وجهة نظر

التعليم وتحدي العزلة والجائحة

التعليم نهج تربوي يكون في الانسان سلامة ملكة العقل من القراءة والكتابة، وتحصيل العلم الذي يرفع من مكانة الانسان وعمله في الحياة، مما يحول شخص الانسان من كائن حي ناطق، الى كائن متكلم بالعقل السليم من اللسان .

التعليم بالمغرب :

المغرب بلد اسلامي عربي كان محل صراع بين العرب والرومان من العهد الاسلامي، الى العهد الاستعماري، ومن تم ينسب التعليم العربي الى العهد الاسلامي، والتعليم الفرنسي المعاصر الى عهد الاستقلال الاجتماعي .

التعليم العربي :

هو تعليم اسلامي عربي، مكي من منبعه، مدني من مساره، لا فرق فيه بين الانصار من برابرة مكة، والمهاجرين بالمدينة، انتشر بالمغرب عن طريق التواتر المحفوظ من الألواح الخشبية، جيلا عن آخر، الى حين انتقال الكتابة بالانتشار من الطباعة، عن طريق الازرق من رواية ورش عن نافع .

وعهد الطباعة كان للمصحف الكريم الأولوية من الطبع، والسير على نهج الجماعة من تواتر الكتابة والقراءة .

وخلال فترة التعليم الجماعاتي من حياة والدي، تعلم القراءة عن شيخه من اللوح حفظا وكتابة بالطريقة الاسلامية، كما لم يفته تعلم القراءة الاجتماعية من المصحف المطبوع برواية ورش، سيرا مع التحول الاجتماعي نحو القراءة الورقية .

أما التعليم عهد شيخه من القراءة، والذي أخذه بالتواتر المحفوظ عن والده قبل الحقبة الاستعمارية، فقد كانت قراءته على نهج السلف من الرواية، التي تعمل بالمتواتر والمخطوط الاقرب الى ذهن تلك الاجيال، من المطبوع الذي يشكل الجديد في الحياة القرائية .

ومن جهة شكلت القراءة المتواترة من العهد الاسلامي، القراءة التي لا يسمح بتلقينها لغير المسلم علما وعملا، والتزاما بالدين الاسلامي الحنيف، بينما قراءة المطبوع من عهد التعليم العمومي قراءة للعموم .

التعليم العمومي :

هو تعليم لغوي علمي ذو منهج مادي، مزدوج اللسان من العربية والفرنسية، او الاسبانية، او الانجليزية، لخروج المجتمع من حياة الجماعة المحلية، الى حياة المجتمع الدولية .

والتعليم العمومي، انتقل بالبنية التعليمية، من المؤسسة الدينية، الى المؤسسة الاجتماعية، في إطار نظام مجتمعي، تموله الدولة بدل الجماعة، كما يفتح للناشئة ابواب العلم من المجتمع والرفع منه درجة خارجه، وكذلك فتح مجال العمل والتخصص العلمي من داخل البلد أو خارجه .

وينسب التعليم العمومي الى عهد فك العزلة الدولية عن الحياة الاجتماعية، وهو تعليم يساير النهج العلمي للحياة العامة من المجتمع، التي تسارع في التغيير من أجل مواكبة الحياة الدولية .

اثر الجائحة على النظام التربوي :

الجائحة هي غزو فيروسي يهدد الصحة البشرية، ينشر العدوى عبر الاختلاط البشري، اكتسح بلدان العالم جملة واحدة، وقطع السبل والاتصال المباشر داخل المجتمعات ومع خارجها، كما وضع المؤسسات الاجتماعية والدولية أمام اختبار كيفي للتعامل مع الواقع الطارئ والمستجد .

ومن تم كان التحدي والمواجهة رهينة بالوعي واليقظة من الفرد والمجتمع، في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والسلوكيات الفردية للانفلات من مخالب الجائحة وبراثين الوباء الغامض، الذي تصارع المجموعة الدولية من اجل ايجاد علاج طبي للخلاص من انتشاره، والذي عرقل الحياة النظامية من الساحة الاجتماعية والدولية .

وإن تطور التعليم من يد الجماعة والمجتمع، من التواتر المحفوظ، الى اليدوي المخطوط، ثم الورقي المطبوع، وبعده من الطباعة الرقمية إلى التعليم عن بعد عبر التطبيقات التربوية، من نقلة جديدة فرضتها الجائحة الدولية على المؤسسة الاجتماعية، التي وضعت الخيار التعليمي، بين الحضوري، والمتابعة عن بعد، على عاتق الاسرة والمؤسسة من الوجهة الاجتماعية .

وإن خلق الخيار جدلا بالوسط التربوي والاجتماعي، فإنه ينطلق من رؤية اجتماعية مبنية على أسس علمية، ومصالح شخصية تطرح قضايا لا ينبغي أن تغرب عن البال .

ومهما كان الطرح من الفرد أو المؤسسة، فإن تجاوز العقبة خير من الوقوف عندها .

وإن البشائر الطبية من التجارب السريرية، التي تلوح من الجهود الدولية لإيجاد لقاح دولي للحد من انتشار الآفة بالوسط البشري، قد تجعل الجدل والطروحات مسألة عابرة، بعيدة عن توقيف العجلة التربوية، وخطورة مكتسبة في طريق الحياة المستقبلية للأجيال الاجتماعية من المجتمعات الدولية التي تعاني من حائجة الوباء، وحدت جهودها العملية لإنقاذ الحياة البشرية، بالتصدي للازمة من وقتها كي لا تترك الوباء يفعل فعلته في الحياة، ويفرض شيئته الوبائية وكأن لا شيء أمامه، الا ما جرى به القضاء والقدر .

تحدي الازمة التربوية :

من السياق التاريخي للتعليم بالمغرب نشأة وتطورا، نستشف أن جيل الاجداد تحدى الازمة التربوية من منظور جماعي، زمن العزلة بالتجنيد من علم التواتر عن مشايخ العلوم والقراءة، بقلم القصب ولوح الخشب، وجلسة القرفصاء العلمية من الارضية .

وعهد جائحة كرونا الوبائية واكب المجتمع من الوجهة التربوية التطورات الاجتماعية بالحزم والعزم والتخطيط المنهجي، تتضافر فيه جهود الاسرة الاجتماعية مع المؤسسة التربوية، لتقاسم الاعباء أمام تجاوز الصعاب التي تعترض طريق ناشئة المستقبل وهم في أحضان الاسرة والمجتمع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *