وجهة نظر

الكركارات ممر مغربي محتوم نحو الحل.. وسبب كافي لعودة الحرب

يسود اختلاف وتناقض بَيٌِنُُ في وجهات نظر أطراف نزاع الصحراء حول طبيعة المنطقة العازلة وتعريفها، فجزء من المنطفة تعتبرها البوليساريو “أراضي محررة”، تتنقل فيها،وتسعى لضمها والسيطرة عليها بتشييد منشآت فيها، في اطار مخطط لاعمارها، وادعاءسيادتها عليها، لاعطاء انطباع أن لها سيادة على جزء من الاقليم المتنازع عليه معالمغرب، وأنها بذلك تستجمع اركان قيام واعلان دولة تبعا للقواعد والتعريف بالدولة فيالعلاقات الدولية.

كما يعم سخط وسط شباب المخيمات بسبب ما يسمونه ضياع قيادة البوليساريو لورقةالكركارات، فلا هي دخلت الحرب مع المغرب منذ اندلاع أزمة الكركارات الأولى صيف 2016،ولا هي أغلقت الممر، بل إن مجلس الأمن أمعن في تأكيد تعريف طبيعة المنطقة؛ أنها عازلة،ومنع تواجد البوليساريو فيها، وأصدر أمرا فوريا بافراغها، ومنعها من تغيير الوضعالقائم فيها ، بعدم اقامة أية منشآت فيها، بل في بالاشارة بالاسم الى منطقة كانتتعتقدها محررة” بئر لحلو”.

و بالمقابل فإن المغرب يعتبر المنطقة مغربية، تركها بمحض ارادته وموافقته بين يدي الأممالمتحدة لتسهيل عملياتها في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار بينه وبين الأممالمتحدة وبين الأخيرة والبوليساريو، وأن الأمم المتحدة عبر بعثة المينورسو مسؤولة عنها،وما فتئ ينبه ويتوعد أنه وفي حالة عدم قدرة الأمم المتحدة على كبح جماح البوليساريوالتي تتجه الى تغيير الوضع فيها، فانه سيتولى عسكريا هذه المهمة،وفقا لسابقالتجربتين في المنطقة منذ صيف 2016 و 2018.

وعلى ضوء الأزمتين السابقتين فان مجلس الأمن تولى مهمة تأكيد طبيعة المنطقة العازلة،ووقف عند خطورة وحساسية اعتداء عناصر من البوليساريو العسكرية والمدنية عليها،وأمرها بالافراغ الفوري، وامتناعها عن تغيير في وضعها الحالي، ومن عدم اقامة أيةمنشآت. بل إن رئيس بعثة المينورسو والممثل الخاص، والمبعوث الشخصي للأمين العاميرفضون استقبالهم من طرف قادة البوليساريو في المنطقة لتفادي أي تفسير خاطئ أوتأويل مموه لذلك، واستغلاله لادعاء أي اعتراف أو شرعية أممية للبوليساريو علىالمنطقة.

و تسعى البوليساريو بكل الوسائل إلى اجهاض فوز المغرب بالجولتين السابقتين حولمنطقة الكركارات خاصة والمنطقة العازلة عامة من خلال محاولاته المتكررة اغلاق الممرالدولي للتجارة الذي يخترق الكركارات في اتجاه الحدود المغربية الموريتانية للفتالانتباه الدولي، او للسيطرة على شعور السخط والتذمر واليأس لدى شباب المخيماتوصرف الأنظار عن معاناتهم الحقيقية.أو لمساعدة الجزائر لتصريف ازمتها السياسيةالمستمرة باستمرار الحراك، مادام نزاع الصحراء واستمراره عقيدة تخدم شرعية النظامالجزائري.

وفي غالب الظن فان الأحداث الحالية للبوليساريو في الكركارات تتم عنوة من أجلممارسة الضغط جهة المجتمع الدولي الأمم المتحدة لتزامنه والدورة 75 للجمعية العامةللأمم المتحدة ونظر مجلس الأمن في الحالة الدورية في الصحراء والتمديد لبعثةالمينورسو، في اطار مسلسل ما بات يعرف لديها بمراجعة انخراط البوليساريو بالعمليةالسياسية الأممية في مجملها، بعد التأخر في تعيين مبعوث شخصي جديد يعطيالزخم السياسي السابق للعملية التفاوضية على غرار هورست كوهلر المقال او المستقيل .

ويأتي التهديد بمراجعة تعاملها مع الأمين العام في اطار ما تسميه البوليساريوبانحراف الأمم المتحدة في اعتناقها اقليمية النزاع و تحديد الاطار السياسي والقانونيوالتفاوضي الجديد للحل بمقتضى القرار عدد 2494/2018 ، وجعله سياسي توافقي واقعي وعملي يراعي التنمية والأمن والاستقرار في المنطقة المغاربيةكاملة.

وكذا اعادة تأكيد كل من الأمين العام ومجلس الأمن على تحديد وتعريف المنطقة؛ أنهاعازلة، ومسؤولياته عليها في المراقبة رغم معيقات شساعتها في اتجاه الشرق،وسيستعين بالوسائل التكنولوجية الحديثة من أجل توفير فعل شمول المراقبة، ومنع أيفعل مادي يغير من طبيعتها تلك، واصدار أمر للبوليساريو بالخروج منها.

*محامي بمكناس. خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *