وجهة نظر

بيت الضيافة من سكن الأسرة

الضيف كان فردا أو جماعة هو من يحل عند الغير زائرا أو مدعوا على الرحب وطيب الخاطر، من علاقة قرب منشودة أو قائمة على المودة أو مبنية على القرابة، والضيف من محل الضيافة يثير اهتمام وعناية ساكنة البيت بالحظوة اللائقة، من تقريب الحاجة والادب من المعاملة، يستقبل بالطيب أو بالتمر والحليب .

والضيافة في المغرب تستمد أصولها من التقاليد الاجتماعية، والقيم الدينية بالمعاملة الحسنة والترحيب من باب البيت وتيسير الاقامة به، وحسن النظرة وتقريب الحاجة .

مدلول الضيافة لدى المغاربة :

من مجريات الحديث على الضيافة من السنة المغاربة، قولتهم المأثورة : ضيافة النبي ثلاثة ايام، وهو ما يجري به العمل في عصرنا وعلى نحو من الرسميات وضيافة الدولة، التي تخص الضيف بقصر الضيافة .

وهذا يعني أن الضيافة بالمجموعة الدولية اصبحت ذات شأن دولي، تتولاها شركات سياحية مختصة في تنظيم المؤتمرات والملتقيات الدولية، والندوات الاقليمية، والمهرجانات الفنية والرياضية، حيث اصبحت خدمة عالمية اكتسحت مجال المنافسة الدولية .

غير أن الضيافة المنزلية على المستوى الاجتماعي، تختلف باختلاف الضيف والحاجة الماسة الى متطلبات استقباله والتعامل معه من وقت اقامته :

الضيافة العائلية :

هي ضيافة الاهل من وسطهم العائلي، حين القدوم للزيارة والتواصل من إحياء صلة الرحم، التي تجري بها التقاليد الاجتماعية، وهي ضيافة لا تحدد بالمدة، بقدر ما تحكمها قواعد الاسرة من المعاملة، التي تعتبر الضيف متصل الاصل بالأسرة ولا غرابة إن طال مقامه عند اهل البيت .

ضيافة الخطبة :

هي ضيافة من وقت معلوم قصد المحاورة في شأن طلب المصاهرة، وأخذ الرأي بالمشورة، من الموافقة، أو ضرب أجل لاحق تقضيه الحاجة، للاطلاع على الاحوال والملاءمة في الرأي .

ضيافة الزواج :

تخضع لقواعد الضيافة الجماعية، من تجمع عائلي بين اهل العروسين يجري من يوم العرس، بتزكية جماعية للبناء الشرعي من عش الزوجية .

وإن يتم الحضور في المناطق القروية على نعتين، من صنف الجماعيين المدعوين للإطعام، وفاتحة الختم بالمصداقية من إقامة افراح العرس، سندا من قول الرسول صلعم : اعلنوه ولو بالدف .

وهناك صنف العموم الغير المدعوين، الذين يحضرون خارج وقت موائد الاطعام، بغاية الفرجة والاستمتاع من طرب العرس .

وفي المناطق الحضرية، تطورت اقامة الاعراس والضيافة الخاصة من حفل الزواج من بيت الخطوبة، الى قاعات خاصة بالاستقبال واقامة الافراح على انغام السهر الليلي من الفرجة وموائد الاطعام، واطلالة العريسين على جمع الحفل، في حلة من الزينة المميزة وتحت بريق الاضواء واللقطات المصورة، في اجواء منشرحة تهزها الاهازيج والافراح العائلية .

بيت الضيافة من سكن الاسرة :

كان ولا زال السكن من الدور العائلية، يحتوي الى جانب سكن الاسرة محل خاص بإقامة الضيوف عند حضورهم، وعهد انتشار السكن الجماعي المتعدد الطبقات، أخذت التصاميم الحضرية في شكلها الهندسي الحديث والمعاصر بمراعاة التقاليد الاجتماعية من المعمار المغربي، الذي يستحضر في البناء تخصيص محل قائم على حضور الضيف الى السكن في الحياة الاسرية .

حيث لا يخلو سكن المغربي من البيت الفسيح والمتسع من شكله الهندسي، وتهيئته بالزينة من الزخرفة والافرشة المريحة لاستقبال وإقامة الضيف عابرا أو زائرا، مع ما يليق بالضيافة من وقت وترحيب من طيب الخاطر وحسن المعاملة .

ومن تم تكون الضيافة عند الانسان المغربي، تربية وخلقا، خاص بالضيف من البيت وموروث عمراني تجري به التقاليد الاجتماعية المعمول بها من الدين والحياة الاسرية.

كرونا وانسداد طريق الضيافة :

كرونا وباء فيروسي جائح، وقف أمامه الطب العالمي بالمجموعة الدولية، بأدوية احتياطية عامة، وليست خاصة بالمستجد، والعمل على الاخذ بفرض حالة الطوارئ الصحية، من الساحة الدولية والاجتماعية، والزام الافراد بالحجر الصحي من البيوت، واتخاذ الاجراءات الاحترازية، بالتباعد الشخصي من الساحة الاجتماعية، وتكميم اماكن الانفاس من الانف والفم، وغسل اليدين بالماء والصابون عند ملامسة الاشياء بالمنزل، واستعمال المعقم خارج البيت، والقيام بتعليق ومنع حركة السفر من داخل البلاد وخارجها، وكذا حركة التنقل بالمدن الا للضرورة القصوى وبترخيص من السلطات المحلية

الى غير ذلك من الاجراءات التي أدت الى اغلاق المدارس والجامعات، والاماكن الدينية للعبادة، وكذا الاندية والقاعات والملاعب الرياضية، ومنع حفلات الأعراس من قاعات الافراح والبيوت العائلية، خوفا من انتشار عدوى الوباء الذي لا علاج جديد خاص به، وإن تعمل المصالح الصحية والمختبرات الطبية، على تكثيف الأبحاث العلمية والتحاليل المخبرية لإيجاد دواء ناجع أو لقاح مناعي يحد من الاصابة والانتشار المتفشي للوباء بالساحة الاجتماعية والدولية .

وكم من حفل عرس متخفي من البيت انقلب على العروسين من الدخول الى القفص الذهبي الى المثول أمام قفص الاتهام من جائحة كرونا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *