشرعت في الاتصال وتوجيه رسائل لأطراف دولية لها علاقة بملف الصحراء.

مبادرة “صحراويون من أجل السلام” بدورها يظل افقها ملتبسا، فلاهي تؤيد مقترح الحكم الذاتي صراحة، ولا هي تتشبت بمطلب الدولة المستقلة، وتتحدث عن الشعب الصحراوي ورغبته في السلام وتسوية النزاع سلميا دون أن تتحدد كيف وفي أي أفق (جزء من المغرب، حكم ذاتي، دولة مستقلة، اوطونوميا) ، وفي مؤتمريها بالعيون والداخلة (فرع وادي الذهب وفرع الساقية الحمراء حسب تسميتها) غابت أعلام المغرب وكذلك أعلام الجبهة، كما حضرت تمثيلية “واد نون” وهي منطقة خارج المنطقة المتنازع عليها، وكانت البوليساريو قد رفضت إدراجها أثناء مسلسل تحديد الهوية.

عودة لهيئة أمينتو حيدر ومن معها، فهل تسمية المؤتمر التأسيسي باسم دورة “محمد عبد العزيز” هو إعلان ضمني عن استمرار الاعتراف بالبوليساريو ممثلا وحيدا “للشعب الصحراوي”، أم هو عكس ذلك يحمل دلالة عدم الاتفاق مع ما يسميه منتقدو البوليساريو بالمنحى الانتظاري لقيادة الجبهة بعد رحيل محمد عبد العزيز؟

وإذا كان هذا المولود السياسي سيضع نفسه تحت إشارة قيادة البوليساريو، فكيف سيكون موقف المغرب إذا اختارت الجبهة بعض أسماء الهيئة في وفدها المفاوض؟

لنتذكر اعتراض البوليساريو على تمثيلية صحراويين في الوفد المغربي، وبالتالي قد تفكر الجبهة في تمثيلية من الأقاليم الصحراوية في مواجهة صحراويين وحدويين داخل الوفد المغربي.

وقد تكون طموحات أمينتو ومجموعتها أكبر، فتطرح نفسها ممثلا لخيار آخر تربك به كل الأوراق، هنا وهناك وفي الأمم المتحدة.

الأساس، أننا أمام ديناميات جديدة، وغير واضحة للمتتبع المغربي، فلا نكاد نعرف إلا قليلا عن مبادرة “صحراويون من أجل السلام”، وعن الهيئة الجديدة.

قد نتفهم الصمت الرسمي الذي ربما له أوراقه في هذه الديناميات، ومحكوم بخطوط يضبطها وضع الملف على أجندة الأمم المتحدة، ولكن صمت الأحزاب والنخبة والإعلام محير. وكأن ما يقع في الصحراء لن تكون له انعكاسات على كل الوطن.

في الحاجة لعمل صحفي مهني يبحث في هذه المستجدات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *