مجتمع

مجلس مراكش يؤجل حل “أزمة” سيارات الإسعاف ونقل الأموات إلى “أجل غير مسمى”

نقل الأموات المسلمين بمراكش

قرر المجلس الجماعي لمدينة مراكش، هذا الأسبوع، تأجيل المصادقة على دفاتر التحملات الخاصة بسيارات نقل الأموات وسيارات الإسعاف، وذلك بناء على طلب من نائبة العمدة المكلفة بالمكتب الجماعي لحفظ الصحة، ويعد هذا التأجيل الثالث من نوعه خلال الولاية الجماعية الحالية.

وفي الوقت الذي مازال المواطنون والمهنيون يشتكون من “تخبط” القطاع في عدد من الإشكالات، ويعولون على أن يضع المجلس الجماعي حدا لها، تم تأجيل النقطة المذكورة إلى موعد غير محدد، وقد لا تجد لها مكانا فيما بقي من الولاية المشرفة على الانتهاء، وسط تبادل الاتهامات بوجود “لوبيات” تسيطر على القطاع.

محيط قصر البلدية الذي يضم مكتب عمدة المدينة الحمراء، شهد مطلع هذا الأسبوع احتجاج أرباب سيارات الإسعاف وسيارات نقل الأموات، ضد مضامين دفتر التحملات المذكور، وخصوصا نقطة “التدبير المفوض” للقطاع ومجموعة من الشروط المتعلقة بالإتاوات التي يجب منها للجماعة عن كل سنة، وحجم الأسطول وغيرها.

تأجيل “محير”

تقرير اجتماع اللجنة المكلفة بالمرافق العمومية والخدمات داخل المجلس الجماعي لمراكش، المنعقد بتاريخ 12 أكتوبر الحالي ثم 19 منه، أكد أن القطاع “مازال يتخبط في عدة إشكالات في مواجهة المرتفق، وأهمها التعريفة ونقطة الانطلاق التي لا يجب أن تبقى في مدينة مراكش”.

وأضاف التقرير الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن نائبة العمدة المذكورة في كلمتها، أقرت بأن ما يعيشه القطاع يعد “معضلة”، وأنها أبرزت في كلمتها أن المجلس الجماعي لمدينة مراكش صادف في فبراير 2019 على تغيير طريقة تدبير المرفقين المذكورين، عن طريق منح تراخيص للأشخاص المستوفين للشروط المهنية والصحية التي يفرضها القطاع في إطار لجنة مختلطة، ولكن الملف أرجع من مصالح وزارة الداخلية بملاحظات موضوع إرسالية مؤرخة في أكتوبر 2019.

“وعملا بإرسالية وزير الداخلية، تضيف نائبة الرئيس، قامت الجماعة بإعداد كناشي تحملات جديدين وهو موضوع النقطتين، والذي أهم ما جاء فيه التنصيص على تعريفة جزافية وحذف نقطة الانطلاق الحالية مع ضرورة توفير أسطول يتكون من 35 سيارة لا يتجاوز عمرها 5 سنوات”، حسب ما ورد في تقرير اجتماع اللجنة.

وفي الوقت الذي كان ينتظر أن تتخذ اللجنة حلولا عملية لطي صفحة الإشكالات التي يعاني منها القطاع، اقترحت نائبة الرئيس “إمكانية تأجيل البث في الموضوع بالنظر لقرب انتهاء المدة الانتدابية الحالية وعدم تحميل المجلس القادم مقتضيات كناش تحملات جديد للقطاع قد لا يرغب في تنزيلها”، حسب نص الوثيقة ذاتها.

نقل الأموات

وينص دفتر التحملات الخاص بسيارات نقل الأموات، الذي كان يفترض أن يصادق مضامينه المجلس الجماعي يوم أمس، على أن يتوفر المفوض له بتجهيز مرفق نقل أموات المسلمين على أسطول مكون على الأقل من 15 سيارة لا يتجاوز عمرها 5 سنوات، كما يشترط أن تكون السيارات من  Fourgonnette وفي حالة ميكانيكية جيدة، وأن يكون لونها الداخلي والخارجي أبيضا، وتحمل عبارات “لا إله إلا الله محمد رسول الله” و”نقل أموات المسلمين” باللون الأخضر، إضافة إلأى اسم وعنوان ورقم هاتف الشركة باللغة العربية.

كما ينص الدفتر الذي حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، أن تكون السيارات مجهزة بمادة البوليستير من واجهتها الداخلية لتسهيل عملية التنظيف، وحاجز وقائي يفصل بين السائق والجثة مع منفذ صغير للتواصل، ومحمل قابل للغسل لا يقل طوله عن 2,20 متر وعرض نصف متر، وأن تتوفر كذلك على قفازات بلاستيكية ذات استعمال واحد، وأغلفة بلاسيتيكية لتلفيف الجثث، ونظام التكييف، نظام إشارة ضوئية لإفساح الطريق  (Gyrophare).

ومن بين النقاط التي أقرها دفتر التحملات الذي رفضه المحتجون، أن يؤدي المفوض له إتاوة سنوية لفائدة الجماعة، قيمتها 20 مليون سنتيم، فيما حدد سعر الخدمة في 6 دراهم للكيلومتر الواحد داخل تراب الجماعة، و4 دراهم خارجه، مع إجبار مقدم الخدمة على إعلان التسعيرة داخل السيارات وبمقر الشركة وأن يسلم وصل الأداء عن كل خدمة.

في السياق ذاته، اشترط الدفتر على المفوض إليه تدبير نقل أموات المسلمين أن يضمن تسيير المرفق من طرف مستخدمين أكفاء، وأن يوفر طبيبا أو ممرضا مجازا من طرف الدولة قصد معاينة الوفيات بالمنازل مع إلزامية ارتداء الجميع لبدلات وقبعات بيضاء، وإخضاعهم للمراقبة الصحية كل 6 أشخر من طرف المكتب الجماعي لحفظ الصحة.

إضافة إلى ذلك، يتعهد المفوض له بتوفير مرائب لسيارات نقل الأموات، ومقر عمل لائق يستقبل فيه المكالمات والمراسلات، وأن يكون عنوان المقر قارا ومسجلا لدى المصالح المختصة للجماعة، ومجهزا بكافة الوسائل التي تضمن حسن تنفيذ خدمة المرفق، كما يتعين عليه أن يحترم أخلاقيات المهنة وأن يجهز سيارات نقل أموات المسلمين بكافة اللوازم الضرورية وذلك قصد نقلهم في أحسن الظروف حتى بالأحياء التي يتعذر الوصول إليها بالسيارات كالمدينة القديمة والمناطق النائية.

نقل المرضى والجرحى

وعلى غرار نقل أموات المسلمين، اقترح دفتر التحملات الخاص بنقل المرضى والجرحى، المؤجل نقاشه، اعتماد صيغة التدبير المفوض في القطاع، وحدد سعر الخدمات في 100 درهم نهار و150 درهم ليلا بالنسبة للخدمات المقدمة داخل المدار الحضري، و4 دراهم عن كل مريض وكيلومتر نهارا، و5 دراهم ليلا بالنسبة لخارج المدار الحضري.

واشترط الدفتر الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، على المفوض إليه تدبير القطاع التوفر على أسطول مكون من 35 سيارة إسعاف على الأقل، وأن يضمن تسيير المرفق من طرف مستخدمين أكفاء حاصلين على شواهد في التطبيب أو التمريض أو شواهد الحضور لتدابير الإسعاف، وأن يتواجد في كل سيارة إسعاف ممرض متمرن في الإسعافات الأولية، إضافة إلى توفير طبيبين مختصيـن فـي المستعجـلات، مع إلزامية ارتداء الجميع لبدلات وقبعات بيضاء وإخضاعهم للمراقبة الصحية كل 6 أشهر من طرف المكتب الجماعي لحفظ الصحة .

أما فيما يخص حالة السيارات المخصصة للإسعاف، فقد اشترط الدفتر أن لا يتجاوز عمرها 5 سنوات، وأن تكون من نوعه (Fourgonnette)، بيضاء اللون وحاملة لاسم سيارة الإسعاف باللون الأزرق على الواجهات الأربع، باللغتين العربية والفرنسية، إضافة إلى شريط أحمر وبرتقالي، وأن تتوفر على مصابيح قوية في الأمام والخلف وعلى سقف السيارة، ومكبر صوت تحت السقف الأمامي للسيارة.

كما اشترط في سيارات الإسعاف التوفر على إنارة جيدة داخل السيارة ومصابيح تعمل بطريقة أوتوماتيكية عند فتح إغلاق الأبواب، وآلة إخراج الهواء، وكذا حاجز بين السائق والمريض أو الجريح مع نافذة تسمح بالتواصل بينهما، وقنينة إطفاء النار من حجم 3,2 كيلوغرام من نوع مسحوق جاف توضع في الحاجز الموجود بين السائق والمريض أو الجريح.

في السياق ذاته، نصت الوثيقة ذاتها على توفير نقالة متحركة تسمح بالوضع الملائم لحالة المريض “جالس – نصف جالس – ممدود”، وأن تكون مجهزة بعجلات مطاطية وحاجز للأرجل وعليها فراش مغلف بمادة الفينيل، إضافة إلى نقالة إضافة تطوى في المكان الخلي للسيارة، وأحزمة للنقالة الإضافية تشد المريض أو الجريح في الخصر والأرجل، وقنينة للأكسجين من حجم 2 متر معكب، مع 3 أقعنة للأكسجين.

ومن بين المعدات اللازم توفيرها داخل سيارات إسعاف المفوض إليه تدبير القطاع كذلك، نفاخة هوائية خاصة بسيارة الإسعاف متوفرة على مختلف الأقنعة، وجبيرات متعددة للأعضاء الأربعة والعنق، ومحفظة إسعاف أولية، وكذا آلة قياس الضغط الدموي ومسمع نبضات القلب، ومجموعة من المعدات الطبية الخاصة بالتدخلات المستعجلة.

رفض المهنيين

المهنيون الرافضون لدفاتر التحملات المقترحة من طرف المجلس الجماعي لمدينة مراكش، والتي سحبت في اللحظة الأخيرة للمرة الثالثة، اعتبروا أن مضامينها “مجحفة” و”معجزة” للمهنيين، وأنها “ستسبب في تشريد 190 عائلة” على ما عبروا عنه خلال الوقفة الاحتجاجية التي تزامنت مع عرض الدفاتر على اللجنة المختصة قبل رفعها إلى دورة المجلس الجماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *