اقتصاد، ملف

تحقيق: هكذا يتحكم “غول” شركات التأمين في رقاب الوسطاء عبر بوابة القضاء (الجزء 4)

منهم من سجن، ومنهم من أفلس، ومنهم من يتابع أمام القضاء.. وكلاء ووسطاء تأمينات يواجهون “غول” شركات التأمينات، في دعاوى قضائية ومتابعات سببت للكثيرين منهم في استنزاف الجهد المالي، وأربكت حساباتهم على مختلف الأصعدة.  قصص ووقائع تسردها “العمق” عبر حلقات تكشف خبايا “غول” يتلاعب برقاب الوسطاء والوكلاء ويتحكم فيها عبر بوابة القضاء.

ترفع شركات التأمين دعاوى قضائية متعددة في مواجهة وكلائها في عدد من القضايا الخلافية.  الوثائق والمستندات والمعطيات التي حصلت عليها جريدة”العمق” تكشف منسوب لجوء شركات تأمين إلى القضاء لفرض الأمر الواقع على عدد من الوكلاء.

الوثائق والمستندات التي حصلت عليها “العمق” تكشف كيف استطاعت شركات تأمين كبرى تستحوذ على حصص مهمة في سوق التأمين، أن “تروض” وكلاء كانوا عاملا مهما في الرفع من معاملاتها، عبر بوابة الدعاوى القضائية المتعددة في موضوع واحد وأمام محاكم مختلفة، بين المحاكم التجارية والمحاكم الزجرية، باختلاف طبيعة الدعاوى القضائية بين التجارية والجنجية فيما يبقى موضوع الدعوى هو نفسه.

في الأجزاء السابقة تطرقنا إلى شركة المغربية للتأمين (RMA سابقا)، في هذا الجزء (الرابع) نستكمل نزاعات شركات أكسا للتأمين المغرب مع وكلائها، على أساس استكمال نماذج أخرى لشركات أخرى في الأجزاء الموالية.

تعقيب الوكيل

في الطرف المقابل قدم وكيل التأمين الجامعي، مذكرة جوابية مؤرخة بـ 7 أكتوبر 2020  والمتعلقة بالملف التجاري عدد 3254 / 8101/ 2020 لجلسة 12 أكتوبر 2020، ضد شركة التأمين أكسا المغرب، وهي المذكرة الجوابية الموجهة إلى رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء. حيث أكد الوكيل (تأمينات الجامعي) في تعقيبه أن طلب إنهاء عقد تسمية وكيل العام،  اعتمدت فيه أكسا التأمين المغرب على عقد اتفاقية مبرمة بينها وبين “تأمين الجامعي” بخصوص الوكالة المتواجدة احفير، مشيرا إلى إن هذه الاتفاقية تم إلغاؤها ولم تعد الوكالة التي هي موضوع الاتفاقية بمدينة أحفير بل هي بمدينة وجدة. وأوضح إن الاتفاقية التي تعتمدها أكسا في دعواها ملغاة وبالتالي فلا صفة لها في تقديم الدعوى ما دام أن موضوعها ملغى بناء على قرار من وزارة المالية.

محاولة صلح

حاول وكيل التأمين الجامعي، قبل أن يتوصل بقرار أكسا الرامي إلى إنهاء عقد التسمية، سلوك مسطرة المصالحة لإنقاذ مقاولته، حيث تقدم بطلب إلى رئيس المحكمة التجارية بوجدة من أجل تعيين مصالح من أجل إيجاد حل توافقي بينها وبين أكسا للتأمين المغرب بخصوص مبلغ المديونية الذي يعتبره جد مبالغ فيه ولا يعكس حقيقة المديونية علما بأن تراجع أداءات أقساط  التأمين من الزبناء راجع إلى جائحة كورونا منذ شهر مارس الماضي وقرار إغلاق جميع المؤسسات العمومية والخصوصية تفاديا لانتشار المرض، علما بأن قرار تخفيف الحجر لم يعلن عنه إلا في 24 يونيو.

المحكمة تعين مصالحا

أصدر رئيس المحكمة أمره بتعيين “بـ.يـ” مصالحا في الملف عدد 1 /20 من أجل القيام بمهمة المصالحة وإعطاء الفرصة لمقاولة وكيل التأمين الجامعي من أجل الاتصال الفعلي مع الزبناء قصد جمع الديون العالقة في ذمتهم وإرساء خارطة الطريق لتسديد الديون بكاملها، علما أن أكسا للتأمين المغرب هي الأخرى مدينة لوكيل التأمين الجامعي. وشرع المصالح “ب.ي” في القيام بمهمته من أجل الوصول إلى حل توافقي بين الطرفين.

عقد منته وعمل مستمر

ادعت أكسا للتأمين المغرب أنها أنهت عقد التسمية في 28 يوليوز 2020، في حين أن العمل لا زال متواصلا بينها وبين وكيل التأمين الجامعي، وفق ما تبينه المراسلات التي تتم بينهما ومن بينها رسالة مؤرخة في 5 /10 / 2020 وأخرى في 2/ 10 /2020 تتعلق بالمعاينة الودية لصالح أحد زبناءها، ورسالة أخرى في 24 /9 /2020 ثم مراسلة أخرى تهم التأمين على حوادث الشغل مؤرخة في 24 /9/ 2020. ومن خلال المراسلات يظهر أن تعامل الطرفين مستمر رغم أن شركة أكسا التأمين المغرب زعمت أنها أنهت عقد التسمية مع وكيل التأمين الجامعي بصفة نهائية غير أن المراسلات تثبت عكس ذلك.

 مبالغة في المديونية

ورد الوكيل على طلب أكسا إرجاع شعاراتها ومختلف الطوابع ومختلف شواهد التأمين غير المستهلكة وكل الوثائق التجارية ونسخة من سجلات الإنتاج ومجموع ملفات الزبناء الخاصة بالإنتاج والحوادث والحاسوبان والطابعة على حد زعمها، بكونه طلب سابق لأوانه ما دام أن هناك مسطرة تسوية ودية مفتوحة في الملف من جهة، ومن جهة ثانية  بالغت شركة أكسا كثيرا في مبلغ المديونية حيث إن وكيل التأمين الجامعي راسل المدير العام لمجموعة أكسا بخصوص الوضعية المحاسباتية المغلوطة من طرف مصلحة التحصيل وسبب إلزامها بأداء مستحقات لم تحصل عليها بعد، نتيجة الوضعية الوبائية التي يعيشها الزبناء والتي أدت إلى عدم استخلاص الديون العالقة لديهم. وأدلى وكيل التأمين الجامعي، بنسخة من الرسالة المؤرخة في 3 يونيو 2020 والتي تطلب فيها من رئيس المحكمة التدخل لتطبيق القانون وإيجاد حل توافقي ونهائي.

بطلان إنهاء العقد

أكد وكيل التأمين الجامعي إن إنهاء العقد  وإرجاع الوثائق أمر باطل،  حيث إنه عند الرجوع إلى عقد التسمية في الفقرة F  من البند الثاني لا يوجد ما يفيد التزام وكيل التأمين الجامعي بإرجاع كل الوثائق والمطبوعات المسلمة لها في إطار تنفيذ العقد، وبالرجوع إلى البند الثالث من العقد المذكور فإنه ينص في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أنه في حالة توقف الوكيل لأي سبب عن ممارسة مهامه فهو ملزم بإرجاع المطبوعات والوثائق التي سلمته إياه شركة التأمين أكسا فقط.

وهكذا اعتبر وكيل التأمين الجامعي طلب شركة اكسا التأمين المغرب لاسترجاع نسخة من سجل الإنتاج وملفات الزبناء، طلب في غير محله على اعتبار أن نسخة السجل وملفات الزبناء تهم وكيل التأمين الجامعي وحده، لكون شركة اكسا لا يمكنها المصادقة على بوليصة التأمين لأي زبون إلا بعدما تتوصل بجميع الوثائق الخاصة بها وهي البطاقة الرمادية ورخصة السياقة وغيره من الوثائق الضرورية حيث إنها بدون توصلها بهذه الوثائق لا تعطي المصادقة على بوليصة التأمين.

مخالفة الأعراف التجارية

أوضح وكيل التأمين الجامعي أن شركة التأمين أكسا خالفت القوانين والأعراف التجارية حين اتجهت إلى مراسلة زبناء الوكيل لتغييره بوكيل آخر، وأكدت أن ما يثبت توفرها على جميع ملفات الزبناء هو مراسلتها للزبناء قصد حثهم على تغيير وكيل التأمين الجامعي إلى وكيل آخر، لأنها على حد زعمهم لم تتمكن من القيام بمهمتها، وإن كانت هذه المراسلات مخالفة للقوانين والأعراف التجارية وبناء على ذلك لوح وكيل التأمين الجامعي بمقاضاة أكسا بسبب هذا السلوك، في حال عدم التوصل إلى صلح ودي.

 ادعاءات كاذبة

شدد وكيل التأمين الجامعي، على أن المطالبة بتسليم ملفات الزبناء لا يدخل في التزاماته الواردة في عقد التسمية، زيادة على ذلك فالزبناء هم عنصر من العناصر المعنوية للأصل التجاري الذي يتوفر عليه وكيل التأمين الجامعي لكونه لا تمثل شركة أكسا لوحدها بل يمثل أيضا شركة التأمين النقل كما هو ثابت من نسخة الاتفاقية المبرمة بينهما ويمثل أيضا شركة أكسا إسعاف المغرب وشركة مغرب إسعاف وأنه لا يعقل أن يسلم هذه الملفات في الوقت الذي تحاول فيه أكسا استقطاب هؤلاء الزبناء على حسابه علما أنه بدل مجهودا في تكوين محفظة زبنائه التابعين له وحده دون غيره، وأشار إلى أن شركة أكسا  تحاول الضغط عليه لعدم القيام بحساباتها النهائية بحصر الديون.

ونفي الوكيل أن تكون وكالته (تأمين الجامعي) مغلقة ولا تمارس نشاطها، حيث إن المعاينة التي تمت تثبت عكس ذلك إذ إن الوكالة لا زالت مفتوحة وتتلقى زبناءها وتتواجد فيها المديرة وكافة المستخدمين. وأشار الوكيل إلى أن أكسا بعثت مندوبا لها وادعت أن مديرة وكالة تأمين الجامعي رفضت استقبال المندوب في حين أن المديرة استقبلته وأكدت له أنها تريد التعاون مع شركة أكسا شرط أن تأخذ عمولتها المتفق عليها في عقد التسمية من كافة عقود التأمين التي سوف تبرم، إلا مندوب أكسا رفض ذلك بحجة أن وكيل التأمين الجامعي لا يمكن أن يأخذ عمولته،  الشيء الذي رفضته مديرة وكالة التأمين الجامعي، وهو ما يؤكده محضر المعاينة.

شكاية بالسرقة

ردا على زعم شركة أكسا بكونها تريد استرجاع شعاراتها الموضوعة على واجهة الوكالة، أكد وكيل التأمين الجامعي على أن شركة أكسا قامت بنزع هذه الشعارات يوم 16 / 8/ 2020 مستغلة غياب مستخدمي وكيل التأمين الجامعي عنها في يوم الأحد. بعدها بادر إلى توجيه رسالة في هذا الصدد إلى المدير العام لشركة أكسا “روكار فيليب” أشعره فيها بالواقعة وأكد له بأنه تقدم بشكاية من أجل السرقة لدى الضابطة القضائية، مطالبا الشركة في الوقت نفسه بإرسال عمال من أجل تثبيت الشعار من جديد حتى يتمكن الزبناء من التأكد من وجود الوكالة لكي يؤدوا أقساط التأمين.

يتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *