اقتصاد، ملف

تحقيق: هكذا يتحكم “غول” شركات التأمين في رقاب الوسطاء عبر بوابة القضاء (الجزء 3)

منهم من سجن، ومنهم من أفلس، ومنهم من يتابع أمام القضاء.. وكلاء ووسطاء تأمينات يواجهون “غول” شركات التأمينات، في دعاوى قضائية ومتابعات سببت للكثيرين منهم في استنزاف الجهد المالي، وأربكت حساباتهم على مختلف الأصعدة.  قصص ووقائع تسردها “العمق” عبر حلقات تكشف خبايا “غول” يتلاعب برقاب الوسطاء والوكلاء ويتحكم فيها عبر بوابة القضاء.

ترفع شركات التأمين دعاوى قضائية متعددة في مواجهة وكلائها في عدد من القضايا الخلافية.  الوثائق والمستندات والمعطيات التي حصلت عليها جريدة”العمق” تكشف منسوب لجوء شركات تأمين إلى القضاء لفرض الأمر الواقع على عدد من الوكلاء.

الوثائق والمستندات التي حصلت عليها “العمق” تكشف كيف استطاعت شركات تأمين كبرى تستحوذ على حصص مهمة في سوق التأمين، أن “تروض” وكلاء كانوا عاملا مهما في الرفع من معاملاتها، عبر بوابة الدعاوى القضائية المتعددة في موضوع واحد وأمام محاكم مختلفة، بين المحاكم التجارية والمحاكم الزجرية، باختلاف طبيعة الدعاوى القضائية بين التجارية والجنجية فيما يبقى موضوع الدعوى هو نفسه.

في الجزئين السابقين تطرقنا إلى شركة المغربية للتأمين (RMA سابقا)، في هذا الجزء (الثالث) سنتناول نزاعات أخرى متعلقة بشركة أكسا للتأمين المغرب مع وكلائها، على أساس استكمال نماذج أخرى لشركات أخرى في الأجزاء الموالية.

عدم الاختصاص

بتاريخ 26 أكتوبر 2020، أصدرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء في الملف رقم 3254 / 8101 / 2020، بخصوص النزاع القائم بين شركة التأمين أكسا المغرب بصفتها مدعية وبين وكالة التأمينات الجامعي بصفتها مدعى عليها، حكما قطعيا تحت رقم 3752 بعدم الاختصاص، وذلك في موضوع إرجاع وثائق ومعدات. وجاء هذا الحكم بعدما تقدمت شركة التأمينات أكسا المغرب بمقال استعجالي رام إلى استرجاع وثائق وأدوات، وهو المقال الموصوف بعبارة (حالة الاستعجال القصوى) من طرف المتقدمة بالمقال لاستعجالي بناء على الفصل 149 و152 من ق.م.م والمادة 21 من القانون المحدث للمحاكم التجارية.

إخلال بالالتزامات

الدعوى الذي تقدمت بها شركة أكسا التأمين المغرب ضد وكالة التأمينات الجامعي، إلى رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء، بتاريخ 15 شتنبر 2020 والمؤشر عليه في مكتب الرسوم القضائية بتاريخ 16 شتنبر 2020، أوردت أنه سبق لشركة أكسا التأمين المغرب (المدعية) أن أبرمت مع وكالة التأمينات الجامعي(مدعى عليها) عقد تسمية وكيل عام.

ودفعت شركة أكسا المغرب أنه من خلال علاقتها بالوكيل المذكور، تأكد لها إخلال الوكيل (تأمينات الجامعي) بالعديد من الالتزامات الواقعة على عاتقه، والتي تؤطره الأحكام المنظمة لنشاط وكيل عام للتأمين كما هي منظمة في مدونة التأمينات وكذلك في مختلف الالتزامات التعاقدية المتفق عليها في عقد التسمية.

وبعد عدة محاولات، وفق دفوعات شركة أكسا للتأمين، مع المدعى عليها (وكيل الجامعي للتأمينات) قصد دفعها لتنفيذ ما التزمت به خصوصا تسوية وضعيتها المالية والتي وصل فيها الدين العالق بذمتها لفائدة  أكسا للتأمين مبلغا يناهز 5.464.383 درهما، وهي المحاولات التي ظلت دون نتيجة ايجابية، بحسب دفوعات أكسا للتأمين المغرب دائما، حيث  اضطرت بعد ذلك إلى إشعار وكيل التأمينات الجامعي، بتاريخ 28 يوليوز 2020 بإنهاء عقد تسمية وكيل عام، وذلك بعد إجراء العديد من المعاينات المجردة التي تثبت أنها تمارس النشاط بكيفية منتظمة كما تفرض ذلك قواعد هذا النشاط.

إنهاء العقد

أشعرت أكسا للتأمين المغرب، سلطة الرقابة بقرار وضع حد للتسمية، وأوردت أن قرار وضع حد لعقد التسمية يترتب عليه مجموعة من الآثار من بينها ضرورة إرجاع كل الوثائق والأدوات العائدة لشركة أكسا للتأمين المغرب والتي سلمت أو أنجزت لفائدة المدعى عليها  (وكيل الجامعي للتأمينات) عندما كانت العلاقة بينهما سارية المفعول.

ودفعت أكسا للتأمين المغرب، بالقول بخصوص الاختصاص المكاني، أنه إذا كان مقر المدعي عليها يتواجد بمدينة وجدة، فإنه طبقا لمقتضيات البند 8 – III- من عقد التسمية، فقد اتفق الطرفان على إسناد الاختصاص للمحكمة التجارية بالدار البيضاء، للنظر في كل المنازعات المرتبطة بتنفيذ هذا العقد، مضيفة أن العقد قد انصب على تحديد المحكمة المختصة مكانيا طبقا لما هو منصوص عليه إراديا.

كما دفعت شركة التأمين المذكورة، بكون طلب إنهاء عقد تسمية، يرمي إلى أمر وكيل الجامعي للتأمينات، بإرجاع الوثائق والأدوات العائدة لشركة اكسا للتأمين المغرب، على النحو الوارد في رسالة إنهاء وفسخ عقد التسمية وذلك وفق التفصيل الآتي:

– شعار العارضة ولافتها AXA ASSURANCE MAROC الموضوعة على واجهة الوكالة

– مختلف طوابع الوكالة والتي تشير إلى اسم العارضة

– مختلف شواهد التأمين غير المستهلكة

– كل الوثائق التجارية وكذلك المطبوعات المتعلقة بالعارضة

– نسخة من سجلات الإنتاج والحوادث

– مجموع ملفات الزبناء الخاصة بالإنتاج والحوادث

– حاسوبان وطابعة

وأكدت أن سند طلب إنهاء عقد التسمية وما يترتب عنه، وارد في عقد التسمية نفسه وفي القانون، مشيرة إلى أنه من حيث الجانب التعاقدي فقد ورد في الفقرة F من البند II من عقد التسمية على أنه من بين التزامات الوكيل العام إرجاع كل الوثائق والمطبوعات المسلمة إليه في إطار تنفيذه لمهامه وذلك في حالة وضع حد لعقد التسمية،  كما ورد أيضا في البند III من عقد التسمية على أن الوكيل العام  للتأمين يلتزم في حالة التوقف عن تمثيل شركة أكسا التأمين المغرب بإرجاع كل الوثائق والمطبوعات التي سلمت له لمزاولة مهامه.

وأشارت إلى أن المادة 322 من مدونة التأمينات، تنص على أنه في حالة توقف إحدى مقاولات التأمين المشار إليها في المادة 158 من نص مدونة التأمينات، عن التعامل مع وسيط التأمين يجب على هذا الوسيط أن يعيد إليها المطبوعات والوثائق التي أمدته بها في إطار ممارسته لمهنة وسيط التأمين. وأضافت أكسا للتأمين المغرب، أنها هي المؤمنة الأصلية لكل المؤمن لهم الذين أبرموا عقود التأمين مع وكيل التأمينات الجامعي وهي الملزمة تجاههم طبقا لقواعد الوكالة.

جرد الحسابات

طالبت شركة أكسا للتأمين المغرب بمعرفة كل عمليات التأمين التي تم القيام بها باسمها حتى تكون على بينة من ذلك، لكون العلاقة بين اكسا ووكيل التأمين الجامعي انتهت، كما ادعت في دفوعاتها، واعتبرت أنه بناء على ذلك يكون من حقها استرجاع  الوثائق التي طالبت بها، مشيرة إلى أن وكالة التأمين الجامعي شبه متوقفة عن النشاط ومقرها مغلق غالبا. وزعمت أكسا للتأمين المغرب، أنها حاولت حبيا استرجاع كل الوثائق والأدوات العائدة لها على النحو الواردة في رسالة إنهاء التسمية، إلا أن وكيل التامين الجامعي رفض ذلك دون  صدور حكم قضائي وفق ما يثبته محضر المعاينة المجردة المنجز في 28 يوليوز 2020.

يتبع ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *