مجتمع

ربورطاج: محنة الحدود بين المغرب والجزائر.. إلى متى ؟ (فيديو وصور)

على الخرائط التي توزع في المناسبات الرسمية و تبث على القنوات المغاربية والعربية والدولية وحتى في الكتب المدرسية.. هما دولتان يفرق بينهما حدود و سياج وخنادق.. لكن في أذهان العشرات ممن التقيناهم هنا بمدينة وجدة الهادئة.. هما أقرب من ذلك.. باعتبار أن مايجمع بينهما يتجاوز الجغرافيا.

هادف إدريس الفاتح وهو من مواليد مدينة وهران الجزائرية، عاش بها 7 سنوات، يؤكد أن إغلاق الحدود البرية بين بلد والده (الجزائر) و بلد والدته (المغرب) له مضار كثيرة.. أبرزها ” الاثار الإنسانية التي تجعل العائلات متفرقة ومحرومة من اللقاء ومشاركة اللحظات السعيدة والدعم خلال الحزينة منها”.

ويشير هادف أن تذكرة الطائرة من الدار البيضاء إلى الجزائر العاصمة تتراوح بين 2500 و 7000 درهم تقريبا، وهو ما يزيد من معاناة العشرات من العائلات.

ويوضح “توفيت جدتي في 2015 ولم أستطع توديعها نظرا لأنني لم أعثر على تذكرة وهو ما سبب لي وجعا كبيرا”.

لفاطمة الزهراء وطنان، أحدهما تعيش فيه والثاني تتمنى أن تأتي فرصة سانحة لزيارته دون عناء وتكاليف باهضة.

وتستغرب الطالبة وهي من أب مغربي وأم جزائرية في تصريح مصور لجريدة “العمق” عدم وجود خط جوي رابط بين وجدة ووهران رغم وجود العشرات من المسافرين بين المدينتين.

وتتذكر الشابة تفاصيل زيارتها لمسقط رأس والدتها وهران في 2015 لحضور حفل زفاف “كانت زيارة استثنائية، حيث تسنت لي الفرصة للقاء بعض أفراد عائلتي لأول مرة وهو الأمر الذي أشك في أنه قد يتكرر بسبب الإغلاق وتكاليف التنقل”.

فاطمة الزهراء والتي تتحدث بلكنة جزائرية، يبدو أنها ورثتها عن والدتها، تؤكد أن دعوة الملك محمد السادس لفتح الحدود كانت “بارقة أمل” لمستقبل أفضل بين البلدين.

وكان الملك قد دعا القادة الجزائريين لفتح الحدود بين المغرب والجزائر بشكل مباشر من خلال خطاب 6 نونبر 2018، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء.

وقال الملك : “أود الوقوف على واقع التفرقة والانشقاق داخل الفضاء المغاربي، في تناقض صارخ وغير معقول مع ما يجمع شعوبنا من أواصر الأخوة، ووحدة الدين واللغة، والتاريخ والمصير المشترك…فهذا الواقع لا يتماشى مع الطموح الذي كان يحفز جيل التحرير والاستقلال إلى تحقيق الوحدة المغاربية، والذي جسده، آنذاك، مؤتمر طنجة سنة 1958، الذي نحتفل بذكراه الستين”.

وأردف في خطاب لقي تفاعلا كبيرا على المستوى الوطني والدولي “وقبل ذلك، ساهم موقف المملكة المساند للثورة الجزائرية في توطيد العلاقات بين العرش المغربي والمقاومة الجزائرية، وأسس للوعي والعمل السياسي المغاربي المشترك…فقد قاومنا الاستعمار معا، لسنوات طويلة حتى الحصول على الاستقلال، ونعرف بعضنا جيدا. وكثيرة هي الأسر المغربية والجزائرية التي تربطها أواصر الدم والقرابة”.

وأكد الملك أن “مصالح شعوبنا هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة بيننا…غير أنه يجب أن نكون واقعيين، وأن نعترف بأن وضع العلاقات بين البلدين غير طبيعي وغير مقبول”.

ووجه خطابا مباشرا لقادة الجزائر :”بكل وضوح ومسؤولية، أؤكد اليوم أن المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”.

من جهته، اعتبر عبد القادر العدري، أستاذ باحث بكلية الحقوق بوجدة، إغلاق الحدود بين الجارتين والذي جاء بعد تفجيرات مراكش عام 1994، إذ فرض الملك الراحل الحسن الثاني على الجزائريين التأشيرة لدخول المغرب وردت عليه الجزائر بغلق الحدود البرية بحجة أن قرار فرض التأشيرة “جاء أحادي الجانب”، (اعتبره) تقسيم عائلات وكسر روابط عائلية واجتماعية.

وشدد الأستاذ الباحث على أن توثر العلاقة بين البلدين له تأثيرات اقتصادية عدة، حيث أن الإغلاق جعل شرق المغرب وغرب الجزائر يعرف نموا لاقتصاد التهريب.

وتابع العدري في تصريح لجريدة “العمق” :”لا أجد تبريرا معقولا لاستمرار الإغلاق، لذلك يمكن القول أن السياسة تحكمت في مصالح العباد، خاصة أن القادة الجزائريون اتخذوا مواقف كانت ضد شرخ من شعبهم وشرخ من الشعب المغربي”.

وفي نفس السياق، دراسة أجريت سنة 2006 من طرف غرفة التجارة والصناعة بوجدة قدرت خسائر المنطقة من التهريب ب 6 ملايير درهم.

جميع من التقيانهم هنا كانوا يتألمون في صمت ويمنون النفس بانجلاء سحابة التوثر الداكنة ويصبح إغلاق الحدود مجرد ذكرى في كتب التاريخ بعد عشرات السنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *