وجهة نظر

بنكيران سيعود، بنكيران لن يعود!

أبدأ بسؤال هو بمثابة جواب: في ماذا ستفيد عودة عبد الإله بنكيران!؟ طبيعي جدا أن ما يروج حول الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي، والمطالبة بترميم صفوف حزب العدالة والتنمية، في ضوء الهدم المستمر لرمزية الحزب، خصوصا مع الهوة التي حصلت في الداخل عقب تشكيل حكومة 2016.

عودة بنكيران لم تعد تغري أحدا، بل لم يعد لها حاجة لاعتبارات كثيرة؛ أولا أن ما تنطوي عليه شخصية ” الزعيم” من صفات سحرية، ومؤهلات عبقرية، وأفق تفكير عميق.. كلها رهانات لم تجد ترجمتها في الميدان، خاصة في خضم التراجعات التي حصلت طيلة المرحلة التي أشرف فيها على ترأس الحكومة المغربية، وأبانت التجربة القصيرة/ الطويلة عن تباعد حقيقي بين المواطن والحكومة، طبعا هذه المعادلة ليست وليدة لحظة بنكيران، أو تجربة ” سي عبد الإله”، وإنما هي محصلة تاريخ الحكومات المغربية، حيث ما يخدم المواطن في واد، ومن يخدمه في واد آخر.

سؤال الجدوى مهم جدا في فهم ما يجري داخل حزب العدالة والتنمية، لأن منطق السياسة يفرض تفكيك الأهداف والغايات، وانطلاقا من إدراك مغزاها وما تنطوي عليه من ” لانتيريس”، يصبح من السهل، حينئذ، استيعاب كنه الخطاب، وعلل ترويجه في الزمان والمكان المحددين.

من الواضح أن شريحة كبيرة من المنتمين والأنصار والمتعاطفين.. مع حزب العدالة والتنمية، ليسوا راضين تماما عن سيرورة الحزب، وتموقعاته في المشهد السياسي، كما أنهم غير راضين على شروط الانتقال من مرحلة بنكيران لمرحلة العثماني، بالنظر إلى ما رافق هذا الانتقال من جدل، وخصومة، وقطيعة أيضا، ويتذكر المغاربة كيف انشق الحزب لتيارين؛ تيار الاستوزار المحسوب على الغثماني، وتيار بنكيران المعارض لفلسفة الاستوزار في ضوء” البلوكاج” الذي فرض على بنكيران، في مرحلة كان المواطن يستشعر الضغط الممارس على رئيس الحكومة السابق، وكان لا يتردد في إعلان مساندته للشرعية التي اكتسبها حزب المصباح، ومعه “زعيمه” الأستاذ عبد الإله.

هكذا، فالتيار الذي يبحث عن التغيير داخل حزب العدالة والتنمية، يستند إلى أخطاء الماضي البسيط، ويبحث عن إمكانية إصلاح ما يمكن إصلاحه، على اعتبار أنه تيار ظل مرتبطا بانشغالات المواطنين، وبما يعتمل في المجتمع من تىاجعات، وقياديو هذا التوجه لهم شعبية واحترام أيضا، ويحضون بكثير من الاهتمام والمتابعة، لكن عدد منهم يحمل تيار ” الاستوزار” مسؤولية ما حصل ويحصل، لأنه تيار رضي بالقليل في وقت كان بنكيران يطمح للكثير؛ قبل أن يتبخر الكثير، ويختفي أصحاب القليل في ” السيستيم السياسي”.

الحلقة التي يعتبر المواطن أنها فُقدت، منذ مرحلة بنكيران إلى اليوم، وقياسا على شعارات الحزب الجميلة، تتعلق بالجرأة في الدفاع عن البرنامج السياسي، وما يخدم المواطن على جميع المستويات؛ أما ممارسة البوليتيك ب” البوليتيك”، والدفع في اتجاه تبرير فلسفة الدولة، وطريقة تعاطيها مع انشغالات المواطن.. فلن يجدي نفعا؛ حتى إذا عاد بنكيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *