سياسة

بوخبزة: المغرب بعث رسائل قوية في ملف الإساءة للنبي.. وموقفه لم يتضمن أي مزايدة

عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية بتطوان

اعتبر محمد العمراني بوخبزة، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، أن المغرب بعث برسائل قوية من خلال موقفه من الرسوم المسيئة إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام، مشيرا إلى أن بلاغ وزارة الخارجية كان متوازنا وبعيدا عن المزايدة والشعبوية.

وقال بوخبزة في تصريح لجريدة “العمق”، إن “موقف المغرب لم يكن متسرعا حتى لا يكون هناك انجراف نحو الشعبوية التي كثيرا ما تقتل المواضيع المصيرية، والتي سقطت فيها كثيرا بلاغات بعض الدول”، معتبرا أن بلاغ الخارجية كان فيه كثيرا من التوزان ما بين الحق في حرية التعبير واحترام معتقدات الآخر.

وكانت المملكة المغربية قد عبرت عن إدانتها بشدة لـ”الإمعان في نشر رسوم الكاريكاتير المسيئة للإسلام وللرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام”، مستنكرة “هذه الأفعال التي تعكس غياب النضج لدى مقترفيها”.

بوخبزة شدد في تصريحه على أن هناك انسجاما كبيرا بين بلاغ الخارجية والثوابت الأربعة التي تنبني عليها السياسة الخارجية للمغرب، وهي الدين الإسلامي والملكية والوحدة الترابية والاختيار الديمقراطي، قائلا: “طالما أن الدين الإسلامي من ثوابت الأمة فإن المواضيع التي تمسه بالضرورة تعني الدولة المغربية”.

وأضاف أن البلاغ كان قائما على أساس هذا التوازن ما بين دباجة دستور المملكة التي ينص على أن المغرب يحترم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وبالتالي فإن حرية التعبير من الأمور التي يدافع عنها المغرب، وبين ضرورة تعريف حرية التعبير على أنها لا يجب أن تمس بحرية الآخرين.

وبخصوص عدم ذكر فرنسا والرئيس الفرنسي بالاسم في بلاغ الخارجية، قال بوخبزة إن الأمر لا يتعلق بقضية واحدة، لأنها ليست ظاهرة خاصة بالنموذج الفرنسي بل أصبحت تنتشر ويتم اعتمادها لتحقيق مآرب سياسية وانتخابية

وأوضح المحلل السياسي أن الأمر لا يتعلق بحالة معزولة بل بظاهرة، لافتا إلى أن بلاغ المغرب موجه لكل من يوجد في نفس الوضعية، وبالتالي هو موقف للمستقبل بالنسبة للمغرب، مضيفا أن حرية التعبير التي تمس بمعتقد الآخر لا يمكن تسيمتها بالحرية في نظر المملكة.

وحول إمكانية وجود تأثير لبلاغ المغرب على العلاقات مع فرنسا، أشار المتحدث إلى أن “العلاقات المغربية الفرنسية متشابكة ومتشعبة، وعلى فرنسا أن تعي أن لها شركاء لها معهم مصالح متعددة ولهم وضعهم الذي يجب أن تحترمه”.

ويرى بوخبزة أن أي رئيس دولة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار تبعات تصريحاته، لأنه قد لا يكون موجها بالضرورة إلى أعدائه بل قد يصيب أيضا أصدقاءه وحلفاءه، وتصريح ماكرون كان فيه إساءة للمعتدلين الذين يسعون دائما للحفاظ على الحوار بين الحضارات.

ولفت عميد كلية الحقوق بتطوان، إلى أن المغرب كنموذج في الحفاظ على حوار الحضارات، حاول أن يبعث برسائل قوية مفادها أن التعايش بين الحضارات ممكن، لكن من طرف عقلاء وحكماء، على حد تعبيره.

وفي نفس السياق، اعتبر بوخبزة أن المغرب من خلال موقفه هذا، لا ينصب نفسه وصيا على جهة أخرى أو يحاول أن تكون له الريادة، بل هو موقف منسجم مع الثوابت التي تحكم سياسته الخارجية، مشيرا إلى أن المملكة في العادة لا تتحدث باسم الآخرين بل عن نفسها، إلا إن كانت لها صفة مثل رئاسة لجنة القدس.

ولفت إلى أن هذا الأمر ليس جديدا، إذ سبق للمغرب أن أبدى رأيه من الرسوم المسيئة إلى النبي في واقعة الدنماركن مشددا على أن الحديث عن الرسوم المسيئة في إطار حرية التعبير مرتبط بالدستور المغربي.

إلى ذلك، قال بوخبزة إن حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية “اتضح أنها آلية قوية تجد معها الحكومات صعوبة كبيرة في تحييدها”، واصفا إياها بأنها “رسالة قوية مفادها أنه يجب على كل الدول أن تفكر مليا قبل اتخاذ أي موقف أو تصريح”.

ومضى قائلا: “رئيس الدولة، وكيفما كان وضعه، من المفروض عليه التفكير مليا في المواقف والتصريحات التي يقدم عليها لأنه مؤتمن على مصالح بلده، فلا يمكن لرئيس دولة عاقل أن يزج بمصالح بلده مع وجود مواقف شعبية يمكن تصريفها بأشكال متعددة”.

ووفق بلاغ وزارة الخارجية المغربية، فإن المغرب جدد التأكيد على أن حرية الفرد تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين ومعتقداتهم، فلا يمكن لحرية التعبير، لأي سبب من الأسباب، يضيف البلاغ ذاته، أن تبرر الاستفزاز والتهجم المسيء للديانة الإسلامية التي يدين بها أكثر من ملياري شخص في العالم.

وشدد البلاغ على أنه “بقدر ما تدين المملكة المغربية كل أعمال العنف الظلامية والهمجية التي تُرتكب باسم الإسلام، فإنها تشجب هذه الاستفزازات المسيئة لقدسية الدين الإسلامي”.

ودعت المملكة المغربية، على غرار باقي الدول العربية والإسلامية، إلى الكف عن تأجيج مشاعر الاستياء وإلى التحلي بالفطنة وبروح احترام الآخر، كشرط أساسي للعيش المشترك والحوار الهادئ والبناء بين الأديان الرسومات المسيئة للرسول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *