سياسة

مجلس مراكش يطوي صفحة سيارات الإسعاف ونقل الأموات ويترك الكرة في ملعب الداخلية

بعد أن تم تأجيلها عدة مرات، قرر المجلس الجماعي لمدينة مراكش اليوم الثلاثاء، أن يطوي صفحة المصادقة على دفاتر التحملات الخاصة بسيارات نقل الأموات المسلمين وسيارات نقل المرضى والجرحى، وأن يرمي بالكرة في مرمى وزارة الداخلية.

وحسب تقرير اجتماع لجنة المرافق العمومية والخدمات، المنعقد يوم أمس الاثنين، والمعروض على دورة المجلس اليوم الثلاثاء، فقد تم التوافق على “عدم جاهزية الملف”، وعلى “ضرورة انتظار كناش تحملات نموذجي سيصدر عن المصالح المركزية (وزارة الداخلية)”.

ووفق الوثيقة التي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منها، فقد ارتأت اللجنة المذكورة تأجيل البث في النقطتين المتعلقتين بـ”كناش التحملات الخاص بالتدبير المفوض لمرفق نقل الجرحى والمرضى”، و”كناش التحملات الخاص بالتدبير المفوض لمرفق نقل الأموات المسلمين”، إلى دورة قادمة.

وجاء اقتراح التأجيل المصادق عليه بناء على تدخل النائب الثاني لعمدة المدينة، عبد السلام سي كوري، والذي أكد من خلاله “عدم جاهزية الملف من جميع النواحي إلى حين تعميق النقاش بمقاربة تشاورية مع المهنيين بالقطاع ومعالجة كل الإشكالات في انتظار كناش تحملات نموذجي سيصدر عن المصالح المركزية (وزارة الداخلية)”.

ويذكر أن الاجتماع المذكور غابت عنه نائبة العمدة المكلفة بالمكتب الجماعي لحفظ الصحة خديجة فضي، وهو المكتب الذي يعد المشرف المباشر على المرفقين موضوع النقاش، وذلك عقب أن دافعت في اجتماع سابق على تأجيل المناقشة إلى اجتماع الأمس، دون متعللة بـ”قرب انتهاء المدة الانتدابية الحالية وعدم تحميل المجلس القادم مقتضيات كناش تحملات جديد للقطاع قد لا يرغب في تنزيلها”، بالرغم من أن المرفق يعاني من مجموعة من الاختلالات وتم الاشتغال على الورش لسنوات.

جريدة “العمق” المغربي حاولت على هامش احتجاج مهنيي سيارات نقل الأموات المسلمين وسيارات نقل المرضى والجرحى، الأسبوع الماضي، أخذ توضيح نائبة العمدة في الموضوع، غير أنها ماطلت طاقم “العمق” الذي كانت متواجدا بمبنى قصر البلدية بمراكش لما يزيد عن ساعة متعللة في كل مرة بخروجها من اجتماع إلى آخر لتنصرف دون أن تدلي بأي تصريح أو اعتذار عن ذلك.

وسبق لجريدة “العمق” في خبر سابق أن نشرت إقرار نائبة العمدة ذاتها، خلال اجتماع اللجنة المكلفة بالمرافق العمومية والخدمات داخل المجلس الجماعي لمراكش، المنعقد بتاريخ 12 أكتوبر الحالي ثم 19 منه، بأن القطاع “مازال يتخبط في عدة إشكالات في مواجهة المرتفق، وأهمها التعريفة ونقطة الانطلاق التي لا يجب أن تبقى في مدينة مراكش”.

وحسب محضر الاجتماع المذكور والذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، فقد وصفت فضي في كلمتها ما يعيشه القطاع بـ”معضلة”، مبرزة أن المجلس الجماعي لمدينة مراكش صادف في فبراير 2019 على تغيير طريقة تدبير المرفقين المذكورين، عن طريق منح تراخيص للأشخاص المستوفين للشروط المهنية والصحية التي يفرضها القطاع في إطار لجنة مختلطة، ولكن الملف أرجع من مصالح وزارة الداخلية بملاحظات موضوع إرسالية مؤرخة في أكتوبر 2019.

“وعملا بإرسالية وزير الداخلية، تضيف نائبة الرئيس، قامت الجماعة بإعداد كناشي تحملات جديدين وهو موضوع النقطتين، والذي أهم ما جاء فيه التنصيص على تعريفة جزافية وحذف نقطة الانطلاق الحالية مع ضرورة توفير أسطول يتكون من 35 سيارة لا يتجاوز عمرها 5 سنوات”، حسب ما ورد في تقرير اجتماع اللجنة.

وفي الوقت الذي كان ينتظر أن تتخذ اللجنة حلولا عملية لطي صفحة الإشكالات التي يعاني منها القطاع، اقترحت نائبة الرئيس “إمكانية تأجيل البث في الموضوع بالنظر لقرب انتهاء المدة الانتدابية الحالية وعدم تحميل المجلس القادم مقتضيات كناش تحملات جديد للقطاع قد لا يرغب في تنزيلها”، حسب نص الوثيقة ذاتها.

 التأجيل يصب النار على الزيت

وزاد تأجيل المصادقة على دفاتر التحملات الخاصة بسيارات نقل الأموات وسيارات الإسعاف بمدينة مراكش، بناء على طلب من نائبة العمدة المكلفة بالمكتب الجماعي لحفظ الصحة، من منسوب الاحتقان الذي يعرفه القطاع بسبب تعديلات جديدة جاء بها دفتر التحملات، والذي يرفضه المهنيون جملة وتفصيلا.

واحتج المهنيون أول الأربعاء الماضي، للمرة الرابعة، أمام قصر البلدية حيث مكتب عمدة مدينة مراكش، مطلقين أبواق سيارات الإسعاف ونقل الأموات، الأمر الذي عجل باجتماع العمدة ونوابه بحضور رئيسة مكتب حفظ الصحة، فيما عقد اجتماع آخر مع اللجنة المكلفة بالمرافق العمومية والخدمات، هذا الأخير الذي عرف مشاداة كلامية بين المسؤولة وأعضاء اللجنة، وفق ما أفاد به مصدر موثوق لجريدة “العمق”.

الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية لسائقي سيارات الإسعاف ونقل الأموات بمراكش، بدر بكشط، قال في تصريح “للعمق” على هامش الوقفة الاحتجاجية، إن مجلس جماعة مراكش “يريد إنجاز كناش التحملات على المقاس، من أجل استفادة شخص بعينه، وبه سيتم بشكل غير مباشر إقصاء العديد الشركات المتواجدة بمراكش، وبالتالي سيتم إقصاء أزيد من 190 عائلة تعيش من هذا القطاع”.

من جهته عبر مُسعف يدعى رشيد أزناك، عن رفض المهنيين جميع النقط التي جاء بها دفتر التحملات، “لأن الأصل في وضعه يقتضي استدعاء المهنيين والتباحث معهم في مضامينه من أجل وضع دفتر تحملات واقعي ومعقول”، مضيفا أن الهدف من الدفتر الذي جاء به المجلس “هو تفويت القطاع إلى أصحاب الشكارة”، وفق تعبيره.

من جهتها سعت جريدة “العمق” لأخذ رأي نائبة العمدة المكلفة بمكتب حفظ الصحة في الموضوع داخل قصر البلدية، إلا أنها تحججت باجتماع لجنة المرافق العمومية والخدمات، وأنها ستقدم تصريحا بعد انتهاء الاجتماع، قبل أن تختفي دون تقديم أي توضيحات، رغم انتظارنا لها قرابة ساعة من الزمن.

وتجدر الإشارة إلى أن الحسم في دفتر التحملات أُجِّل للمرة الثالثة خلال الولاية الجماعية الحالية التي يترأسها حزب العدالة والتنمية، في الوقت الذي مازال المواطنون والمهنيون يشتكون من “تخبط” القطاع في عدد من الإشكالات، وينتظرون من المجلس الجماعي وضع حد لهذه المشاكل.

وتم تأجيل النقطة المذكورة إلى موعد غير محدد، وقد لا تجد لها مكانا فيما بقي من الولاية التي تشرف على الانتهاء، وسط تبادل الاتهامات بوجود “لوبيات” تسيطر على القطاع.

 الاتحاد الاشتراكي يتبنى الملف

في السياق ذاته، دخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة مراكش (غير ممثل في المجلس الجماعي)، على خط الخلاف الذي اندلع بين أرباب سيارات الإسعاف وسيارات نقل أموات المسلمين وبين المجلس الجماعي للمدينة الحمراء، عقب برمجة الأخير لنقطة متعلقة بالمصادقة على دفاتر تحملات جديدة في جدول أعمال دورة أكتوبر.

وطالب الحزب المجلس بسحب دفاتر التحملات المذكورة، وإعطاء مهلة أكثر للملف من أجل التشاور مع المهنيين، والتوافق على حلول لإصلاح المرفق دون المساس بأرزاق المشتغلين في المجال والذين يمثلون ما يزيد عن 200 أسرة.

في هذا الصدد، قال المنسق الجهوي لحزب الوردة بجهة مراكش آسفي، أحمد المنصوري، في تصريح لجريدة “العمق”، إن دفاتر التحملات التي جاء بها المجلس الجماعي “تعجيزية”، وإنها “ستؤدي إلى تشريد المهنيين المشتغلين في القطاع”.

واستغرب المنصوري وقت إخراج دفاتر التحملات المذكورة، معتبرا أنه في الوقت الذي كان المراكشيون ينتظرون من المجلس التجاوب السريع مع الدعوة الملكية لتعزيز حكامة المؤسسات وإنعاش الاقتصاد للخروج من تداعيات أزمة جائحة “كورونا”، تفاجؤوا ببرمجة نقطة “لا تخدم سوى أصحاب الشركات ورؤوس الأموال الكبرى، وتهدد أرزاق الفئات الهشة”.

واعتبر المنصوري أن تنصيص دفاتر التحملات على توفر المفوض له تدبير المرفق على 15 سيارة لنقل أموات المسلمين، و35 بالنسبة لسيارات الإسعاف، مع توفير طبيب وممرض لكل سيارة إسعاف متفرغ طيلة اليوم، يعد “أمرا تعجيزيا”، خصوصا وأن الدفاتر فرضت إتاوات “باهضة” على الموفض له تدبير المرفق يؤديها إلى الجماعة، وحددت سعر الخدمة في مبلغ محدود.

ودعا المتحدث جماعة مدينة مراكش إلى الجلوس على طاولة الحوار والاستماع للمهنيين، من أجل بلورة حلول أكثر نجاعة لتطوير القطاع الذي يختلف اثنان إلى حاجته الماسة إلى إصلاحات جوهرية ترفع من العرض المقدم للمواطنين وتحفظ حقوق وأرزاق المهنيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *