سياسة

المجلس الاقتصادي والاجتماعي يقترح 149 توصية من أجل تجاوز أزمة “كورونا”

قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، 149 توصية لتجاوز أزمة “كورونا” بالمغرب، وذلك ضمن 7 محاور رئيسية تهدف إلى تعزيز قدرة بالمملكة على استباق التحولات والتكيف معها بكل مرونة.

واعتبر المجلس في بلاغ له، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن هذه الأزمة تشكل فرصة حقيقية لإجراء تغيير جذري في العقليات وأنماط التفكير والتنظيم والتدبير والإنتاج والاستهلاك السائدة في المغرب.

وشدد المجلس على أن هذا التحول يقتضي القيام بإصلاحات هيكلية عميقة كفيلة بالمساهمة في توفير الشروط الملائمة لتنزيل النموذج التنموي الجديد، الجاري إعداده.

جاء ذلك ضمن دراسة من 131 صفحة، أعدها المجلس وصادقت عليها الجمعية العامة للمجلس بتاريخ 22 أكتوبر 2020، بعدما توصل المجلس بإحالة من رئيس مجلس النواب بتاريخ 30 أبريل 2020 من أجل إعداد دراسة “الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا والسبل الممكنة لتجاوزها”.

وحسب بلاغ المجلس الاقتصادي، فإن هذه الدراسة تسعى إلى “تزويد بلادنا برؤية من شأنها أن تمكنها من التخفيف ما أكمن من آثار هذه الأزمة وكذا الانتقال إلى تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي تطمح إليه”.

محاور وأهداف التوصيات

التوصيات الـ149 تنتظم حول التعايش مع “كوفيد-19” بين متطلبات حالة الاستعجال وضرورة التكيف، وتعزيز ثلاثة أدوار أساسية للدولة (دولة تضطلع بتوفير التأمين للجميع خلال الأزمات؛ دولة تضطلع بوظيفة الرعاية الاجتماعية ويحتل فيها المواطن مكانة مركزية؛ دولة تضطلع بمهام التخطيط الاستراتيجي وذات رؤية على المدى الطويل).

كما تنتظم التوصيات ضمن إعادة توجيه السياسات العمومية من أجل بناء مغرب أكثر إدماجا وأكثر قدرة على الصمود إزاء التقلبات، والانتقال من “منظومة للعلاجات” إلى “منظومة صحية” بحصر المعنى، وإرساء منظومة للحماية الاجتماعية المعممة واستراتيجيات مبتكرة من أجل إدماج القطاع غير المنظم.

وتشمل محاور التوصيات كذلك إنعاش الاقتصاد على المدى القصير مع العمل في المدى المتوسط على تعزيز قدرته على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية، وتطوير القطاعات الاستراتيجية من أجل تعزيز السيادة الاقتصادية للمغرب، مع إرساء سياسة وطنية مندمجة وشاملة في مجال التحول الرقمي.

وأشار المجلس إلى أن مقترحاته تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية رئيسية، تتمثل في تعزيز قدرة المملكة على الصمود في وجه التقلبات وعلى التعايش مع فيروس كورونا طالما أن ذلك أصبح ضروريًا، مع ضمان حق المواطنات والمواطنين في الصحة، ودعم القدرة الشرائية للأسر وحماية منظومة الإنتاج.

وفي الهدف الثاني، تطمح التوصيات إلى العمل على إنعاش اقتصاد المغرب، من خلال تشجيع المقاولات على تحسين تنافسيتها وخلق فرص الشغل، مع الحرص أيضًا على مواكبة التحولات التي أحدثتها الأزمة، وذلك بما يكفل اغتنام الفرص التي تتيحها الدينامية الجديدة لإعادة تشكيل سلاسل الإنتاج العالمية.

وفي الهدف الثالث، تسعى التوصيات إلى وضع المغرب على مسار تنموي جديد، من خلال معالجة مكامن الضعف والهشاشة التي تعتري نموذجنا التنموي الحالي، وعبر تسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات وتدابير إعادة الهيكلة اللازمة لانبثاق مغرب مزدهر بشكل مستدام وأكثر إدماجاً وتضامنا وقدرة على الصمود أمام التقلبات.

ووفق المجلس ذاته، فإن الأزمة الصحية التي يعيشها المغرب منذ ظهور جائحة فيروس كوفيد -19، أدت إلى أزمة غير مسبوقة ومتعددة الأبعاد كانت لها انعكاسات بالغة على صحة المواطنين وجودة حياتهم، وكذا على نشاط النسيج الإنتاجي ودَخْلِ الأسر وميزانيات الدول.

ويرى المجلس أنه، إلى الآن، تظل تداعيات أزمة كوفيد-19، رغم أهمية وإرادية الإجراءات والتدابير المتخذة في ظل حالة الطوارئ الصحية أو التي جرى الإعلان عنها للحد من تفشي الجائحة، تداعيات عميقة ومتعددة الأبعاد وتطال الدينامية الاقتصادية وظروف عيش الساكنة وكذا جودة ونجاعة الخدمات العمومية، كما تشمل آثارها الجانب البيئي.

ولفت البلاغ إلى أن شدة هذه التداعيات ليست وليدة اليوم، معتبرا أن “وجود مكامن الضعف وأشكال الهشاشة البنيوية في نموذجنا التنموي الحالي الذي بلغ مداه، قد شكل عاملا زاد من حدة الصعوبات التي تواجهها بلادنا، نتيجة التأخير الذي تمت مراكمته في تنزيل أوراش رئيسية من قبيل تعميم الحماية الاجتماعية وتأهيل المنظومة الصحية، وإدماج القطاع غير المنظم، وتنزيل الجهوية المتقدمة، والنهوض بالمقاولات المغربية”.

من جهة أخرى، كشفت أزمة كوفيد-19 العديد من المؤهلات التي تتمتع بها بلادنا، يقول المجلس، والتي تجلت بشكل خاص في تفاعل وتعبئة السلطات العمومية، ومرونة بعض القطاعات الإنتاجية وقدرتها على التكيّف، وروح التضامن التي أبان عنها المواطنات والمواطنون، وانخراط المملكة في مسلسل التحول الرقمي.

إلى ذلك، أشاد المجلس بالأطقم الطبية والسلطات العمومية ونساء ورجال التعليم وأصحاب المهن وكل الأشخاص العاملين بشكل يومي وبلا كلل في الخطوط الأمامية لمواجهة الجائحة وتداعياتها الخطيرة على صحة المواطنين وظروف عيشهم.

كما أعرب المجلس عن “عظيم اعتزازه بالحس الوطني العالي الذي أبان عنه المواطنون والمواطنات ومجموع القوى الحية في المجتمع، وروح التضامن والمسؤولية الجماعية التي تَحَلَّوا بها خلال هذه الأزمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *