وجهة نظر

الفلكي عبد العزيز الخطابي يكشف رؤيته المستقبلية حول النموذج التنموي الجديد بالمغرب في أفق 2030

الانفجار الاجتماعي قادم إن لم تتخذ الدولة سياسات عادلة

أية صورة سيكون عليها المغاربة خلال سنة 2030؟ ماذا سيحدث بقطاعات التعليم والصحة والسكن والتشغيل؟ وماذا عن الزواج والعزوبة وتحول القيم ؟ مغرب 2030 إلى أين. وكيف الخروج من الأزمات ؟ وكيف نستشرف المستقبل وكيف نرسم السيناريوهات القادمة للمغرب خلال العشر سنوات المقبلة.

خطر الانفجار الاجتماعي

من بين أهم الصعاب التي يواجهها المغرب في أفق سنة 2030، قضية ارتفاع نسبة الساكنة النشيطة، وخصوصا في وسط فئة الشباب المتعلم الحاصل على الشهادات العليا، حيث أن نسبة الشباب المتعلم والحاصل على دبلومات عليا سترتفع بشكل ملحوظ جدا، وأن هذا التحول الديمغرافي الذي بدأ بالفعل يحدث منذ السنوات الأولى من بداية الألفية الثالثة، سيفضي إلى حدوث تغيير عميق في العديد من مناحي الحياة العامة إذ إن تحول المعطى الديمغرافي على سكان المغرب في العقدين المقبلين، سواء من حيث تقليص نسب الأمية أو الانتقال المتزايد للسكان من المجال القروي إلى المجال الحضري، سيحدث نوعا من التغيير على مستوى القيم أو طريقة تفكير المغاربة في مجالات تسيير الحياة العامة في بلادهم.

تطور ديمغرافية المغرب بين 2005 و2030 .

إن التحدي الأكبر يتمثل في إدماج الفئة المتعلمة في المجتمع، وهذا يحتم على الحكومات القادمة إيجاد سياسة للتشغيل تمكنها من احتواء كل هذه الساكنة النشيطة، وإدخال العديد من الإصلاحات من أجل تجنب الاضطرابات التي يمكن أن تظهر بسبب المطالبة بحياة كريمة وتكافؤ الفرص في الولوج إلى سوق الشغل من قبل هذه الفئة التي ستتسع بشكل كبير في أفق سنة 2030.

وهنا أطرح خمس سيناريوهات بخصوص مستقبل المغرب بعد عقدين، حيث أن السيناريو الأكثر تفاؤلا هو تحدي تجنب الانفجار الديمغرافي ومعالجة جيل “الضباع” ، حيث لا يمكن للمغرب أن ينجح في تجاوزه، إلا باتخاذ برامج حكومية يمكنها أن تواكب عملية التحول الديمغرافي وعلى أساسها يمكن تجنب الكوارث الاجتماعية والسياسية، التي يمكن أن تتعرض لها البلاد في المستقبل المنظور.

فالسيناريو الأول يسجل ارتفاع سكان المغرب إلى حوالي 38 مليون و400 ألف نسمة، وانخفاض معدل الخصوبة الكلي إلى 2 ,1 طفل لكل امرأة، مع تراجع الأمية في صفوف النساء بين 15 و49 سنة.

أما السيناريو الثاني ، فيسجل أن عدد سكان المغرب سيصل إلى 39 مليون و600 ألف نسمة، بينما سيكون معدل الخصوبة الكلي 1.5 طفل لكل امرأة، في حين أن السيناريو الثالث، يتوقع أن يبلغ عدد سكان المغرب 40 مليون و800 ألف نسمة و معدل الخصوبة الكلي سيكون 8،1 طفل لكل امرأة.

أما السيناريو الرابع فيسجل ارتفاع عدد السكان بالمغرب إلى 41 مليون و 900 ألف نسمة و معدل الخصوبة الكلي1،2 طفل لكل امرأة، فيما يسجل السيناريو الخامس والأخير ارتفاع عدد المغاربة إلى 43 مليون و400 ألف نسمة، و معدل الخصوبة الكلي إلى 47،2 طفل لكل امرأة ، لكن يبقى السيناريو المسيطر هو سيناريو متشائم حيث يمكنه أن يحدث نوعا من انغلاق المغرب على العالم الخارجي، وكذلك حدوث نوع من القطيعة مع القيم التقليدية داخل المجتمع، ذلك فضلا على حصول نوع من “خيبة أمل” اقتصادية و سياسية بسبب بطء النمو الاقتصادي، وعدم توزيع الثروات بشكل عادل، و ارتفاع البطالة و هو ما يمكنه أن يحدث بحسب اضطرابات و احتجاجات عديدة في المغرب على المستوى القريب، و السيناريو الثاني، المتفائل لا يمكنه أن يحدث إلا بانفتاح كامل للمغرب خاصة، و ما يناهز 33 بلد يتموقع في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا على العموم، على الحداثة و العولمة، وهو ما يجعل المغرب مضطرا إلى إحداث نوع من التكامل الثقافي سواء على المستوى الداخلي أو مستوى التعاون مع الدول المغاربية الأخرى، و أن تلازم التطور الديمغرافي مع اتخاذ القرارات المناسبة سيمكن المغرب في عام 2030، من القضاء على الأمية وتحقيق المساواة الكاملة في الحصول على التعليم بين الذكور و الإناث.

وضعية الولوج إلى سوق الشغل 2030.

أما السيناريو الثالث الذي يعتبر أكثر تفاؤلا، يمكن أن يتحقق من خلال قيام المغرب بسياسة متعددة الجوانب، أولا : إحداث إصلاحات حقيقية بجميع مؤسسات الدولة، و انفتاح المغرب على الصين و أوروبا التي بإمكانها أن تقوم باستثمارات حقيقية و مباشرة مع المغرب، وكذلك حل العقبات التي تعترض حركة كل من المغاربة و الأجانب من خلال الدخول في مرحلة تشجع التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والصين الشعبية.

هكذا يرى الشباب المغرب في سنة 2030:

مجموعة من المؤشرات الاستشرافية التي تهم نظرة الشباب لمغرب سنة 2030، بحيث يتوقع هؤلاء الشباب في محور السياسة أن المغرب سيعرف منعطفا في مسألة التحول الديمقراطي مشيرين إلى تنظيم انتخابات نزيهة، وأن المغرب سيفرض نفسه كأرض السلام والديمقراطية والعدالة، كما توقع بأن المغرب سيعرف في أفق 2030 تعيين امرأة في منصب رئيسة الحكومة.

استرجاع سبتة ومليلية وتحقيق المغرب لوحدته الترابية هي الأخرى من بين المواضيع التي تكررت عند الشباب المستجوبين بينما اعتبر أغلبية المستجوبين أن استرجاع هذه الأراضي سيكون عن طريق مفاوضات سلمية، فيما رأى البعض أن هذه الأراضي سترتجع عن طريق مواجهة عسكرية مع اسبانيا، كما ترددت قضية الصحراء في 50.4 في المائة من الأجوبة المتعلقة بالوحدة الترابية، بحيث اعتبر أغلب الأجوبة أن مشكل الصحراء سيجد طريقة إلى الحل عبر الاعتراف بالأقاليم الجنوبية، كما أشارت بعض العناوين إلى انهيار جبهة البوليساريو وعودة المغاربة المحتجزين في تندوف إلى ارض الوطن.

وفي موضوع القوة العسكرية والنووية سجل 55.1 في المائة من أجوبة الشباب أن المغرب سيطور برنامجا نوويا ويركب أو يمتلك قنبلة نووية، كما يتوفر على عدة قذائف وترسنات لأسلحة الدمار الشامل ويصدر فائضه من الأسلحة إلى دول إسلامية، كما تطرقت 22.4 في المائة من موضوع الحرب والدفاع إلى الإرهاب أعلن فيه الشباب المستجوبين على القضاء على الإرهاب، لكن هذا لا يمنع بحسب بعض العناوين من مهاجمة الشبكة الكهربائية للبلاد أو القيام بتفجيرات جديدة .

أما بالنسبة للتطور الاقتصادي تمحورت أجوبة الشباب حول ثلاث أفكار تتمثل في أن المغرب في 2030 سيكون قوة اقتصادية ( 61.1 في المائة من أجوبة عينة الشباب المستجوبة، وأن المغرب سيعرف تطورا اقتصاديا 33.8 في المائة من أجوبة الشباب، كما في سنة 2030 سيدخل المغرب بحسب أغلب الشباب غمار اقتصاد المعرفة بحيث اعتبرت أجوبة المستجوبين إن المغرب سيحقق تقدما هاما في ميدان الصناعة الالكترونية وفي نفس هذا السياق عبر الشباب المستجوب في 8 عناوين عن نظرة تشاؤمية بالنسبة لتطور المغرب الاقتصادي، بحيث تصورت هذه الأجوبة التي تشكل 5.1 في المائة من محور الأجوبة الاقتصادية، أن المغرب سيعرف أزمة اقتصادية وذلك نظرا للمديونية المفرطة وإفلاس العديد من الشركات وارتفاع الأسعار، وعبر عن هذه النظرة التشاؤمية الذكور بـ (87.5 في المائة) أكثر من الإناث بـ(12.5 في المائة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *