ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: هل سيتحول المغرب لبلد استقبال المهاجرين؟ (ح 23)

سجدة شكر مهاجرين

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 23: هل المغرب بلد يستقبل المهاجرين أم يهاجر منه أبناءه؟

لقد تم تصنيف المغرب كبلد يصدر المهاجرين منذ منتصف القرن العشرين. وفي الخمسينات، ذهبت أول مجموعات كبيرة من الرجال للعمل في باريس أو في مناجم شمال فرنسا في منطقة Nord-Pas-de-Calais ومقاطعة لاموزيل Moselle ولم تتوقف هذه الهجرة منذ ذلك الحين وبلغت ذروتها في العقدين الأخيرين من القرن العشرين.

في عام 2018، كان يعيش ما يقرب من 5 إلى 7 ملايين مغربي في الخارج، مع الأخذ في الاعتبار أبناء وأحفاد الموجات الأولى من المهاجرين، ناهيك عن مليون يهودي مغربي. في الواقع، فقد المغرب جزءاً كبيراً من موارده البشرية في القرن العشرين، خاصة إذا أضفنا 500,000 جزائري وأوروبي استقروا هناك في النصف الأول من القرن ثم غادروا البلاد أو طردوا منها.

وقد أرسل المغرب أغلبية كبيرة من العمال والفلاحين إلى الخارج، في كل من أوروبا وأفريقيا (ليبيا وتونس). ومن خلال التعليم العالي وهروب الأدمغة فقد المغرب كذلك مئات الآلاف من الأطر من ذوي التكوين الجامعي الجيّد وخاصة نحو فرنسا ودول الخليج.

ثم تراجعت أحجام المهاجرين عبر مراحل متتالية وصدمات ابتداء من سنوات 2000 فصاعدا. فمن ناحية تباطأ الضغط الداخلي للسكان بسبب انخفاض عدد المواليد ومن ناحية أخرى فإن دول الاستقبال الرئيسية وهي بلدان أوروبا بدت عليها علامات التراجع الاقتصادي ومن ثم تراجع فرص العمل.

وبينما كان المغرب يرسل 000 200 نسمة سنويا في التسعينات، توقف التدفق فجأة بعد عام 2001 (هجمات نيويورك) و2004 (هجمات مدريد)، بعد أن قررت السلطات في بلدان الاستقبال وقف الهجرة غير القانونية. ثم استؤنفت حركة الهجرة التي أصبحت أكثر تأطيرا قبل أن تؤدي الأزمة التي ضربت إسبانيا بعنف في الفترة 2009-2010 إلى عكس اتجاه الهجرة لفترة من الوقت (عاد المغاربة العاطلون عن العمل من إسبانيا إلى ديارهم).

لكن المغرب عاد ليصدر المهاجرين مرة أخرى، خاصة وأن الوضع الاجتماعي متوتر في المناطق الهشة، ومنها الريف المكتظ بالشباب العاطلين عن العمل. وعلى أية حال، يتجلى ذلك في انتفاضة الريف في 2017-18.

من 2012 إلى 2018، كان المغاربة يمثلون الحصة الوطنية الأولى من الحاصلين على الجنسية في دول الاتحاد الأوروبي …

كيف، في ظل هذه الظروف، أصبح المغرب بلدا يستقبل المهاجرين؟ ترجع معظم الأسباب إلى الحالة في دول غرب أفريقيا. وفي إطار الفرانكوفونية، يستقبل المغرب عشرات الآلاف من الطلاب من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. هذه السياسة ليست جديدة، لكنها لا تؤدي إلا إلى عدد قليل من حالات الاستقرار النهائي في المغرب على عكس الطلاب المغاربة والأفارقة في أوروبا.

من ناحية أخرى، منذ إنشاء فضاء شنغن في عام 1994، وعندما بدأت أفريقيا في تطوير طبقة وسطى ناشئة، مثل جيرانها المغاربيين، أصبح المغرب بلد عبور للمهاجرين الأفارقة إلى أوروبا، الذين يحاول معظمهم عبور المضيق بعد المرور بالجزائر وعبور الحدود المغربية. يبقى آلاف الأشخاص لفترة طويلة أو قصيرة بالقرب من تطوان أو وجدة أوطنجة، ويمر بعضهم عبر الجيوب الإسبانية سبتة ومليلية، ومنذ مطلع القرن يعيش ما يقارب 100000منهم في المغرب وغالبا في ظروف سيئة ..

يتأرجح المغرب بين التقاعس والطرد الصريح والعنيف، ولكن في عام 2018 قرر الملك منح بطاقة إقامة لحوالي 25,000 أفريقي. قد تكون هذه بداية لحركة كبيرة وتغيير حقبة حيث يتحول المغرب تدريجياً إلى بلد يستقبل المهاجرين.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *