منتدى العمق

بالله عليكم أفيقوا.. لا وجود للإرهاب

لا أخفيكم أنني كلما قرأت عن موضوع الإرهاب أو سمعت الناس تحكي عنه، أشعر بالمغص والدوار، أكون الأمر متعلقا بربطه بالدين أو بالأساطير التي تتحفنا بالجدة والمستجدة في كل آن وحين.. 

لقد صور لناالغرب منذ الأحداث الأولى في 11 سبتمبر 2001، أن القائمين على كل دمار ناشئ هم مسلمون، يتم اكتشافهم غالبا بعد القيام بعملياتهم التخريبية الفتاكة بالبشر والحجر والشجر، بكل قدراتهم الاستخباراتية والمعلوماتية، ينجح هؤلاء في تنفيذ مخططاتهم فوق الخيالية..

لا بأس، ففي جل المرات التي صادفنا فيها أمثال هاته المواقف، كان قدرنا المبتلى ألا نكون نحن الضحايا، وقد عرف بيننا استحالة أن يكون الضحية منفذ الجريمة، أي أنه ما دام الغربي هو المقتول، فالقاتل حتما عربي أو مسلم.. ولا يحتاج الأمر إلى كثير من البحث والتحليل!

صدقنا الأمر، وصار المسلمون ينادون بمحاربة الإرهاب أكثر من الغرب أنفسهم، وتطور الأمر بعد ذلك إلى أن انتقلت العمليات الإجرامية من ثنائية (مسلم-كافر) إلى ثنائية (مسلم-مسلم بدرجة أضعف: أو كما يصطلح عليهم ب: Musulmans “non-pratiquants”)، وبدأت الظاهرة تنتشر بوثيرة أسرع، وصار العالم الإسلامي في حالة من الفوضى، مجتمع مسلم يخاف من بني دينه، وفي بعض الأحيان من بني جنسه حتى.. ونشأت تكتلات جديدة، ووضعت مسميات عديدة، في محاولة لوصف الحاصل في بلدان كانت قبل السنون المجيدة، تشكل صخرة واحدة ضد المعتدين من بني الأوصاف الغريبة، وكبلت حريات المسلمين في بلدانهم، فصارت لحية الرجل المسلم مظهرا مريبا، وحرمت المرأة من حجاب يسترها كالذي سترت به أمهات المؤمنين، فصارت لا تأمن نفسها، وهي ترتديه، من نظرات البشر، ومن تعليق من لا شغل لهم سوى إشعار الآخرين بالضجر، وكل ذلك خوفا من أن تكون صورتهم تعبيرا عن خلفية متطرفة، تدعو إلى إقامة الحد على كل متهاون في الدين، أكان لا يصلي، أم يشرب ما حرم الله، والبقية مما لا ندري.. الكل في الحقيقة معترف بتهاونه وتقصيره في التدين، لكنه لا يزال خائفا من أن يحل به عقاب الدنيا، وكأنه ضمن النجاة من عقاب الآخرة..
كل هذا لا يعتبر تبريرا لأي الطرفين، فلا حق لأحد كما جاء في الدين أن يقيم الحدود على هواه، ولهذا قد حرم قتل النفس بدون حق في جميع الحالات.. إلا أنه تنبيه بسيط لخلق التوازن عند حكم الإنسان.

بعد الذي تم ذكره، نأتي على آخر الأخبار والمستجدات، ثنائية من نوع آخر، تشمل الصنف نفسه حسب الادعاء، القاتل والمقتول، (مسلم-مسلم) على نفس الدرجة، أحدهما السفاح والآخر الضحية، ليتم الإعلان عن أنه من بين منفذي الهجماتالإرهابية،التي تستهدف المسلمين، مسلمون أيضا، على نفس الدرجة من الالتزام..

أمر مضحك حقا، لكنه مبك في الوقت ذاته، بعدما تم إقناعنا تدريجيا بأن المسلمين هم مشاريع إرهابية، يحركهم الخطاب الديني المليء بالكراهية بين الأديان والداعي إلى قتل المخالفين في الدين والجهاد في سبيل الله، والمستوحى على لسان مجنون أمريكا “دونالد ترامب” من كتاب المسلمين، أتى الدور على أن يكون الإسلام دينا يدعو إلى قتل معتنقيه بعضهم بعضا..

لهذه الدرجة بلغ انحطاطنا الفكري حتى صرنا عاجزين عن التمييز بين أكثر العمليات بداهة وأكثر التحليلات سخافة.. ألا بالله عليكم أفيقوا.. لا وجود للإرهاب. نحن أمام نظام إجرامي عالمي يلعب بالناس وفق مصالحه المكتسبة، يحكمه أقوياء العالم ممن لا يعرفون للإنسانية طريقا ولا معنى.. يحشدون الجموع بما يفرق ويتركونهم للحرب.. وليقتتلوا، ونحن على أهبة الاستعداد، لا ينقصنا للفعل سوى المحفز، وذاك دورهم في الموضوع..

وللعالم بعد ذلك السلام!