ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: لماذا يقدم المغرب نفسه “بلدا استثنائيا”؟ (ح 13)

Drapeau du Maroc

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 13: هل المغرب على حق في تقديم نفسه على أنه “بلد استثنائي”؟

من بين الدعايات الرسمية، يحرص الخطاب المغربي على أن يقدم نفسه بصفته “بلدا استثنائيا” وقد ترجم الكوميديون بطريقتهم الخاصة هذا الشعار: “المغرب هو أجمل بلد في العالم”.

هناك دعاية أخرى تؤثث الخطاب السياسي الرسمي وهي وهم التوفيق بين التقاليد والحداثة، والذي من شأنه أن يكون جوهر الواقع السياسي والاجتماعي المغربي. إن التراث الذي تركه ليوطي بدأ يطل بوجهه مرة أخرى، لأنه أراد تحديث البلاد للحفاظ على حضارتها وهويتها.

يحرص المغرب الرسمي على الترويج لاستثنائه منذ عام 1956، والذي يسمح له بالمواجهة مع الجار الجزائري: فهو لا يريد أن يكون ثورياً ولا عسكرياً ولا جمهورياً أو اشتراكياً أو إمبريالياً أو إسلاميا بل يمجد دولته العريقة في التاريخ ويفتخر باستقرار نظامها الملكي ويدّعي أن له علاقة هادئة مع قوى الاستعمار وفرنسا والغرب عموما ويقدم نفسه كقوة وسيطة بين أوروبا وأفريقيا والعالم العربي ولا يتنكر لعناصره اليهودية وانتمائه الإفريقي.

وباختصار، يزعم هذا الخطاب أن المغرب أرض التسامح والانصهار بين الثقافات ونمط العيش الراقي والإسلام المنفتح وأنه صانع السلام. أما المغاربة فهم لا يرددون نفس الخطاب لأنهم يعرفون أنه يحاول طمس العيوب وخاصة في المجال الاجتماعي: صحيح أن هناك مغرب حديث ومنفتح على العولمة، لكن المغرب القروي يشكو من التهميش والمعاناة.

المغاربة فخورون بتاريخهم وخصوصيتهم ونمط معيشتهم وتقاليدهم ولا يترددون في تصويب بعض السهام الحادة تجاه الجار الجزائري فيرد عليهم هؤلاء وكأننا أمام “أمة عريقة مجيدة” ضد “بلاد بلا دولة” أو أمام صراع بين “الجمهورية” و”إقطاع القرون الوسطى”. هذه المنافسة لا تنبئنا كثيرا عن مضمون “الاستثناء المغربي” الشهير.

إن المغرب دولة تنتج القليل من الثروة. إذا كان لديها الفوسفاط والفلاحة الناجحة فإن اقتصادها لا يكفي لتمويل نفقاتها الباهظة. إنها بلاد يقترب حجم سكانها من الجزائر والعراق ولكنها لا تملك ما يكفي من الموارد وليس لديها صناعة كبيرة والزراعة لا تكفي حاجياتها الغذائية بل هي بلاد تعول على دورها الجيوستراتيجي وتضم الكثير من التجار والوسطاء وهي مدينة بازدهار النسبي وبقائها على قيد الحياة إلى قدرتها على مقايضة خدماتها للآخرين على الساحة الدولية.

يستفيد المغرب من مهاراته العديدة: الحرف اليدوية، الطبخ، السياحة، التراث، ودرايته العسكرية والإدارية والدبلوماسية من أطباء ومهندسين وفنانين ومهاجرين وكذلك من جمال نسائه (المعروف في جميع أنحاء العالم العربي) ومن العلوم الدينية وإسلامه المعتدل ومن طائفته اليهودية (بما في ذلك من يعيشون في الخارج) ومن سمعته المعتدلة وتعدده اللغوي وماضيه الأندلسي وموقعه الجيوستراتيجي على مضيق جبل طارق ومن نظامه الملكي وقصوره وأرستقراطيته ومن فن العيش وبعبارة أخرى فالمغرب هو بطل القوة الناعمة التي أصبحت هي شرط وجوده وبقائه.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *