باحثون بالبيضاء يقدمون قراءة في مسار المسرح المغربي

قدم باحثون اليوم السبت في ندوة بالدار البيضاء، قراءة في نشأة ومسار تجربة المسرح المغربي بأعلامه وأسمائه الفاعلة، وبتجاربه الرائدة التي أغنت الحركة الثقافية المغربية.
وحاول الباحثون، في ندوة حول “المسرح المغربي، نماذج وأعلام”، أن يسبروا المنعرجات التاريخية لهذا المسرح، ويقفوا عند الغايات التي رسمتها التجربة المغربية منذ نشأتها إلى اليوم.
وأثار الباحثون، في هذا اللقاء الذي نظمته المكتبة الوسائطية بمؤسسة مسجد الحسن الثاني، أن تثير القضايا الفكرية والجمالية التي صاغها في قوالب فنية معنية، مع الوقوف عند تجربة الجيل الجديد من المسرحيين المغاربة بأسئلتهم الإبداعية ورؤاهم الفنية والجمالية.
وفي هذا الصدد، أوضح رشيد بناني الباحث في المسرح والتراث المغربيين، في عرض حول “لحظات منسية من تاريخ المسرح البيضاوي” أن البدايات الحقيقة للمسرح المغربي التي تعود برأيه، إلى ما بين الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، كانت غنية ومؤسسة لمسرح وطني يعكس الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت تموج في تلك الفترة.
وأبرز الباحث أنه خلال هذه الفترة شهدت مدينة الدار البيضاء ازدهار الفن المسرحي، حيث تعددت قاعات العرض، وقامت الفرق المسرحية بمبادرات فنية هامة أدت إلى ظهور أسماء فنية كبيرة أصبح لها إشعاع وطني.
ولدى توقفه عند خصوصيات المسرح في تلك الفترة، أشار الأستاذ رشيد بناني إلى ظهور أشكال مسرحية متنوعة توفر للجمهور الفرجة والمرح والغناء والاستعراض، وذلك بعد أن كانت اللغة العربية والهاجس الأدبي والتربوي غالبا في السابق.
وأضاف أن هذه المرحلة عرفت ظهور الدارجة المغربية كأداة تعبيرية وفنية قادرة على إمتاع ومخاطبة الجمهور بكافة فئاته، بالإضافة إلى تعزيز أهمية الدار البيضاء كمدينة تمثل واجهة الأحداث، وتتولى ريادة الإبداع الفني بكافة أشكاله وتعبيراته.
من جهته، أوضح الكاتب والناقد المسرحي أحمد مسعاية، في عرض حول “المسرح الشاب بالمغرب، جمالية جديدة”، أن تاريخ المسرح المغربي الحديث، الذي عرف بداياته الحقيقة خلال فترة الحماية، انتقل عبر مراحل مختلفة طبعت الإبداع المسرحي بالمملكة.
واعتبر الكاتب أن سنوات الثمانيات من القرن الماضي عرفت ظهور جيل جديد مع إحداث المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، واتخاذ مجموعة من التدابير لفائدة المسرح أدى إلى إعطاء نفس جديد للمسرح المغربي.
واستعرض الأستاذ مسعاية التدابير التي ساهمت في هذه الطفرة من قبيل استفادة الفرق المسرحية من دعم وزارة الثقافة ومن التغطية الصحية ومن بطاقة الفنان، مشيرا إلى بروز جيل مسرحي حرص على تنويع أشكاله الجمالية وعلى أن تكون له رؤيته الفنية الخاصة.
أما حسن حبيبي أستاذ الصحافة والإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بالدار البيضاء فقد أكد أنه لا يمكن الحديث عن التراكمات الفنية للمسرح المغربي والعربي عموما، دون الحديث عن الطيب الصديقي الذي” يعد بحق علامة بارزة في ذاكرته وتاريخه”.
وأبرز أن الطيب الصديقي اعتلى عرش المسرح عبر إسهاماته المتعددة في تحديث الفرجة العربية وتأصيلها، وذلك من خلال طرحه لمجموعة من القضايا من أبرزها مساءلة المسرح العربي والدعوة إلى تحريره من هيمنة النص الغربي بمفهومه التقليدي، وتبني دراما تستند إلى الوعي بالذات والعودة إلى التأصيل واستثمار الموروث.
وتوقف الأستاذ حبيبي، في عرض حول دينامية اللغة البصرية في المسرح، الطيب الصديقي نموذجا”، عند الشكل المسرحي وأهمية النص المعروض بدل المكتوب باعتباره الأقدر على تحقيق الأثر الدلالي في بنية الخطاب المسرحي، مشيرا إلى أن عرض الطيب الصديقي تتفوق فيها العناصر الفنية والتقنية على العناصر الفكرية والدلالية.